فى المرآة العربية! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى المرآة العربية!

نشر فى : الجمعة 13 أبريل 2018 - 8:55 م | آخر تحديث : الجمعة 13 أبريل 2018 - 8:55 م

«العرب يتمنون أن يحدد قادتهم الذين سيحضرون قمة الظهران غدا، موعدا مع العزم والحزم ويعقدوا النية على بلورة مواقف موحدة تعزز استقرار بلدانهم وترفض التدخلات الخارجية فى شئونهم وتفعل دورهم فى قضايا منطقتهم».. عندما تقرأ هذا الكلام الذى نشرته إحدى الصحف الخليجية فى افتتاحيتها، فإنك لا تملك أن تأخذه على محمل الجد، وإنما عليك النظر إليه على أنه نوع من «الحديث البروتوكولى» الذى يتكرر كل عام فى مثل هذه المناسبة التى فقدت أهميتها ورونقها وحيويتها منذ زمن بعيد.

فالدول العربية التى تبدأ أعمال قمتها التاسعة والعشرين فى السعودية غدا، أقرب ما يكون إلى ذلك الوصف الشهير، الذى أطلق على الدولة العثمانية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وهو «الرجل المريض»، الذى فقد صحته وقوته ومهابته وقدرته على الفعل، ودفعت حالته المزرية الجميع إلى التلاعب به كل يوم، والتخطيط لاقتسام أملاكه وثرواته وفى بعض الأحيان «إذلاله».
الوضع العربى الراهن بكل تعقيداته ومشاكله وأزماته، لم يعد يصلح معه مثل تلك القمم، التى يلقى فيها الكثير من المتحدثين خطبا عصماء كلماتها منمقة وجملها موزونة، لكنها تخلو من أى رؤى واقعية وتصورات حقيقية واستراتيجيات محددة، لمواجهة التحديات التى تفرض نفسها على الجميع، فتتحول إلى مجرد أحلام لا سبيل إلى تحققها، ثم إلى «عناوين زاعقة» لوسائل الإعلام فى بلدانهم، يتم نسيانها بعد دقائق معدودة من قراءتها.

كيف يمكن لقمة الظهران حماية الأرض العربية المحتلة فى فلسطين من دنس الاحتلال الصهيونى والوقوف فى وجه جرائمه اليومية ضد الفلسطينيين، ومواجهة القرار الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والكثير من دول المنطقة تسعى بشكل فج إلى مد جسور التعاون مع دولة الاحتلال، ومغازلة سيد البيت الأبيض بالصفقات المليارية، حتى يرضى عنهم ويؤمن الحماية لعروشهم؟.

كيف يمكن للدول العربية مواجهة التحرش الأمريكى الحالى بسوريا، ووقف المجازر الدامية التى تشهدها هذه الدولة العربية المهمة منذ 7 سنوات، والكثير من العرب يحرضون واشنطن على ضرب دمشق، وبعضهم يبدى استعدادا للمشاركة فى القصف المرتقب، والبعض الآخر لا يتوانى عن إرسال «سفراء جهنم» من المتطرفين لنشر العنف والدمار فى أرض الشام؟.

هل يستطيع العرب الحفاظ على وحدة ليبيا ومساندة جيشها الوطنى ودعم الحل السياسى لأزمتها الممتدة منذ سنوات، وبعضهم لا يزال يرسل السفن المحملة بالسلاح، وينفق المليارات على دعم المتطرفين فيها من أجل تفتيتها وتحويلها إلى جزر عنف متنقلة تهدد جيرانها وتسبب حالة من عدم الاستقرار فى محيطها الإقليمى والدولى؟.

كيف يمكن للعرب الحديث عن ضرورات الوحدة وحقوق الجيرة والأخوة، وبعضهم لا يتوانى عن قصف شعوب أخرى بالطائرات ليلا نهارا، ويطلقون الصواريخ على مدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم من دون أى وازع دينى أو ضمير، كما أن البعض منهم يفتح أراضيه وقواعده لقوى خارجية تضمر الشر والكراهية لكل ما هو عربى؟.

هل يستطيع العرب مواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وبعضهم لا يزال يوفر ملاذات آمنة لجماعاته وعناصره، ويدعمهم ماليا وإعلاميا ويعتبرهم «ثوارا مجاهدين»، وهم ليسوا أكثر من «بنادق للإيجار»، يتم استخدامهم لكى يسيلوا الدماء وينشروا العنف والتطرف فى الدول العربية الأخرى؟.

إذا كان العرب قادرين بالفعل على النظر فى المرآة، والإجابة عن هذه التساؤلات قبل الذهاب إلى قمة الظهران، فليفعلوا ذلك حتى يستطيعوا «بلورة مواقف موحدة تعزز استقرار بلدانهم وترفض التدخلات الخارجية» كما تمنت عليهم تلك الصحيفة الخليجية، أم إن لم يفعلوا ــ ولن يفعلوا بالطبع ــ فليس عليهم سوى تكرار ما يحدث كل عام من تلك الخطب والتصريحات الرنانة عن الوحدة والمصير المشترك، وأن يكتفوا بإطلاق وصف «القمة التاريخية» على ما حدث من إزعاج لـ«الرجل المريض».

التعليقات