قمة الاتحاد الإفريقى وأولويات العلاقات المصرية ــ الإفريقية: الفرص الجاذبة للاستثمار والتجارة - سالي فريد - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:24 م القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قمة الاتحاد الإفريقى وأولويات العلاقات المصرية ــ الإفريقية: الفرص الجاذبة للاستثمار والتجارة

نشر فى : الخميس 14 فبراير 2019 - 11:55 م | آخر تحديث : الخميس 14 فبراير 2019 - 11:55 م

شهد جدول أعمال القمة العادية الـ32 للاتحاد الأفريقى تناولا مكثفا لعدد من أهم الموضوعات التى تشغل الشعوب الإفريقية، والتى تندرج بالأساس تحت محورى التنمية والسلم والأمن، بالإضافة إلى الارتقاء بآليات تنفيذ عملية الإصلاح المؤسسى والهيكلى للاتحاد الإفريقى.
فقد ناقشت القمة عددا من موضوعات التنمية المستدامة فى إطار أجندة التنمية الإفريقية 2063، أبرزها مسألة التكامل والاندماج الإقليمى من خلال تطوير البنية التحتية القارية ومشروعات الربط القارى، ومتابعة جهود تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، وتعظيم التنسيق مع مؤسسات التمويل الدولية والشركاء الاستراتيجيين للقارة من الدول والمنظمات لحشد التمويل والدعم اللازمين للجهود التنموية فى إفريقيا، بالإضافة إلى بعض الموضوعات ذات الصلة بالصحة والتعليم والابتكار وتوطين التكنولوجيا، وكذلك جهود إعادة إحياء السياسة الأفريقية لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، بالإضافة إلى أنشطة مكافحة آفة الإرهاب والتطرف بالدول الإفريقية.
وتحرص مصر على إعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية، بما يعيد التوازن فى علاقاتها التى كانت سائدة على صعيد كثير من القضايا والملفات، وفى مقدمتها العلاقات المصرية ــ الإفريقية، التى أتاح غياب مصر عنها لقوى أخرى فرصة التسلل إليها، وتهديد مصالحها بها. ويمكن استعادة الدور الاقتصادى لمصر فى أفريقيا من خلال: زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الأفريقية، وزيادة حجم الاستثمارات المصرية فى إفريقيا.
العلاقات التجارية بين مصر وإفريقيا
تسعى مصر إلى تدعيم علاقات التعاون والصداقة مع الدول والتكتلات الأفريقية من خلال السعى لإبرام الاتفاقات التجارية معها، وزيادة حجم التبادل التجارى بينها وبين الدول الأفريقية.
بلغ حجم الصادرات المصرية لدول أفريقيا جنوب الصحراء فى عام 2014 نحو 1.5 مليار دولار ارتفعت إلى نحو 1.7 مليار فى عام 2017 وهو ما يمثل نحو 8% من إجمالى صادرات مصر للعالم، ونحو 58% من إجمالى صادرات مصر لكل القارة الإفريقية وذلك للعام 2017. وأما بالنسبة للواردات فقد بلغ ارتفعت واردات مصر من دول إفريقيا جنوب الصحراء من نحو نحو 740 مليون دولار فى عام 2014 إلى نحو 966 مليون دولار للعام 2016، ثم ارتفعت إلى مليار و227 مليون دولار عام 2017. وهو ما يمثل نحو 1.6% من إجمالى واردات مصر من العالم ونحو نحو 45% من إجمالى واردات مصر من إفريقيا بشكل عام.
وتتمثل أهم الصادرات المصرية إلى دول إفريقيا فى (سكر ناعم مكرر، مخاليط عطرية، أجهزة استقبال للإذاعة المصورة كاملة، ترابيع بلاط ومكعبات، منتجات شمع البارفين، وسوائل كحولية) وتعد منتجات الصناعات الكيماوية والصناعات المرتبطة بها هى أعلى صادرات مصرية إلى إفريقيا. كما تتمثل أهم الواردات المصرية من الدول الأفريقية فى (شاى أسود، غاز بوتان، سيارات ركوب، أقطاب سالبة من نحاس، قطن).

الاستثمارات المصرية فى أفريقيا
بلغ حجم الاستثمارات المِصريَة فى القارة الإِفريقيَة حتى عام 2017 نحو 7.9 مليارات دولار موزعة على 62 مشروعا، وقد ارتفع لنحو 10.2 مليارات دولار عام 2018، وتشمل تلك الاستثمارات قطاعات البناء والتشييد والمواد الكيميائيَة والتعدين والمستحضرات الطبيَة والدوائيَة والاتصالات والمكونات الإلكترونيَة والخدمات الماليَة، فى حين يبلغ حجم الاستثمارات الإِفريقيَة فى مِصر 2.8 مليار دولار، وتتوزع على كل من قطاعات الزراعة والصناعة والماليَة والخدمات والسِياحة والبناء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبذلك، فإن مِصر هى المُستثمر الأكبر، وتُعدُ كل من «الجزائر، والسودان، وليبيا، ونيجيريا، والمغرب، وإثيوبيا، وسوازيلاند، وتنزانيا، وكينيا، وكوت ديفوار» من أهم الوجهات المِصريَة للاستثمار الأجنبى المباشر فى إفريقيا.
وتواجه الاستثمارات المِصريَة فى القارة الإِفريقيَة العديد من المنافسين على المستوى العالَمى والإقليمى، مما يجعلها بحاجة إلى تعزيز استثماراتها فى القارة، مما يساعد على تعزيز وزيادة قدرتها لاستعادة دورها الريادى مرة أخرى ودفع العَلاقات الاقتصاديَة المصرية مع دول القارة، فالتِجارة والاستثمار يخلقان المصالح بين الدول، خاصة فى ظل وجود نحو 32 اتفاقية استثمار ثنائيَة مع الدول الإفريقيَة منها 11 اتفاقية سارية ستسهل ذلك التوجه، كما أن اختيار القارة الإِفريقيَة كبوصلة للاستثمارات المِصريَة فى الفترة المُقبلة سيعود بالفائدة على الاقتصاد المِصري؛ لما تمتلكه دول تلك القارة من موارد اقتصاديَة ضخمة.

فرص الاستثمار المصرى فى أفريقيا
تتمثل الفرص الاستثمارية الأكثر جذبا فى أفريقيا فى قطاع الاتصالات ويرجع ذلك إلى انخفاض المخاطر فى هذا القطاع مقارنة بغيره من قطاعات البنية التحتية. هذا بالإضافة إلى قطاع النقل حيث تستقطب الموانئ اهتمام الشركات يتبعها قطاع الطيران وبدرجة أقل بناء المطارات والطرق. ولعل أبرز المشروعات فى هذا القطاع، إدارة موانئ دبى العالمية لمحطة حاويات دوراليه عام 2000، حيث استثمرت موانئ دبى العالمية 1,5 مليار دولار مما جعل جيبوتى التى تعتبر البوابة البحرية لأثيوبيا، ثالث أكبر ميناء للحاويات فى أفريقيا، وجعلها تساهم بنحو ربع الناتج المحلى الإجمالى فى جيبوتى. كما تابعت موانئ دبى العالمية الاستثمار فى الموانئ فى الجزائر ومصر والسنغال وموزمبيق، مما منحها تغطية واسعة فى جميع أنحاء القارة وعزز من تكامل الاقتصادات الأفريقية ضمن منظومة التجارة العالمية. كما أن إمكانات قطاع البنية التحتية تبعث على التفاؤل، فلا تزال هناك فجوة تمويلية تتمثل فى الحاجة لنحو 93 مليار دولار سنويا لتلبية احتياجات البنية التحتية للقارة الأفريقية حتى عام 2020، فى حين أن نصف هذا الرقم متوفر حاليا، وفقا لبيانات بنك التنمية الأفريقى.
ويعتبر سوق الصكوك فى إفريقيا سوقا ناشئا متواضعا، حيث يشكل 0.6% فقط من إجمالى إصدارات الصكوك العالمية القائمة. ومع ذلك، فقد توقع العديد من المؤسسات، بما فى ذلك وكالة «ستاندرد آند بورز»، والمركز الماليزى المالى العالمى أن تسجل سوق الصكوك فى أفريقيا نموا محتملا.

الموارد الإفريقية
إن البلدان الإفريقية تمتلك موارد كبيرة فى جميع المجالات مثل: الموارد المعدنية والنفطية، والموارد الزراعية، والموارد السمكية، وموارد الغابات، إن هذه الموارد تمثل مجالات استثمارية قوية، بجانب فرص أخرى متاحة فى مجال بناء المنشآت الأساسية والبنية التحتية، كبناء الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ، وتوليد الكهرباء والسدود والخزانات وإمداد الماء.
وتعد الموارد البشرية من أهم مجالات الاستثمار التى تقاس بها ثروة الأمم، وقد أصبح العنصر البشرى ودرجة كفاءته هو العامل الحاسم لتحقيق التقدم، وإفريقيا التى يبلغ عدد سكانها قرابة 1,2 مليار نسمة، لا يزال الاستثمار فيها محدودا فى مجال التنمية البشرية، برغم اهتمام بعض الجهات المستثمرة بالتنمية الحضارية للمجتمع، والبيئة والصحة، وزيادة معرفة الفرد، والارتقاء بدرجة وعيه وقدراته عن طرق التعليم والتدريب. وبالنسبة للموارد الأخرى غير البشرية، فإن إفريقيا التى تتميز بموقعها الجغرافى، وبمساحة إجمالية تبلغ 30,190 مليون كم2، وتمتلك أكبر مخزون للعديد من الثروات والمعادن الاستراتيجية، فمن بين 50 معدنا هاما فى العالم يوجد 17 معدنا منها فى إفريقيا باحتياطيات ضخمة. فهى تمتلك النسبة الأكبر من احتياطى «البوكسيت، والفروكروم، والكوبلت، والماس، والذهب، والمنجنيز، والفوسفات، والمعادن البلاتينية، والتيتانيوم، والفاناديوم».


كما أنها تتمتع بإمكانيات هائلة فى مجال الزراعة، تؤهلها لأن تكون سلة الغذاء العالمى كما يرى كثير من الخبراء؛ فهى تشتهر بمواردها المائية حيث يجرى فيها 13 نهرا، هى: (زامبيزى، شيرى، بونجولا، لونجوا، أوجوى، نهر ساند، ليبمبوبو، روفيجى، أوكافانجو، مارا، فكتوريا، النيل، أوليفانتس)، وأطولها نهر النيل الذى يبلغ طوله 6695 كم)، إضافة إلى ارتفاع معدلات سقوط الأمطار فى بعض مناطقها المناخية المتنوعة، ومخزونها الضخم من المياه الجوفية، وتقدر الطاقة الكامنة للرى فى القارة الإفريقية بأكثر من 42,5 مليون هكتار، مع مراعاة الطاقة الكامنة للرى لكل من الأحواض والموارد المائية المتجددة. ونظرا لاتساع رقعة إفريقيا الجغرافية فإنها تتميز بتنوع أقاليمها المناخية، وبمستويات ونوعيات مختلفة من التربة الغنية، وبمواسم زراعية متنوعة، وهو ما يجعل منها «بيئة ملائمة لزراعة وإنتاج جميع المحاصيل والحبوب والخضروات. وتقدر نسبة مساحة الأراضى الصالحة للزراعة فيها بنحو 35% من إجمالى مساحة القارة، يستغل منها 7% فقط فى الزراعة بشتى أنواعها، ولا تزيد مساحة الزراعة المروية فى الجزء الواقع جنوب الصحراء من إفريقيا عن 50 ألف كم2 من إجمالى 23 مليون كم2. فإن الاستثمار فى المجال الزراعى يعد من أفضل الخيارات التى تقدمها إفريقيا للمستثمرين للإسهام فى تحقيق النمو الاقتصادى والأمن الغذائى فى إفريقيا.


وفى مجالات الطاقة ومصادرها، فرغم ضخامة الطاقة الكهرومائية الكامنة فى إفريقيا، والتى تناهز 1750 تيراواط ساعة، ورغم إمكانية ضمان أمن الطاقة من خلال توليد الطاقة الكهرومائية، إلا أنه لم يُستغل سوى 5% من هذه الطاقة الكامنة. أما بالنسبة للنفط والغاز فيقدر الخبراء حجم النفط الأفريقى ما بين 7– 9% من إجمالى الاحتياطى العالمى، أى ما يوازى 80 ــ 100 مليار برميل خام، حيث تنتشر حقول النفط داخل القارة فى كثير من دولها وعلى شواطئها الغربية، وهو الأسهل والأسرع فى استخراجه، بحيث تصبح مشتقاته جاهزة للتحميل والتصدير مباشرة، وهو ما يحقق وفرا اقتصاديا، ويعد النفط الخام المستخرج من إقليم خليج غينيا من النوعية الممتازة.
تحرص إفريقيا فى مجال الصناعة على تعميق وتطوير شراكات استثمارية، وقد جاء مؤتمر القمة الأفريقية العاشر تحت شعار «التنمية الصناعية فى إفريقيا»، تأكيدا لأهمية التوجه نحو تطوير قطاع الصناعة الذى لا يزال الاستثمار فيه ضعيفا؛ حيث إن «مخرجات القطاع الصناعى بالقارة لا تتعدى 2% من الإنتاج العالمى، وصادراتها الصناعية تبلغ 1% فقط من إجمالى الصادرات العالمية»، فالقطاع الصناعى فى إفريقيا أكثر القطاعات حاجة إلى الإمكانات الفنية والمالية، والمعلومات والخبرات حول تنفيذ البرامج الخاصة بالتنمية الصناعية.

سالي فريد أستاذ الاقتصاد المساعد ــ مدير مركز البحوث الأفريقية
التعليقات