بوتين لا يشجع مواجهة بين إسرائيل وإيران - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بوتين لا يشجع مواجهة بين إسرائيل وإيران

نشر فى : الأربعاء 14 مارس 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 مارس 2018 - 9:45 م

ادّعى عدد كبير من المعلقين فى الأشهر الأخيرة، بينهم إسرائيليون، أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لا يرغب فى حدوث تدهور فى الشرق الأوسط يؤدى إلى حرب، وبصورة أكثر تحديدا هو لا يرغب فى جولة قتال واسعة فيما يُسمى فى إسرائيل «الجبهة الشمالية». وقالوا إن بوتين يفضل الخطوات التى تهدف إلى تعزيز نظام الأسد من جديد، وخصوصا الجهد المبذول للقضاء نهائيا على الأوكار الأخيرة للمعارضة والتنظيمات الإسلامية فى منطقة دمشق وفى شمال سورية.
وأضاف المعلقون أيضا أن موسكو معنية بخلق هدوء مصطنع من أجل تعزيز قبضتها فى سورية فى المدى البعيد، من خلال بناء قدرة بحرية وبرية، فى ضوء تطلُّعها إلى وجود عسكرى ــ استراتيجى دائم فى الشرق الأوسط. وهناك من ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى حد القول إن بوتين لا يريد المسّ بقوة إسرائيل فى ضوء العلاقات الجيدة مع نتنياهو، ومحاولته التموضع كزعيم عالمى وحيد يحظى اليوم بثقة طهران ودمشق والقدس. وزعموا أن الأدلة على ذلك أنه ينسّق عسكريا مع إسرائيل ويسعى لتقييد هامش التحرك الإيرانى فى سورية.
إزاء وجهة النظر هذه، يجب على القدس أن تتفحص توجّها مخالفا تماما، فى أساسه التقدير أنه فى إطار السباق التى تديره روسيا من أجل التموضع من جديد كقوة عسكرية عالمية موازية لقوة الولايات المتحدة والصين، فإن نشوب مواجهة مسلحة بين إسرائيل وشركاء موسكو فى دمشق وطهران لا يتعارض بالضرورة مع مصالح بوتين، لا بل ربما ينسجم معها. قد لا يكون بوتين يشجع بصورة فعلية على حدوث مواجهة كهذه، لكن إذا نشبت نتيجة تصرف من إسرائيل أو نتيجة تصرف من إيران وسورية من جهة أُخرى، من المحتمل ألاّ يتحرك لكبح المواجهة، لا بل على العكس سيحاول استغلالها من أجل تثبيت روسيا كدولة تقود المعسكر المنتصر فى الشرق الأوسط، ولتجسيد قدرته على المسّ بالولايات المتحدة وبشركائها.
يستند هذا التقدير إلى أمرين: الأول، استخدام بوتين المتكرر لوسائل قوة من دون ردة فعل مهمة من الطرف الآخر. والثانى، ازدياد التوتر بين روسيا والولايات المتحدة بشأن عدة مسائل، فى طليعتها سباق التسلح وصيغته المحدثة عن الحرب الباردة.
فى سياق الميل نحو استخدام القوة العسكرية يجب التذكير بالخطوات التى قامت بها روسيا منذ صيف 2008، عندما غزت أوستيا وأبخازيا وضمتهما إليها، على حساب جورجيا الضعيفة. بعدها بدأت روسيا بالتدخل فى شئون أوكرانيا الداخلية، وهو ما أدى فى نهاية الأمر إلى نشوب حرب هناك وتحقيق السيطرة الروسية على شرقى الدولة. وتقريبا بعد ذلك مباشرة أرسلت روسيا قواتها إلى سورية، الأمر الذى أوقف فى مرحلة أولى انهيار نظام الأسد، وأدى بعدها إلى انتصاره فى الحرب الأهلية.
معنى هذا الأمر أنه بدءا من سنة 2008 يستخدم بوتين القوة العسكرية بصورة تضمن الدفع قدما بمصالحه فى الدائرة القريبة من حدود روسيا وأيضا فى الساحات الأبعد التى يعتبرها جوهرية بالنسبة إلى وضعه الدولى. ويقتصر الثمن الذى تضطر روسيا إلى دفعه بسبب عدوانيتها على المجال الاقتصادى ــ السياسى، ولا يبدو أن العقوبات الاقتصادية ــ السياسية قادرة على ردعها.
فيما يتعلق بعودة الحرب الباردة واستراتيجيا الاحتكاكات التى يقودها بوتين فى مواجهة رئيس أمريكى لا يملك سياسة خارجية حقيقية، الأمر الذى تسبب بتراجع كبير لتأثير الولايات المتحدة بصورة عامة وفى الشرق الأوسط خصوصا، لا ضرورة لتفاصيل كثيرة. ويكفى أن نذكر ظاهرتين رئيسيتين: الاستخدام الروسى للقدرات الهجومية فى المجال السيبرانى، واستعداد موسكو لاستخدامها عملانيا. وفى هذا المجال من المفيد أن نستمع إلى كلام رئيس مجلس الأمن القومى الأمريكى National Security Council الذى اشتكى فى الأسبوع الماضى من أنه لم يحصل على موافقة البيت الأبيض كى يتبنى سياسة انتقامية شاملة فى مواجهة الهجمات السيبرانية الروسية المتكررة.
المسألة الثانية فى توجّه بوتين نحو الاحتكاكات هى عودة روسيا إلى سباق التسلح الصاروخى النووى. ففى الأسبوع الماضى، وخلال خطاب انتخابى هجومى، كشف بوتين لأول مرة عن أن روسيا توشك على الانتهاء من تطوير سلاح صاروخى نووى جديد يملك قدرة ذاتية على التحرك والتوجه، وتستطيع بواسطته إصابة أى هدف فى الكرة الأرضية، بما فى ذلك الولايات المتحدة.
فى الخلاصة، إسرائيل فى ظل حكم نتنياهو هى فى نظر بوتين، شريكة للولايات المتحدة وترامب، أى المعسكر الخصم، وفى المقابل الأسد هو شريك استراتيجى يستحق دعما روسيا، حتى عندما يتجاوز الخط ويستخدم سلاحا كيميائيا فى قصفه لمواطنيه. وحتى طهران وحزب الله الذى يدور فى فلكها فإنهما يُعتبران من «الجيدين» فى نظر موسكو بسبب عدائهما للولايات المتحدة قبل أى شيء آخر، على الرغم من عدد من التعارض المفهوم فى المصالح.
بناء على ذلك، فإن كل سيناريو ستقوم به إسرائيل ضد سورية وربما حتى ضد حزب الله، ينطوى على إمكان أن يشجع بوتين شركاءه على الرد، وربما أيضا استغلال المناسبة لتمرير رسالة مفادها بأن شركاء روسيا فى ساحة القتال العالمى هم المنتصرون، أو بأنهم لن يخرجوا خاسرين. وإسقاط طائرة إفــ16 وكمين الصواريخ الذى واجهه سلاح الجو الإسرائيلى، بالإضافة إلى تسلل الطائرة الإيرانية من دون طيار هى بمثابة تلميح إلى هذا التوجه.

حاييم تومار
نائب سابق لرئيس الموساد
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات