فى مديح المرأة المصرية - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مديح المرأة المصرية

نشر فى : السبت 13 ديسمبر 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : السبت 13 ديسمبر 2014 - 8:25 ص

فى مسابقة المهرجان القومى للسينما المصرية، تنوعت اتجاهات الأفلام التسجيلية على نحو بالغ الثراء، لكن التيار الأقوى حضورا يتمثل، كما وكيفا، فى أعمال ترصد، بروح مشبوبة بالمحبة والتوقير، دور المرأة البناء، فى الحياة، سواء على مستوى الوطن، أو فى نطاق الأسرة.

يحسب لهذه الأفلام ابتعادها التام عن المبالغة والإدعاء، فضلا عن تحاشى أى تعليق من المخرج أو المخرجة.. هنا، تقدم الشخصية نفسها، بنفسها، ليس بالكلام، لكن بالسلوك والعمل، والأهم، أن البطلات، ملح الأرض، لا يتفاخرن بصبرهن، أو يثرثرن عن عنائهن.. إنهن، تذكرننا بالشغالات فى مملكة النحل، يعملن، بلا هوادة، ولا تشكى، كى تستمر دور الحياة.

«نساء من مصر»، لنيفين شلبى، أنماط النساء اللاتى عليهن توفير لقمة العيش لأسرهن، من بينهن تلك الأم التى تشتغل بصيد السمك فى مياه النيل.. يذكرنا، فى رقته، وحنوه، بواحد من أجمل كلاسيكيات السينما التسجيلية المصرية: «النيل أرزاق» الذى حققه الأستاذ الكبير، هاشم النحاس، منذ عدة عقود، وفتح به طريقا جديدا لسينما تهتم بالعاديين من الناس.. عند المخرجة المرهفة، نيفين شلبى، تتوغل، فى عالم الصيادة، داخل القارب الذى تعيش فيه، مع أولادها، لا تكاد تغادره إلى «البر»، ذلك أن النيل هو وطنها مرفأها، سترها وغطاها، إنه الألف والياء، منه تأكل، تبيع الأسماك القليلة لتشترى، لأولادها ما يحتاجون له، مجرد احتياجات بسيطة.

أهمية الفيلم، فى بعد من أبعاده، أنه ينبهنا إلى أناس منسيين، يعيشون بيننا، لكن فى الماء، على سطح النهر.

ميزة تلك الأفلام أنها تبتعد تماما عن«الميلودراما»، بل ربما على العكس، تبرز الجانب الحل، المبهج، الذى من الممكن أن يتوافر، بفضل الصمود والإرادة، مهما كان الواقع قاسيا وضنينا.

فى «حياة طاهرة» لمهند دياب، تطالعنا سيدة عظيمة، قادمة من أحراش الحياة، طويلة، قوية البنية، تجاوزت الستين، أمام ماكينة حياكة، استطاعت بها، فى مجتمع ريفى، أن تقود أبناءها الخمس، إلى بر الأمان.. زوجها توفى منذ زمن بعيد، فأصبحت هى الأب والأم. عملت فى شتى المهن، بل قامت ببناء البيت، وبناء الأولاد، علمتهم، زوجتهم، لاتزال ترعاهم، مع أحفادها، ولم تترك الماكينة، وبرغم العناء الذى واجهته، فإن وجهها يشرق بالنصر.. «طاهرة»، وهذا اسمها، ووصف حيائها حسب الاختيار الذى للعنوان، بمثابة أنشودة صادقة للمرأة المصرية.

أما «أم أميرة» لناجى إسماعيل، فإنه يمس شفاف القلب، حزين ونبيل فى آن: المرأة، برغم المحن، لا تعرف اليأس، تعيش مع زوج مريض، تم الاستغناء عنه فى العمل منذ خمس سنوات، عليها رعايته، بالإضافة لابنتين، بسمة، الصغيرة، التلميذة، وأميرة، الكبيرة، مريضة القلب، القعيدة على كرسى متحرك.

«أم أميرة»، تبيع سندويتشات البطاطس المقلية، على عربة يد، فى شارع بالقرب من ميدان التحرير.. نتابعها، وهى تعمل طوال اليوم، تجهز البطاطس، تقرشها، تتضعها فى الماء، بعد تقطيعها. تقف أمام المقلاة، تعبئ القطع فى أرغفة، تمنح متسولا ما تيسر، تحدثنا عن رجال الحى الذين صادروا العربة والأدوات، لولا ذلك الضابط الكبير الذى استجاب لرجائها فأمر بتسليم ما أخذ منها.. إنها تعمل بلا كلل، وبلا شكوى، ينتابها الأمل فيما يمكن أن يعمله الدكتور مجدى يعقوب.. وها هى فى الانتظار.

فيما يبدو أن المخرج ناجى إسماعيل، كاد ينهى فيلمه بلقطة رقيقة، مصبوغة باللون الذى يذكرنا بكروت البوستال القديمة، للأم، مع ابنتها العليلة، ينتظران فى المساء، على الرصيف.. لكن، الابنة، فيما بعد، فارقت الحياة.. المخرج، أغلب الظن، قرر استكمال فيلمه، وهو أمر طيب وموفق.

«أم أميرة»، بكلمات قليلة، مؤمنة بقضاء الله، كيف حاول الأطباء، فى أحد مستشفيات القاهرة، إنقاذها.. لكن الأم، بخبرتها العميقة بالحياة، أدركت رحيل الغالية.. وها هى، أم أميرة، البطلة، تواصل مواجهة الحياة، بالعمل الدائم.. الدءوب.. إنها أفلام تستحق الاحتفاء.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات