مشاهدة الجزيرة - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مشاهدة الجزيرة

نشر فى : الجمعة 13 نوفمبر 2015 - 11:40 م | آخر تحديث : الجمعة 13 نوفمبر 2015 - 11:40 م
بصوت يحمل مزيجا من اليقين والأهمية والدهشة يعلن مذيع قناة الجزيرة «مقتل ثمانية من مقاتلى حزب الله»، ويردف، على نحو يتظاهر بالموضوعية، برغم نبرات التشفى البادية، بوضوح، حين يردف: «جدير بالذكر أن عدد قتلى الحزب بلغ مائتى وخمسين مقاتلا منذ المشاركة فى الحرب السورية».. وفورا، يسأل المراسل «ما وقْع وتأثير نبأ مقتل هؤلاء الثمانية فى بيروت؟»، وبرغم أن إجابة المراسل لا تعبر عن إحساس اللبنانيين بالصدمة، فإن نبرة صوت المذيع الذى يسأل تترك فى نفس المشاهد شعورا أن حدثا جللا قد وقع.
هذا الكلام، يأتى مباشرة، عقب الخبر السريع، المتعلق بفك حصار مطار قطار كوديس ريف حلق، وهو الخبر الذى اكتفت الجزيرة بإذاعته مرتين، بينما الإعلان عن مقتل «مقاتلى» حزب الله تردد خمس مرات.. والملاحظ أن القناة تتحاشى وصف القوات التى فكت الحصار بأنها تابعة للجيش السورى، فتطلق عليها تسميات من نوع «مسلحى النظام»، أو «قوات النظام».. من ناحية ثانية، لا تستخدم تعبير «داعش»، بما يوحى به من سوء السمعة، وتستبدله باسم «تنظيم الدولة» وأحيانا «تنظيم الدولة الإسلامية».. من ناحية ثالثة، تردد بتوقير «القوات المسلحة القطرية تعلن عن مقتل أحد جنودها فى اليمن».

«الجزيرة»، قناة مؤثرة، تدرك تماما ما تريده، محترفة، لكن الاحترافية ليست بالضرورة تنطوى على ضمير يقظ، بل من الممكن أن تتجه نحو هدف مضلل، لا أخلاقى.. الاحترافية، فى جوهرها، هى إتقان العمل، التخطيط له بخبرة ودراية، ثم تنفيذه بدقة، سواء كان هذا العمل محترما أو متدنيا.. فكما يمكن القول ضابط شرطة محترف، مثل شارلوك هولمز، أو محقق محترف، مثل «بوارو»، بطل أجاثا كريستى الشهير.. يقال أيضا، لص محترف، ونموذجه الأمثل، أرسين لوبين.. أو نصاب محترف، ونماذجه منتشرة فى الحياة، والأدب، وعلى الشاشات الكبيرة والصغيرة.

قدرات «الجزيرة» لا شك فيها: مراسلون فى كل مكان. ملاحقة للأحداث فور وقوعها، بالصورة والصوت والتعليق.. مذيعون أذكياء، على مستوى ثقافى جدير بالاعتراف.. لغة عربية صحيحة وسليمة، طريقة متميزة فى الأداء اللفظى، قدرة على تلوينه بالانفعال المطلوب، من دون مغالاة أو خطابية، فضلا عن أرشيف بالغ الثراء، بالإضافة إلى معدين برامج مفعمين بالنشاط.. وثمة.. من قبل ومن بعد، ميزانية مالية بالغة السخاء.

مواجهة الجزيرة لن تجدى بتعدد قنواتنا، مهما بلغ عددها، فالعبرة، بالكيف وليس بالكم، وبالتالى، فالواجب، معرفة آليات وطريقة ومراكز قوة تلك القناة.

تحظى الجزيرة بشبكة اتصالات واسعة، وأجندة تتضمن أسماء سياسيين، باحثين، خبراء، أساتذة، فى جميع التخصصات، وعلى صعيد العالم.. فى برامجها، يشارك متخصصون من لندن، نيويورك، باريس، موسكو، القاهرة، وغيرها.. الاتصال يأتى بالصورة والصوت، وأحيانا، تقسم الشاشة الصغيرة إلى ثلاثة أو أربعة أو خمسة أجزاء، كل جزء يشغله متحدث، يستمع له الجميع، للرد عليه، إذ دعت الحاجة.

فى قنواتنا، أجندة الأسماء ضئيلة، محدودة العدد، والأدهى أن تقنية نقل الصورة ضعيفة، وأحيانا، يكتفى بالصوت، كما لو أننا أمام إذاعة مسموعة وليست مرئية.

بينما نغرق داخل مشاكلنا وذواتنا، تنفتح «الجزيرة» على آفاق واسعة، فالاهتمام باضطهاد مسلمى «ميانمار» ـ بورما ـ فى قنواتنا، بالغ الضآلة، بينما فى المحطة المنافسة، تفهم تحقيقات مع السكان هناك.. وفى إحدى نشرات الأخبار، تحدثت الجزيرة، بتكثيف، عن مذاكرات بوش الأب، الصادرة أخيرا، التى انتقد فيها، بقسوة، ديك تشينى ورونالد رامسفيلد، ولم يفت محرر الخبر إيراد رد رامسفيلد على ما جاء فى المذكرات.

فى شريط الأخبار المتواصل أسفل الشاشة، مكتوب «النيابة المصرية تقرر حبس ٦ بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وبينهم طفل فى الثالثة عشرة من عمره»، وأحيانا يأتى الخبر مصحوبا بشريط قصير لغلام، يتم دفعه لعربة مصفحة.. وثمة صورة فوتوغرافية لرجل الأعمال، صلاح دياب، مقيد الرسغين بالأغلال.. ومثل هذه الأخبار، والصور، لا يمكن الرد عليها، تليفزيونيا، ذلك أن تحاشيها أصلا، هو الأهم.. وهى مسئولية النظام والسلطات.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات