«الإنترنت».. يعيد تشبيك العقل العربى؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الإنترنت».. يعيد تشبيك العقل العربى؟

نشر فى : الجمعة 14 أبريل 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 14 أبريل 2017 - 9:55 م

مدهشة هى الأرقام القياسية العالمية التى حققتها البلدان العربية فى سرعة نمو استخدام الإنترنت من 4 ملايين عام 2000 إلى 327 مليون حاليا، فيما بلغ عدد مستخدمى «فيسبوك» فى العالم العربى 130 مليونا. ذكر ذلك أحدث «إحصاءات الإنترنت العالمية» IWS عن قفزة عدد مستخدمى «الإنترنت» فى العراق من 12 ألفا عام 2000 إلى 14 مليونا حاليا، وفى اليمن من 15 ألفا إلى 7 ملايين، وفلسطين من 35 ألفا إلى 3 ملايين، وسوريا من 30 ألفا إلى 5 ملايين، والسودان من 30 ألفا إلى 11 مليونا، ولبنان من 300 ألف إلى 5 ملايين، والأردن من 127 ألفا إلى 6 ملايين، والكويت من 150 ألفا إلى 3 ملايين، وعُمان من 90 ألفا إلى 3 ملايين، وقطر من 30 ألفا إلى مليونين، والسعودية من 200 ألف إلى 21 مليونا، والإمارات من 735 ألفا إلى 9 ملايين، ومصر من 450 ألفا إلى 35 مليونا، والمغرب من 100 ألف إلى 20 مليونا، وتونس من 100 ألف إلى 6 ملايين، والجزائر من 50 ألفا إلى 15 مليونا.
مع مطلع القرن الحالى أضحى العقل البشرى، ومن ضمنه العربى عقلا «سبرانيا»، يتناول نظريا على الأقل كل الموجود ليس فى «الإنترنت» فحسب، بل فى «الشبكة العالمية» WWW أيضا، وهنا التمييز ضرورى بين «الإنترنت» حيث تتصل مئات ملايين أجهزة الكمبيوتر على الصعيد العالمى، و«الشبكة العالمية» مستودع المواد المتعددة الوسائط، نصوص، ورسوم، وتسجيلات فيديو، ومواد غيرها نجلبها من الشبكة عندما «نغوغل» أو نستخدم «ويكيبيديا». و«الشبكة» واحد من تطبيقات عدة تستخدم «الإنترنت»، بما فى ذلك «البريد الإلكترونى»، و«سكايب».
والإنترنت كوسيلة للحصول على المعلومات والاتصالات بالدرجة الرئيسية ظاهرة لا مثيل لها منذ الانتشار العاصف للإسلام واللغة العربية مطلع القرن السابع الميلادى. وغير صحيح المغالاة فى التحذير من خطر الإدمان على «الإنترنت»، والتركيز على مشاعر سلبية يثيرها «الفيسبوك»، كالغيرة، والحسد، وما يُسمى «كآبة الفيسبوك»، وإغفال مهرجان المرح والثقافة الذى يقيمه ملايين الناس على مدار الساعة فى «الإنترنت» و«الفيسبوك».
و«أجل يعيد الإنترنت تشبيك عقلك، كذلك تفعل مشاهدة التليفزيون، أو إعداد قدح شاى، أو عدم إعداد قدح شاى» حسب «توم ستافورد» باحث علم النفس فى «جامعة شيفيلد» ببريطانيا، ويُذّكرنا «ستافورد» بتحذير الفيلسوف الإغريقى سقراط من إتلاف الكتابة قدرة الذاكرة لدى الشباب، ومخاوف مماثلة أثارتها الثورة الطباعية فى القرن 15 الميلادى، وعند ظهور التليفزيون، ولا دلائل على أن «الإنترنت» سيفعّل ذلك «فالملايين يستخدمونه، بمن فيهم أنا وأنت، وكما يبدو فنحن بخير». ويورد الباحث أمثلة على التركيب اللدن للدماغ ومطاوعته لتغييرات تحدثها المهن فيه، كعازف الكمان الذى يتطور فى لحاء دماغه موقع التحكم بذراع واحدة، فيما يتطور موقع يتحكم بالذراعين فى دماغ عازف البيانو.
والدماغ الذى يتكون من 100 مليون خلية عصبية، و100 تريليون رابطة بينها أكبر من الإنترنت. وفى مقال «هل يملك الدماغ قوى خارقة مجهولة» يتحدث باحث الأعصاب البريطانى «محب كوستاندى» عن أشخاص أظهروا قدرات مدهشة فى الفن أو فى الرياضيات إثر تعرضهم لحوادث أفقدتهم الوعى، «وبينهم من أخذ يحدس قواعد رياضيات الكون إثر نجاته». و«العقل» ليس معطى مرة واحدة، بل لا يفتأ يتغير شكلا ومضمونا، وهنا تكمن «عبقرية العقل». وليس كـ«الإنترنت» أداة تُجسدُ العبارة المأثورة للفيلسوف الألمانى «هيغل» فى أن «تاريخ العالم ليس سوى التقدم فى الوعى بالحرية». وهذا لغز الصراع العالمى الحقيقى على «الإنترنت» إنه الصراع على الحرية، التى تفلت بطبيعتها من كل تحكم.

الاتحاد ــ الإمارات
محمد عارف

التعليقات