أمريكا وإسرائيل .. الدور المتبادل - سمير كرم - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمريكا وإسرائيل .. الدور المتبادل

نشر فى : الجمعة 13 ديسمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 13 ديسمبر 2013 - 8:00 ص

«أمريكا هى اهم رصيد استراتيجى لإسرائيل». هذه العبارة الموجزة ولكن الدالة قالها أخيرا وزير المالية الإسرائيلى يائير لابيد. وهى ــ فيما أظن ــ تقلب المفهوم السائد عن اهمية إسرائيل لأمريكا وليس اهمية أمريكا الاستراتيجية لإسرائيل. وهذا ما يدعو إلى التأمل.

لقد كانت إسرائيل تكتسب المزيد من اهميتها الاستراتيجية لأمريكا طوال الوقت مع تطور الاحداث فى الشرق الاوسط. بل ان اهمية اسرائيل الاستراتيجية لأمريكا كانت ــ بلا ادنى شك ــ أحد اسباب استسلام الدول العربية واحدة بعد أخرى لما اعتبرته هذه الدول اهمية اسرائيل فى المنطقة. انها تنوب عن أمريكا وتمثلها وتقوم بدورها الاستراتيجى فى منطقة الشرق الاوسط. فما الذى حدث حتى انعكست الامور واصبح يقال ان أمريكا هى الرصيد الاستراتيجى الاكثر اهمية لإسرائيل؟

•••

الواقع انه منذ ان غزت الولايات المتحدة العراق بدا بوضوح ان الولايات المتحدة اصبحت تقوم بدور كان منوطا باسرائيل فى السابق. لقد ادركت الولايات المتحدة انها لم تعد تستطيع ان تعتمد على اسرائيل فى هذه المنطقة. بل وجدت الولايات المتحدة انها ملزمة بحماية اسرائيل عسكريا. ويدل التحرك العسكرى الغربى فى المنطقة فى السنوات الاخيرة (ليبيا واليمن وسوريا) على ان المهمة الاستراتيجية اصبحت أكبر من إسرائيل، بل انها تحتاج إلى استخدام قوة حلف الاطلنطى العسكرية والسياسية وابعاد إسرائيل عن هذه المهمة. ولعل تصريح الوزير الإسرائيلى لابيد الأخير هو اول اعتراف من نوعه من مسئول اسرائيلى كبير بحقيقة ان اسرائيل تعتمد على قوة أمريكا الاستراتيجية ــ اى العسكرية ــ حتى بعد كل التحولات التى يمثلها التحرك الغربى الاخير فى المنطقة الذى بدا فى بداياته قبل ثلاث سنوات انه كان يتصور إمكان ان يشمل هذا المخطط مصر. ولكن تطورات الاحداث فى السنة الاخيرة بالذات اثبتت استحالة وقوع مصر ضحية لهذا المخطط الامريكى.

يشير هذا التحول الاستراتيجى المهم إلى ضرورة حدوث تحول أيضا فى الاستراتيجية التى تسير عليها الدول العربية خاصة تلك المحيطة باسرائيل وبينها مصر وسوريا والسعودية والاردن والعراق. ولكن الحقيقة الواقعة هى انه باستثناء مصر والسعودية فإن أمريكا وحلف الاطلنطى تكفلتا بالدول العربية الاخرى التى تواجه اسرائيل. والحقيقة الواقعة أيضا تؤكد ان مصر تقيم سلاما تعاهديا مع اسرائيل وان السعودية تقيم سلاما لم يصل بعد إلى مستوى المعاهدة مع اسرائيل. فما الذى يبقى مقنعا للولايات المتحدة بالذات بالحاجة إلى الدفاع عن اسرائيل، أو بالاحرى الحاجة إلى ان تكون الولايات المتحدة «أهم رصيد استراتيجى» لإسرائيل؟ ذلك ان هذا الوضع الجديد لإسرائيل يفرض التساؤل عما اذا كانت إسرائيل قد تحولت بالفعل إلى عبء استراتيجى على الولايات المتحدة وحلف الاطلنطى.

•••

لقد كانت اسرائيل طوال الوقت عبئا على الولايات المتحدة، بمعنى انها كانت عبئا ماليا تمثله مساعدة اسرائيل على ان تبقى طافية فوق السطح وقادرة على ان تظهر فى المنطقة بمستوى عسكرى واقتصادى اعلى من دول المنطقة بما فيها الدول المالكة للثروة البترولية. ولكن العبء بهذا المعنى يختلف كثيرا عن عبء الدفاع والحماية الذى يجعل الولايات المتحدة تصبح «أهم رصيد استراتيجى لإسرائيل». ان هذا الوضع يجعل اسرائيل تبدو عبئا استراتيجيا على عاتق الولايات المتحدة، بينما كانت اسرائيل تشكل رصيدا استراتيجيا اساسيا لأمريكا والغرب تعتمد عليه فى ابقاء دول المنطقة البترولية وغير البترولية فى حالة كمون أو بتعبير اصرح فى حالة استسلام. وهذا بدوره يفرض تساؤلا آخر: هل تغير وضع اسرائيل الاستراتيجى إلى حد يجعل أمريكا تستغنى عنها؟

•••

لقد بدا فى الآونة الاخيرة أن خلافا بشأن سياسة أمريكا تجاه ايران قد خلق توترا فى العلاقات الامريكية ــ الاسرائيلية. هل يمكن تصور تحول هذا التوتر إلى خلاف يصل إلى حد القطيعة بين إسرائيل وأمريكا؟ فى الوقت الحاضر فإن أمريكا تبدو فى حالة اقتصادية ومالية لا تستطيع معها تحمل عبء المحافظة على اسرائيل قوية وغنية. ولكن ستبقى قوة يهود أمريكا والعالم قادرة على مساندة اسرائيل لتحتفظ بموقعها فى المنطقة بما لديهم من قوة مالية ونفوذ على السياسة الامريكية والاوروبية. واذا وضعنا فى اعتبارنا حقيقة ان إسرائيل قد تفضل ان تغامر بشن هجمات واسعة النطاق على ايران لتثبت لأمريكا انها قادرة على التحرك وحدها ضد خطر خارجى لا بد ان نأخذ بعين الاعتبار ان مثل هذه الهجمات الاسرائيلية ستكون بنظر ايران امريكية واسرائيلية مهما بدا انها اسرائيلية الشكل والمضمون. وربما تعلم اسرائيل علم اليقين ان ايران ستعتبر ان أمريكا هاجمتها بقوة اسرائيل، وبالتالى فإن ما حققته أمريكا من علاقات وئام مع ايران سيذهب ادراج الرياح، وهذا هدف اسرائيلى لا شك فيه. وهو فى الوقت نفسه نكسة للسياسة الامريكية. ونادرا ما تسببت اسرائيل فى نكسة بهذه الضراوة لأمريكا.

الموقف بين أمريكا وإسرائيل بالغ التعقيد إلى حد لم يبلغه من قبل. ومن الواضح ان اسرائيل مستعدة لأن تغامر بإثارة حنق الأمريكيين أكثر وأكثر. لكن مصير إسرائيل لا يتوقف على تطور هذا الخلاف بين أمريكا واسرائيل. مصير اسرائيل متوقف على ميزان القوة العسكرية فى الشرق الاوسط.. لصالحها أو

سمير كرم  كاتب سياسي مصري
التعليقات