سلامات يا أستاذ سعد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلامات يا أستاذ سعد

نشر فى : الأحد 13 أبريل 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 13 أبريل 2014 - 8:00 ص

الكاتب الكبير سعد هجرس يرقد الآن فى مستشفى المركز الطبى العالمى يتلقى العلاج من المرض اللعين الذى هاجم رئته بضراوة قبل أكثر من تسعة أشهر.

مساء الثلاثاء الماضى اتصلت به للاطمئنان عليه والاعتذار له عن تقصيرى تجاهه، رغم كل آلام المرض كان صوته متفائلا وقال لى إن عمرا جديدا انكتب له بعد ان حقق أطباء المستشفى ما يشبه المعجزة وانقذوه من الموت مرتين فى الأيام الأخيرة.

المرض الذى هاجم سعد هجرس هو نفس المرض الذى ضرب ويضرب الصحافة المصرية منذ سنوات، ولو لم تحدث معجزة فإن هذه الصحافة سوف تخمد لسنوات طويلة بفعل السرطان الذى يستشرى فيها.

سعد هجرس نموذج مشرف للصحفى المحترم وصاحب المبدأ وغير المتلون والمقاتل والمصرى حتى النخاع، وقبل ذلك وبعده هو رجل المنطق والعقل.

هجرس رجل لا يتوقف عن الابتسام خافت الصوت مهذب يقنعك بالحجة ولا يرفع صوته كما يجهر أو ينبح كثيرون.

مرض سعد حرم أعمدة الصحف وستديوهات الفضائيات من صوت عاقل فى زمن صار فيه الصراخ هو المعيار الرئيسى للوطنية، والشتائم البذيئة هى الحجة المهنية الأقوى. هجرس من القلائل الذين ينالون احترام الجميع حتى لو كانوا خصوما له.

عرفت هذا الرجل النبيل وأنا أعمل مع المحترم الراحل الدكتور فتحى عبدالفتاح فى مركز الدراسات والأبحاث فى دار التحرير «الجمهورية والمساء» عام 1993 قبل ان يطردنى رئيس مجلس الادارة وقتها سمير رجب من المكان بحجة «أننى خطر على الأمن»، ثم تعمقت معرفتى بالاستاذ سعد فى جريدة العالم اليوم عندما كانت فى مقر المهندسين وتضم كل نجوم الصحافة المصرية تقريبا.

كثيرون سقطوا فى اختبار الحياة بعد ان كنا نظنهم ملائكة، لكن هجرس ظل واحدا من قلائل لم يتلونوا طبقا للأجواء ،ولم ينافقوا ولم يتحدثوا أبدا عن «حكمة رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير» كما فعل الكثير من المنافقين.

فى امتحان الثورة سقط الكثيرون أيضا، لكن هجرس ظل محافظا على الرؤية الوطنية العاقلة والمحترمة التى تركز على خطاب العقل والمنطق وليس خطاب العاطفة والخرافة.

أثناء حكم الإخوان انتقد هجرس الكثير من اخطائهم، لكنه لم يتحول إلى «هتيف» يتحدث عنهم بالباطل، وبعد ان أزاحهم الشعب من الحكم،كشف الكثير من عوراتهم وخطورتهم بالمنطق والمعلومة والتحليل الموضوعى، ولم ينجرف فى التيار العارم الذى اعتمد لغة السب والشتم.

نموذج هجرس هو أكثر ما نحتاجه هذه الأيام وفى الأيام المقبلة، مصر لا تحتاج للهجامة وبلطجية الإعلام الحديث، هى تحتاج إلى أشخاص يخاطبون عقول الناس لا غرائزهم.

هجرس تركنا مجبرا وذهب إلى العلاج وكان المشير السيسى كريما معه وقرر علاجه على نفقة القوات المسلحة فى يناير الماضى لمدة ثلاثة أشهر.

الآن خرج السيسى من الجيش، وقرار استكمال العلاج يحتاج قرارا روتينيا يصدق عليه الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع الجديد، وهو ما نثق انه سيتم قريبا ان شاء الله، حتى يعود سعد هجرس إلينا والى قرائه ومشاهديه فى أسرع وقت.

وختاما.. ألف سلامة يا استاذ سعد

عماد الدين حسين  كاتب صحفي