لا مفر: فقه جديد أو... - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا مفر: فقه جديد أو...

نشر فى : الخميس 13 يوليه 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الخميس 13 يوليه 2017 - 9:45 م
يعيش المسلم هذا العصر عيشة قلقة وتزداد عوامل القلق والضيق يومًا بعد يوم حتى لا يستطيع أحد أن ينكرها ولا يستطيع الجميع أن يحصروا ما زحم الأفق حولهم من ضيق وانسداد.
وأبرز ما يعانى منه مسلم، اليوم، مشكلتان أولهما: إحساس صادق بعدم دخوله تحت مظلة الشرع، والأخرى: واقع واضح أن أمته آخر الأمم من حيث الجدوى وأضعف الأمم من حيث فقدان مكانتها اللائقة بها وأكثر الأمم فرقة وأعجز الأمم عن الخروج إلى النور.. نعم فلازال الوحى والنور المبين غريبًا مهجورًا..
ــ فالقاتل والمقتول كلاهما مسلم يتوهم كل منهما أنه أصح تدينًا!!!
ــ والسارق والمسروق كلاهما مسلم يتوهم كل منهما أنه مضطر!!!
ــ والراشى والمرتشى كلاهما مسلم يظن كل منهما أنه على سوى التصرف!!!
ــ والمفتى والمستفتى يحتكمان إلى أقوال البشر وإن خالفت قيم الوحى والنصوص!!!
ــ والمعلم والتلميذ لا يدرك أحدهما الواجب الملقى عليه ولا الوجهة التى يجب السير فيها!!!
ــ والطبيب والمريض لا يعبأ أحدهما بالفطرة وجدارتها فى الوقاية والعلاج!!!
وحتى لا أطيل فهل بقى لدى الأمة ما تعبد به ربها غير الشعائر وهل أطعمت الأمة نفسها أو سدت ثغرة من ثغرات حياتها؟!
فالمسلم لا ينتج طعامه وشرابه ولباسه.. فهل يستطيع أن يحمى نفسه أو ينصر مظلوما؟ هذا هو بين القصيد...
ولهذا يجب أن نقرر أن الوحى الإلهى محفوظ بإرادة الله لا يأتيه من بين يديه ولا خلفه، وأن البيان النبوى محفوظ بالتصاقه بالقرآن والسير فى فلكه. ولكن أين الفقه والاستنباط؟ وأين نتاج هذه السنة الإلهية؟
أ‌ــ ((بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ۚ ولكم الويل مما تصفون)) فماذا يعرف المسلم من معايير الحق والخير والجمال التى جاء بها القرآن؟
ب‌ــ وأين الحراك العملى المتخصص فى الحرف والمهن والوظائف لتنتفع بما خلقه الله لنا ((..ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض..)) فالأراضى لدى العالم الإسلامى ما أكثرها والمياه ما أوفرها ولكن الضحالة كل الضحالة فى الرجولة والعزيمة والمسئولية والضمير.
إن هجر الأمة للقرآن قد تزايد واتسعت آفاقه حتى فى المؤسسات المتخصصة فى القرآن فقد صار انتاجها متباعدًا عن قيم القرآن ومبادئه ومنصرفًا عن حكمة البيان النبوى.. إنتا يحقق زهد الآخرين فيما أنزله الله.
الأمة ــ كل الأمة ــ أحادها قبل مجتمعاتها وشعوبها قبل حكوماتها.. الجميع مطالب بأن ينزع عن نفسه قيود الهم والحزن، وأن يتخلص من سلبيات العجز والكسل، وأن يتخلص سريعًا من عار الجبن والبخل وأن يُحمل نفسه مسئولية الخروج من أسباب الفقر والدين.. تلك الأسباب التى تقهر الرجال وتعجز الإنسانية وتؤخر الأمة.
لا مفر من عودة إلى بساطة القرآن وسماحته، ولا صبر عن البعد عن نور النبوة وضياء بيانها. لا مفر عن استنباط أصول فقه جديد من نصوص القرآن وصحيح السنة، لا مفر من إنشاء منظومات متكاملة من القيم والمبادئ القرآنية والنبوية تفوق وتعلو على ما لدى الحضارات الأخرى من سياسات السلام والإعمار والأمن والأخلاق والإنسانية الشريفة.

 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات