ظلم البلاد والعباد - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 6:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ظلم البلاد والعباد

نشر فى : الخميس 14 مايو 2015 - 9:55 ص | آخر تحديث : الخميس 14 مايو 2015 - 9:55 ص
حسنا فعل وزير العدل المستقيل صابر محفوظ عندما أصر على رأيه القائل بأن أبناء البسطاء والفقراء فى هذا البلد ليس لهم مكان بين «أصحاب المقام الرفيع» من القضاة أبناء القضاة. فالرجل قال فى تصريحاته المنشورة أمس فى «الشروق» إنه لا يصح أن يتولى أبناء أصحاب المهن البسيطة مهمة القضاء ولكن «الناس بتزعل من الحقيقة». فالرجل لم يقل إلا ما يؤمن به ويؤمن به أغلب القضاة العاديين الذين أكدوا فى تصريحاتهم الإعلامية أخيرا، أنه لا يجب أن يتم تعيين «كل من هب ودب» فى القضاء لمجرد أنه تفوق فى الدراسة على أبناء «الكبار».

فالوزير المستقيل ورفاقه فى «مرفق العدالة» لا يرون فى التفوق العلمى سببا كافيا ليحصل الشاب المجتهد على ثمرة اجتهاده وأن «مقبول زائد بيئة قضائية يساوى جيد جدا» كما قال أحد القضاة السابقين عندما كان يطالب بمنح أبناء القضاة ميزة تفضيلية رسمية فى التعيينات.

الغريب أن «سدنة العدالة» يصرون على إهدار ما هو مطلق وقابل للقياس من معايير المفاضلة بين المتقدمين لوظائف القضاء لصالح ما هو نسبى ولا يخضع للقياس فيقولون إن التفوق الدراسى ونظافة سجل أسرته من كل ما يشين لا يكفى لضمان صلاحية الشخص لاعتلاء منصة القضاء فيكون نصيب أبناء وأشقاء القضاة أكثر من 35% من التعيينات الأخيرة دون احتساب نصيب الأصهار أو أبناء الاخوات والعمومة حيث تم تعيين 168 ابن وشقيق قاض من إجمالى 485 معاون نيابة كان قد تم تعيينهم. كما تقول الأرقام أن من بين المعينين الجدد 87 من أبناء رؤساء محاكم الاستئناف و11 من أبناء نواب النقض و55 من أشقاء القضاة وأعضاء النيابة.

إذن فتصريحات الوزير المستقيل ليست أكثر من مجرد تعبير عما يحدث بالفعل ليس فقط فى حقل القضاء وإنما فى أغلب الوظائف المرموقة فى الدولة والتى يكاد لا يجد فيها الفقير لنفسه مكانا مهما كان تفوقه.

عندما نحرم شابا متفوقا ومؤهلا أكثر من غيره من تولى وظيفة مرموقة فإننا نحرم المجتمع من الاستفادة بشخص يمتلك من المؤهلات والعلم ما يضمن لنا أداء هذه الوظيفة على الوجه الأمثل فتكون الخسارة للمجتمع أكبر من خسارة هذا الشخص.

ولعل هذه الحقيقة المرة هى السبب وراء ما نراه من تدهور وانهيار فى جميع مرافق الدولة بعد أن تولى وظائفها المرموقة أشخاص لا يمتلك أكثرهم من المؤهلات أكثر من شهادة ميلاد تقول إنه ابن «معالى فلان بيه» كما يتنادى أهل القضاء أو «فلان باشا» كما يتنادى رجال الشرطة وعلية القوم.

المفارقة أن كبار المسئولين عن مصير البلاد والعباد يملأون الدنيا كلاما عن ضرورة تطوير أداء أجهزة الدولة ورفع كفاءتها، ولا يتوقفون عند حقيقة البداية يجب أن تكون بوضع آليات تضمن وصول الأكثر تأهيلا وجدارة إلى الوظيفة فنضمن الحصول على أفضل أداء. وبدون هذه الآليات لا يجب أن يخرج علينا أى مسئول مهما علا شأنه ليشكو من ضعف أداء مؤسسات الدولة لأنه ومن معه من «الكبار» هم الذين يضعون بذور الفشل من البداية.
التعليقات