المجلس الاستشارى.. خلط أوراق وتضارب فى الاختصاصات - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 7:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المجلس الاستشارى.. خلط أوراق وتضارب فى الاختصاصات

نشر فى : الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 - 8:55 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 - 8:55 ص

خلط الأوراق وتضارب اختصاصات مؤسسات الدولة أصبحا السمة الأبرز للمشهد السياسى المصرى.

 

دليل أول: نبدأ فى انتخاب البرلمان الأول بعد الثورة والمكلف بمجلسيه (الشعب والشورى) تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، لنفاجأ بتعيين المجلس العسكرى لمجلس استشارى صلاحياته غير واضحة وبعض أعضائه يتحدث عن دور له فى تحديد معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية. لا يمكن اعتبار مثل هذا التدخل المحتمل للمجلس الاستشارى المعين فى تشكيل الجمعية التأسيسية إلا إجراء غير ديمقراطى ينتقص من صلاحيات البرلمان المنتخب الذى أطلقت التعديلات الدستورية (مارس 2011) يده فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية بالكامل من بين أعضائه المنتخبين أو بالكامل من خارج صفوفهم أو استنادا لأى خليط يتفق عليه يمزج بين من هم داخل البرلمان ومن هم خارجه. شخصيا رفضت التعديلات الدستورية وصوت بلا فى الاستفتاء، إلا أن الأغلبية أيدتها واحترام قواعد الممارسة الديمقراطية يقتضى الالتزام الكامل بها دون تحايل.

 

أتفهم تماما تخوف الكثير من المصريات والمصريين من سيطرة أحزاب وتيارات الإسلام السياسى على البرلمان المنتخب واستئثارها دون غيرها بتشكيل الجمعية التأسيسية ووضع الدستور. إلا أن السبيل الوحيد للتعامل مع هذا الخطر يتمثل فى ضغط الرأى العام ومجتمع المواطنين على الإسلاميين ودفعهم بعيدا عن محاولة الاستئثار بالدستور بغض النظر عن نسبة تمثيلهم بالبرلمان، وقناعتى أننا نستطيع أن ننجح فى ذلك إن بدأنا من اليوم وتوقفنا عن إضاعة الوقت فى نقاشات جانبية ومبادرات مآلها للفشل. فالانتقاص من صلاحيات البرلمان المنتخب واعطاء صلاحيات تشريعية لمجلس استشارى معين هما أمران ينبغى على كل مؤمن بالديمقراطية أن يرفضهما رفضا واضحا وألا يقبل المساومة على الانتصار لقواعد الديمقراطية وأولى هذه القواعد هى عدم التحايل على صندوق الانتخابات.

 

دليل ثانٍ: يكلف الدكتور الجنزورى من قبل المجلس العسكرى بتشكيل الحكومة الجديدة ويعلن عن إعطائه جميع الصلاحيات التنفيذية بما فى ذلك صلاحيات رئيس الجمهورية، باستثناء القضاء والجيش فيبقى عليهما للعسكرى. ثم بعد ذلك بأيام معدودة يعين العسكرى المجلس الاستشارى ويبرر التعيين بحاجة العسكرى لمن يقدم له المشورة فى إدارة شئون البلاد ووضع أطر المرحلة الانتقالية. أتوقف هنا أيضا أمام هذا الخلط الغريب لأسأل ماذا نصدق كمصريات ومصريين، أن العسكرى أعطى الصلاحيات التنفيذية للدكتور الجنزورى وأصبح الأخير مكلفا بإدارة شئون البلاد والمرحلة الانتقالية إلى أن ينتخب رئيس الجمهورية أم أن العسكرى مازال محتفظا بالصلاحيات التنفيذية ويريد مشورة خبراء المجلس الاستشارى إلى ينتخب الرئيس فى يونيو 2012؟ لماذا ينظر المجلس الاستشارى فى أمور كتعويضات أسر الشهداء والجرحى وأطر المرحلة الانتقالية ولدينا اليوم حكومة كاملة الصلاحيات التنفيذية والمفترض أن تنقل الصلاحيات التشريعية من العسكرى للبرلمان المنتخب ديمقراطيا؟ كنت أدعو لمجلس استشارى حين كانت صلاحيات حكومة الدكتور شرف منقوصة وتعمل كسكرتارية للمجلس العسكرى أم اليوم ومع حكومة ذات صلاحيات ومع قرب نقل السلطة فلا أجد سببا واحدا لتعيين المجلس الاستشارى.

 

خلط للأوراق وتضارب فى اختصاصات مؤسسات الدولة، وتحايل قبل أشهر من الانتهاء من نقل السلطة والصلاحيات التشريعية والتنفيذية من العسكرى لبرلمان منتخب ورئيس منتخب أربأ بأى مؤمن بالديمقراطية أن يورط نفسه به أو أن يعتقد أن مجلس استشارى معين من العسكرى هو السبيل الوحيد لمواجهة خطر استئثار الإسلاميين بالبرلمان وبوضع الدستور. ففى ذلك جوهر غير ديمقراطى واضح وقصور فى فهم طبيعة الدولة المدنية التى ننشدها.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات