اللاجئون وعملية السلام فى جنوب السودان - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللاجئون وعملية السلام فى جنوب السودان

نشر فى : الجمعة 13 يوليه 2018 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 13 يوليه 2018 - 9:55 م

نشرت مؤسسة «institute for security studies» مقالا للكاتب Tsion Tadesse Abebe يتناول فيه دور اللاجئين فى تحقيق السلام والاستقرار فى جنوب السودان والقضاء على النزعة العرقية التى تعتبر السبب الرئيسى للصراعات فى المنطقة. فبحكم تجاربهم فى المنفى وتعاملهم مع جماعات عرقية مختلفة وقدرتهم على استيعاب الاختلاف والتنوع ــ يمكن أن يساهموا بشكل إيجابى فى البحث المستمر لتحقيق السلام.
يستهل الكاتب حديثه بأن التاسع من يوليو الجارى صادف الذكرى السنوية السابعة لاستقلال جنوب السودان، والتى دار فيها صراعات لما يقرب من أكثر من أربع سنوات. حيث أدى الخلاف بين الرئيس السابق سلفا كير مايارديت (المنتمى إلى قبيلة الدينكا) ونائبه رياك مشار (المنتمى إلى قبيلة النوير) إلى اندلاع الصراع فى عام 2013.
وسرعان ما أخذ الصراع بُعدا عرقيا، والذى أصبح منذ ذلك الحين ــ أى البعد العرقى ــ أحد العوامل الرئيسية التى تغذى التوترات. بالإضافة إلى العوامل الأخرى التى تشمل الفقر والمجاعات والتنافس على الموارد القليلة نسبيا وانتشار الأسلحة الصغيرة. إن نزع فتيل الصراع القبلى هو نقطة البداية الحاسمة لوقف إطلاق النار الذى يمكن أن يعيد السلام إلى جنوب السودان.
يضيف الكاتب أن اللاجئين من جنوب السودان، رجالا ونساء، من الممكن أن يساهموا بشكل إيجابى فى البحث المستمر لتحقيق السلام، ويرجع ذلك أساسا إلى تجاربهم فى المنفى، حيث يعيشون جنبا إلى جنب مع جماعات عرقية مختلفة. كما أن تجاربهم غالبا ما تجعلهم يستوعبون اختلافات الأفراد، ويمكنهم ذلك من المساعدة فى تغيير مواقف الأفراد وتشجيع المواطنين على التفاعل حتى مع الأعداء.
وقد تسببت هذه الصراعات فى إلحاق أضرار بالغة بالدولة، بما فى ذلك كونها تسجل واحدة من أعلى حالات النزوح فى القارة، مع وجود 2.4 مليون لاجئ و2 مليون نازح داخلى. فى عام 2017، أعلنت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) أن وضع اللاجئين فى جنوب السودان كان أسرع أزمة نزوح فى العالم. حاليا، يمثل جنوب السودان أكبر دولة فى إفريقيا من حيث عدد اللاجئين، والثالث على مستوى العالم. يتم استضافة معظم اللاجئين فى البلدان المجاورة بما فى ذلك أوغندا وإثيوبيا وكينيا والسودان، كما تشكل النساء والأطفال الأغلبية.
***
من الجدير بالذكر الإشارة إلى أنه تم توقيع اتفاقيات سلام مختلفة بين أطراف الصراع، بما فى ذلك اتفاقية عام 2015 بشأن حل النزاع فى جمهورية جنوب السودان واتفاق وقف الأعمال العدائية لعام 2017، ولكن لم ينجح أى منها. وفى يونيو الماضى، وقع كير ومشار اتفاق سلام الخرطوم الذى أعقبته اتهامات بانتهاك من الجانبين. ولإحياء اتفاق السلام الذى وقع فى 2015، تم إنشاء منتدى إعادة التنشيط رفيع المستوى فى ديسمبر 2017، مع عقد اجتماعين فى فبراير ومايو 2018. وترجع أهمية المنتدى إلى الشمولية النسبية كونه يعزز مشاركة مختلف أصحاب المصالح، بما فى ذلك اللاجئين.
صرح «فونى جى ﻓﻮنى» ــ ﻣﻤﺜﻞ اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع اﻟمنتدى الثانى ــ ﻗﺎئلا: إن اﻟﻼﺟﺌﺎت ﻳﻤﻜنهن اليوم أن يساهمن فى ﺗﻔﻜﻴﻚ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ فى ﺟﻨﻮب اﻟﺴﻮدان، والتى تعد أﺣﺪ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ التى ﺗﺆﺟﺞ اﻟﺼﺮاع.
فاللاجئات من النساء يأخذن أدوارا قيادية لضمان بقاء أسرهن فى بلدان اللجوء. واستطرد قائلا إنهم: «يجب أن يعيشوا ويعملوا مع الآخرين من المجموعات العرقية المختلفة وأن يسمحوا لأطفالهم باللعب مع بعضهم والذهاب إلى المدرسة، وتنحية الانتماءات القبلية جانبا». كما أن أهمية مشاركة المرأة فى منع نشوب الصراعات وتسويتها وكذلك بناء السلام أمر يؤكده قرار مجلس الأمن 1325 وإعلان الاتحاد الأفريقى الرسمى بشأن المساواة بين الجنسين فى إفريقيا.
ويضيف الكاتب أنه يمكن للنساء اللاجئات فى جنوب السودان اللواتى يتبنين فكرة وجود عالم بدون حدود عرقية أن يكون لهن تأثير قوى على عملية السلام. وبوصفهن أمهات، تقوم النساء بتشكيل هويات الأطفال، وأدوارهم المنظورة للجنسين واستجاباتهم المقبولة اجتماعيا للصراع. إن تجارب اللاجئين فى العيش جنبا إلى جنب مع مجموعات عرقية أخرى وحتى الأجانب توسع من مداركهم وتجعلهم أكثر تقبلا للتنوع.
ويضيف «سيمون إم تولونج»، ممثل آخر للاجئين فى منتدى إعادة التأهيل رفيع المستوى» إذا بقيت فى قريتى مع قبيلة النوير، فسأفكر أن النوير هم الأفضل على وجه الأرض. ومع ذلك نشأت فى مخيم للاجئين، ولعبت وتفاعلت مع أطفال من قبائل أخرى، وزرت عائلاتهم وأكلنا معا. كل هذا من شأنه أن يغير وجهة نظرى تجاه القبائل الأخرى».
***
كما أن التعليم فى بلدان اللجوء يساهم فى إعداد النساء للمساهمة أكثر فى حل النزاعات وبناء السلام. فى حين أنه فى الداخل كانت فرص التعليم للمرأة محدودة بسبب المعايير الثقافية والحرب الأهلية. ويضيف «فونى» أنه إلى جانب توفير العلم والمعرفة، توفر المدارس بيئة جيدة لتفاعل النساء مع الطلاب من خلفيات وبلدان مختلفة، مما يقلل مرة أخرى من المركزية العرقية. حتى أولئك اللاجئين الذين لم تتح لهم الفرصة للالتحاق بالمدرسة، قاموا بتطوير مهارات مثل إدارة الأعمال الصغيرة، والتى تنطوى على التفاعل الذى يتجاوز فكرة القبلية.
علاوة على ذلك، ولأنهم يجب أن يحافظوا على أسرهم من خلال ممارسة العمل الشاق، ينظر إلى العديد من اللاجئات فى جنوب السودان على أنهم أبطال، ويحقق بعضهم الاعتماد على الذات اقتصاديا. وهذا أيضا يجلب إحساسا كبيرا بالتمكين الذى يمكن أن يؤدى إلى تحسين الوضع الاجتماعى ويمنحهم أيضا فرصة أقوى للتأثير بما فى ذلك فى نزع فتيل القبلية.
هذه التجارب من شأنها أن تعد اللاجئين ليلعبوا دورا محتملا لنزع فتيل المواقف العشائرية فى عمليات السلام مثل منتدى إعادة التأهيل رفيع المستوى. ومع ذلك، فى حين أن السماح للاجئين بالمشاركة فى المنتدى يعد لفتة جيدة، إلا أن دورهم يقتصر حاليا على وضع «المراقب» وتُقدم مساهماتهم كجزء من مساهمات «المجتمع المدنى». كما أن المشاركة المباشرة للاجئين مع كبار اللاعبين السياسيين فى اجتماعات المنتدى اقتصرت على اجتماعات الهامشية فى الممرات وأثناء الاستراحات. ومع ذلك، استغل اللاجئون تلك الفرص لتبادل الأفكار للتعبير عن وجهات نظرهم.
وختاما يضيف الكاتب أنه بالنظر إلى الإسهام الحقيقى الذى يمكن أن يقدمه اللاجئون، رجالا ونساء على حد سواء، يجب على منتدى إعادة التنشيط رفيع المستوى أن يسمح فى المستقبل بالمساهمات المباشرة. ويجب على قادة جنوب السودان تجاوز اختلافاتهم العرقية والتركيز على إيجاد أرضية مشتركة يمكن أن تؤدى إلى وقف إطلاق النار واستعادة السلام فى البلاد.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى

التعليقات