فزاع - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 6:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فزاع

نشر فى : الثلاثاء 14 أبريل 2015 - 10:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 أبريل 2015 - 10:00 ص

هشام إسماعيل، ممثل موهوب، صاحب طاقة، يملك قدرات تمكنه من التعبير الموفق عن شخصيات متباينة الطباع، بملامح وجهه، وحركة جسمه، وألوان ودرجات صوته.. فى مسلسل «ذات» ــ على سبيل المثال ــ قدم، بنجاح، نموذج الرجل الذى يوغل فى الشراسة كلما زاد فساده، بعد أن كان وديعا، رقيقا، مع جيرانه. حانيا، على زوجته، يغدو بعد خروجه من السجن، عنيفا، ضد أصدقاء الأمس، جلادا لزوجته.. هذا التحول المنطقى يجسده هشام بتلك الابتسامة العذبة، والنظرات المطمئنة، الودود، والصوت الحنون، الدافئ.. وذلك فى المرحلة الأولى.. ثم، فى المرحلة الثانية، يصبح كائنا متحفزا، يوحى، بحركته، وسلوكه، أنه أقرب للنمر، من الممكن ان ينقض على أى فريسة، فى أى لحظة.

من ناحية ثانية، شارك فناننا فى مسلسل «الكبير أوى»، حيث قدم نمطا ثابتا ينتمى إلى «الكاريكاتور»، شكلا وموضوعا: جلباب ريفى، حول الرقبة شال، لاسة وطاقية فوق الرأس. أنف ضخم يعلو شارب كثيف الشعر، غير مبروم الطرفين، يكاد يغطى الشفة. حواجب غليظة، متباعدة عن العينين، تساعد على التعبير عن الدهشة التى تلازمه عادة، ممتزجة بدرجة ما من الذهول، الأمر الذى مهد له السبيل كى يقوم بالدعاية لنوع من الشاى. يرتشف منه شفطة، فيضيف للدهشة والذهول، قدرا كبيرا من الانتشاء.

بهذه المواصفات، دخل هشام إسماعيل عالم الشاشة الفضية، وكان من الممكن ان يكون التوفيق حليفه، فالشخصية الموحدة الأبعاد، تستطيع الانتقال، بنجاح، من عمل لآخر، مثل شارلى شابلن، ولوريل وهاردى عالميا، ونجيب الريحانى وعلى الكسار محليا.. لكن ثمة بعض الشروط الضرورية، فى مقدمتها، إلى جانب الإخراج، السيناريو الذى يجرى تنفيذه. انه الأساس الذى يبنى عليه الفيلم، بما فى ذلك القضية التى يحملها، ومدى جدوى الهدف منه، وطريقة تقديمه لبقية الشخصيات، وهى استفسارات تطرح بالضرورة على «فزاع».

الإجابات تأتيك فى مجمل الفيلم وتفاصيله: خلط، ارتباك شديد، تخبط، وعشوائية.. كاتب السيناريو ــ وهو هشام إسماعيل ــ قرر استخدام فكرة الانتقال إلى العاصمة، أو ذهاب بطله، الريفى، إلى القاهرة، وهى الفكرة التى لا تقاوم، والتى اعتمد عليها يوسف شاهين فى «ابن النيل»، وصلاح أبوسيف فى «الفتوة»، وحسين كمال فى «النداهة»، وغيرهم.. كل منهم، فى سياق متماسك، رأى المدينة، خلال ما حدث لبطله.. هنا، فى «فزاع»، بعد تلكؤ طويل، تستغرقه مقالب بلا ضرورة، تقوم بها والدة بطلنا «إنعام سالوسة»، المتأثرة ببرامج الكاميرا الخفية، يشد الابن، المتأنق بطريقته، الرحال إلى القاهرة، كى يسترد مبلغ خمسة آلاف جنيه، من قريبته الشابة، تمهيدا لشراء بيت مهجور فى القرية، رأى فى المنام «حمدى الوزير»، يؤكد له وجود كنز مدفون تحت أرضيته.

«فزاع»، لا يعرف عنوان قريبته. فقط يعلم أنها عاملة نظافة، مما يتيح للفيلم الذهاب من مكان لآخر، لا ليكشف لنا معلومة، أو يقدم لنا موقفا له معنى، أو يرصد تطورات تحدث للبطل، فالواضح أن هشام إسماعيل، الممثل المتمكن، لا علاقة له بكتابة السيناريو، فما نراه على الشاشة مجرد «إفيهات» بليدة، مع مجموعة من المواقف المبعثرة، وشخصيات عابرة، من الممكن حذفها، تظهر وتختفى بلا ضرورة.. مثلا، فزاع معه علبة كحك، المفروض توصيلها لقريبته. وفى كل مكان، مثل المدرسة، المستشفى، دار الأوبرا، تجد من يلتهم قطعة أو قطعتين، من دون تردد، ويقوم المخرج، ياسر زايد، مع المصور، سامى المغربى ــ سامحهما الله ــ بالتركيز على الأفواه المليئة بقضمات الكحك، يتطاير نثرها أثناء الكلام، فى لقطات خالية من الذوق.

الفيلم مفكك، لا اسلوب له، أقرب إلى «النمر» أو «الاسكتشات»، وكلها، تسير عكس مقولة طفلة، تقول لفزاع، بحكمة الشيوخ، ان بداخل كل إنسان كنز، عليه بالبحث عنه، بينما ينتقل البطل من ضربة حظ لأخرى. يربح، فى المدرسة، جائزة أفضل ملابس تنكرية، ثم فى أحد البرامج التليفزيونية، ينال جنيها ذهبيا بسبب فطنته العفوية، والأدهى أنه يفوز بجائزة أحسن ممثل فى مسابقة للهواة.. هكذا.

طوال الفيلم، الذى بدا كما لو أنه لا يريد أن ينتهى، لن تجد لمسة إبداع هنا أو هناك.. حتى ممثلتنا التى انتظرناها طويلا «سيمون»، تعود هنا باهتة، لتقدم استعراضا فقيرا، وتختفى فورا.. فى جملة واحدة: «فزاع».. مفزع فعلا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات