الثانوية العامة.. التعليم والثقافة! - إيهاب الملاح - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثانوية العامة.. التعليم والثقافة!

نشر فى : الجمعة 13 يوليه 2018 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 13 يوليه 2018 - 9:55 م

مبروك لكل ناجح فى امتحانات شهادة الثانوية العامة التى أعلنت أول من أمس، وألف مبروك لكل من أقر نظامُ التعليم والامتحانات المطبق حاليا بأنه متفوق وحاصل على مجموع تسعين فى المائة (البعض يرتفع بها إلى خمسة وتسعين) فيما فوق.. وأدعو لكل طلابنا وطالباتنا بالنجاح والتوفيق ومستقبل أفضل من سابقيهم.. يا رب!
وفى هذه المناسبة دائما ما أسجل بضع ملاحظات وهوامش على دفتر التعليم والثقافة والثانوية العامة فى مصر؛ مجرد ملاحظات لا تعنى فقط إلا صاحبها؛ محاولة للفهم والتأمل والبحث عن أفق للخروج من نفق أزمة التعليم والثقافة الذى طال أكثر مما ينبغى:
ــ ليس هناك أى ارتباط بين درجة الوعى ومستوى التعليم الحاصل، رب أشخاص حاصلون على أعلى الدرجات العلمية، ومستوى وعيهم العام أقل من مقبول!
ــ أى نسبة مئوية لمجاميع الثانوية العامة لا تعكس أبدا المستوى الحقيقى للتفوق والابتكار الأصيل.. واسألوا عن المائة الأوائل على الثانوية العامة فى الخمسين سنة الأخيرة.. أين هم؟ وإلامَ صاروا؟ وكم منهم ثبت نبوغه وتفوقه على الحقيقة لا المجاز؟
ــ من الأوهام القارة الراسخة فى الثقافة المصرية ترديد مقولة «قمة وقاع».. ليس هناك كليات قمة وأخرى قاع! ثق أنك أنت الذى تصنع بإرادتك الحرة ووعيك اليقظ «قمة» أو «قاع» دراستك إذا شئت.. وأما الفصل الغبى المتعسف بين القسمين «العلمى» و«الأدبى»، وتسييد فكرة أن الملتحق بالقسم العلمى هو الأكثر ذكاء ونباهة وتفوقا، وأن القسم الأدبى «جراج» لإلحاق أنصاف الموهوبين والعجزة وضعيفى التحصيل فهذه أكذوبة أخرى ووهم كبير!! وإذا لم تصدقونى فهاتوا الدفاتر المنسية وراجعوا أرقام ودرجات وتقديرات من اعتبرتوهم متفوقين وفق نظام التربية والتعليم فى القسمين معا!
ــ فى التعليم نحن لم نصل إلى نظام مؤسساتى شامل يمكن حال وجوده الادعاء بأن هذه المؤسسة أو غيرها قادرة على إعمال قواعد المنهج والتفكير الحر وتخريج طلاب وطالبات يحققون الحد الأدنى من أهداف التعليم المقررة فى هذه المؤسسة أو تلك! كلا. ليس لدينا هذا ولما نصل إليها بعد! وبالتالى فالمقدرة والتفوق وإثبات كفاءة حقيقية قرينة بالفرد والتجربة الفردية، وبكفاحه الذاتى وتحصيله الشخصى، ومن يعول على غير ذلك فلن يحقق شيئا.
ــ لا بد أن نعترف أن بين كل مائة يقومون على العملية التعليمية والتدريس للطلاب فى التعليم العام (وحتى الخاص)، لن تجد ما يزيد على أصابع اليد الواحدة يحقق نموذج «الأستاذ» و«المدرس» كما نتمناه ونحلم به.. الجامعات والمعاهد مكدسة بآلاف ممن يسبق أسماءهم حرف الدال وأتحدى أن يكون عشرة فى المائة منهم مستوفين للوازم ومقتضيات التدريس؛ نفسيا وعصبيا وذهنيا، وأن يكونوا مؤهلين كامل التأهيل بما فى ذلك القدرة على التفاعل مع الطلاب والتواصل معهم والتعبير عن الذات والانفتاح على دوائر معرفية خارج دائرة تخصصه!
ــ وللأسف الشديد أيضا فإن أغلب من يقومون بالتدريس فى مراحل التعليم الأساسى (سواء فى ذلك العربى أو الإنجليزى، التجريبى أو الخاص.. إلخ) يعتمدون طرائق التلقين والاتباع والاجترار والحفظ واستدعاء المعلومات لا البحث عنها!.. لا أحد يجرؤ على تنشيط خلايا التفكير والنقد والمراجعة والبحث، ومن يفعل فإن النظام التعليمى كله يلفظه فورا ويسكنه فى خانة الضعفاء والراسبين!..
ــ لا أستطيع استيعاب أن مواد مثل الرياضيات والعلوم يمكن أن تقوم على حفظ النماذج واتباع الخطوات من دون اعتماد التفكير والبحث عن حلول والتطرق أصلا إلى فكرة: كيف تذاكر؟ لا ماذا تذاكر؟
ــ ولا أستوعب أيضا أن طلابنا وطالباتنا منذ التحاقهم بالتعليم الأساسى وحتى الخروج منه إلى الجامعة لا يعرفون شيئا عن التفكير العلمى والمنهج والتعامل مع المشكلات، ويغيب عنهم مفاهيم بسيطة وبدهية مثل البحث وجمع المادة وقواعد المنهج فى البحث والتفكير.. إلخ كل هذا يتم التعامل معه باعتباره جزءا من منهج الفلسفة والمنطق فى الصف الثالث الثانوى فقط وفى حدوده وفى دائرته، وأما طلاب القسم العلمى والرياضيات فهذا الكلام بالنسبة لهم «لغو مبين».. وسامح الله الذين ارتكبوا هذه الجرائم فى تعليمنا طوال عقود وعقود.
وأخيرا.. فإن المشكل المزمن والأكبر الحاصل فى التعليم عموما أنه لا ينتج أشخاصا ذا رؤية ولا ثقافة ولا وعى، ولا حتى أشخاصا يمتلكون مهارات إنتاجية خاصة كما كان يوفره التعليم الفنى «الحقيقى» فى أزمان بعيدة!
التعليم هو الأساس.. التعليم كلمة السر فى خروجنا من أزماتنا كلها.. والله العظيم!