تجديد السياسة لمقاومة الإرهاب - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجديد السياسة لمقاومة الإرهاب

نشر فى : الخميس 13 أبريل 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الخميس 13 أبريل 2017 - 9:30 م
تتوالى العمليات الإرهابية الإجرامية التى يقوم بها التكفيريون الدواعش ضد عموم المصريين وضد المواطنين المسيحيين خاصة فى استهداف متوالٍ قام هؤلاء القتلة بالتنظير له واعتبار أن المسيحيين فى مصر هم أهل حرب يجب قتالهم، وتوالى الاستهداف فى العريش مما نتج عنه نزوح عدد غير قليل من المواطنين المسيحيين خارج سيناء، وسبق ذلك تفجير الكنيسة البطرسية بقلب القاهرة، إلى أن باغتنا المشهد الدموى الأخير فى طنطا والإسكندرية باستهداف اثنتين من أكبر الكنائس المصرية.

فى كل مرة يتحدث الجميع عن تجديد الخطاب الدينى ويصب بعضهم جام غضبه على الأزهر ويحمله المسئولية ويتبارى الجميع فى المزايدات وتمر الأحداث وننشغل بهموم الحياة وتفاجئنا عملية إرهابية جديدة تحرق قلوبنا ونحن نرى الأبرياء يسقطون بأيدى هؤلاء المختلين أعداء الدين وأعداء الحياة.
***
لا أحد يتحدث عن تجديد السياسة، لا أحد يربط بين المجال العام المغلق فى مصر وبين تصاعد الإرهاب وتمكنه من الوصول للدلتا وضرب المصريين فى العمق، كل من يقترب من هذه المساحة يتم اتهامه أنه يختلق المبررات للإرهابيين وأنه يزايد على الدولة، رغم أن مربط الفرس يكمن فى تعليل الداء وعدم اختلاق شماعات تتسبب فى تمييع القضية واستمرار الوضع على ما هو عليه بل تفاقمه للأسوأ.
تنفذ داعش مخططا يهدف لإثارة الفتنة بين المصريين لهدم الدولة وتمزيقها كما حدث فى العراق بإثارة الفتنة بين الشيعة والسنة وإشعال الاقتتال الأهلى بين الناس وإسقاط الدولة فى بحار الفوضى والتشتيت والكراهية.
الإصدار المرئى الأخير لدواعش سيناء حول عمليات الغدر والقنص التى يقتلون بها جنودنا المرابطين فى ثغورهم فى سيناء يوضح أن هناك تطورا نوعيا فى تسليح هؤلاء القتلة يصاحبه إعداد انتحاريين تسللوا لديارنا وقاموا بتفجير المصلين وهم بين يدى الله فى خسة وحقارة لا مثيل لها.
كيف استطاع هؤلاء تجنيد كل هذه الأعداد وغسل أدمغتهم ليعتقدوا أن سفك دماء الأبرياء قربة إلى الله؟ السؤال الذى يجب أن نسأله لأنفسنا ما هى البيئة التى ساعدت على انتشار أفكار هؤلاء؟ وما هى الظروف التى سمحت لهم بالتمدد والاعتماد على المظلومية لشحن القلوب وتجنيد الشباب وإطلاقهم علينا كوحوش ضارية تنهش فى الجميع؟
نحن أمام خطر بالغ فقد صرنا لا ندرى أى واحد منا ستصيبه رصاصات هؤلاء وتفجيراتهم، وأيا كانت الخطط الأمنية فماذا ستفعل مع قنبلة متحركة تتخفى بين الناس وتقرر فى لحظة ما الانتحار لإسقاط أكبر عدد من الضحايا وإثارة الرعب والفزع بين الناس. هل نعتقد أن فرض حالة الطوارئ ستمنع هؤلاء عن إجرامهم؟ هل نعتقد أن الانتحارى سيؤثر عليه نوع المحاكمة التى سيلقاها مدنية أو عسكرية وهو قد قرر الموت مسبقا لنفسه؟
إن مواجهة الإرهاب أمنيا وعسكريا لا غنى عنها لكن متى نواجهه سياسيا؟ ومتى نفتح المجال العام وأبواب الحوار وتبادل الآراء وتفنيد أفكار التكفيريين فى وسائل الإعلام؟ متى ننقذ آلاف الشباب من التحول لإرهابيين عبر إشراكهم فى الحياة العامة وتنمية الانتماء الوطنى فى نفوسهم حتى يكوِّنوا جدار صد ضد هذه الأفكار.
***
الإرهابى شخص لم تساعده بيئته على التعلم الجيد لصحيح الدين وقبول الآخر؟ هل تعتقد أن عضوا فاعلا فى اتحادات الطلاب أو الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدنى سيتحول إلى قاتل؟ هل تظن أن من تعلم عزف الموسيقى وتذوق الأداب والفنون سيفجر نفسه أم سيقبل على الحياة ويحب الناس؟
نحن أمام لحظة فارقة يستوى فيها الجميع المؤيد للسلطة والمعارض لها، كلنا مستهدفون من قبل هؤلاء القتلة ولا بديل عن التوحد المجتمعى والانصهار مرة أخرى كشعب واحد للتصدى لهؤلاء وإفشال مخططهم بإسقاط مصر.
حل معضلة السياسة يفتح الباب لمواجهة الإرهاب، الناس هى الحل، أعيدوا الناس للمشاركة العامة والشعور بملكية الوطن والذود عنه حتى يمكننا عزل هؤلاء المجرمين وتضييق الخناق عليهم وكسر شوكتهم للأبد.
يجب ألا يخاف الناس وألا يشعروا أن الإرهابيين قد استطاعوا تضييق العيش عليهم بحالة الطوارئ التى ستتسبب بلا شك فى مزيد من التردى الاقتصادى وتنفير المستثمرين وهروب رءوس الأموال وإجهاض محاولات إنعاش السياسة وطمأنة العالم ليأتى الناس إلى مصر بلا خوف أو شعور بالخطر.
تحية إجلال لكل جندى مصرى مرابط على الحدود يفتدى بروحه هذا الشعب ويقف بجسده حائط منع من وصول هؤلاء لبيوتنا وأهلينا، أما إخواننا المواطنون المصريون المسيحيون فنقول لهم نعلم مصابكم ونقدر فجيعتكم ونقف جميعا فى مواجهة هذه الهجمة الظلامية.
نجدد ديننا وننزع عنه الخرافات ودعاوى الكراهية والاستعلاء على الناس وننقى مناهجنا التعليمية ونجفف منابع التطرف بعقلانية وموضوعية، ونراجع أنفسنا بعد سنوات من النهج السياسى الذى سلكناه ونعود للطريق الصحيح الذى ابتعدنا عنه، نفتح المجال السياسى وننهى فكرة الرأى الواحد وتخوين المخالف ونرفع المظالم ونتوجه للشعب بخطاب جديد يحمل روحا مختلفة تجعل الناس هى الحل ليتراصوا جميعا عن قناعة للدفاع عن وطنهم.
***
سننتصر على الإرهاب حين نغير البيئة التى صنعته، الإرهاب يهدف لتركيع مصر وإذلالها وهذا ما يجب أن نرفضه ونقاومه، فلنغير الأفكار والاستراتيجيات لتتغير النتائج ويحدث الاتزان المطلوب، هذه مصر التى يجب أن تستيقظ عن بكرة أبيها وتحارب خفافيش الظلام بالعدل والحرية والكرامة الإنسانية وبناء الإنسان. يارب فرج قريب!

 

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات