الإنسان فى القرآن (7) وظائف وجه الإنسان - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإنسان فى القرآن (7) وظائف وجه الإنسان

نشر فى : الجمعة 14 يونيو 2013 - 9:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 14 يونيو 2013 - 9:05 ص

وجه الإنسان يكون معظم أدوات اتصاله بالآخرين، فهو الجهاز الإعلامى (إرسالا واستقبالا)، يؤدى ثلاث وظائف فى عملية الاتصال بين الإنسان وأخيه، فالأولى هى وظيفة الإرسال والتعبير المبدئى ومرآة صادقة تكشف ما فى صدر المرء وقلبه، وتخبر الآخر بمشاعرك نحوه فملامح الوجه كاشفة عن صاحبها معبرة عما يجيش فى الصدر، فحينما تطالع الوجه تعرف ما يريد أن يخبرك به.

 

وما ينوى أن يحدثك فيه، وربما تدرك ما يخفيه، والوظيفة الثانية للوجه هى استقبال ما يرسله الآخر من رسائل وإشارات ورصدها، والثالثة هى الحوار والتفاعل مع الأطراف الأخرى، أما وظيفة الاستقبال فتتم بواسطة حواسك التى فى وجهك، تلك أدوات المراقبة (العين، الأذن، الأنف) هذه الحواس تلتقط الصورة العامة للآخر، فالعين تحدد ملامح الآخر وهويته ولون بشرته وحجمه، والأذن تلتقط الإشارات الصوتية من الآخر بلسانه أو بواسطة وسائل إضافية، والأنف يشم الرائحة.

 

فالوجه عموما هو ما يواجه به الإنسان كل من يلقاهم، فهو مرآة يكشف عما فى نفس صاحبه، ويعبر عما يشعر به قبل أن ينطق ولذلك فها هى تعاليم القرآن تهيب بالإنسان أن يوظف وجهه توظيفا صحيحا ويستثمر ما فيه ما أنعم الله به عليه من أدوات.

 

(2)

 

فهذا تحذير قرآنى يجىء فى صيغة يقارن بين شخص يرفع قامته فإذا وجهه يبصر الطريق وما فيه فلا يقع فى «حفرة» ولا يصاب فى «مطب» حين يقول القرآن «أَفَمَن يَمشِى مُكِبّا عَلَى وَجهِهِ أَهدَى أَمَّن يَمشِى سَوِيّا عَلَى صِرَط مُّستَقِيم» (22المُلك).

 

فلا شك أن الإجابة هى اختيار حالة الاستواء والاستقامة ورؤية الطريق والتعامل معه بما يناسب ارتفاعه وانخفاضه، وكذلك تحذير قرآنى آخر «وَلَا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ.. » (17لقمان).

 

إذ يهيب القرآن بالإنسان ألا يلوى عنقه مائلا تجاه من يحدثه (تُصَعِّر خَدَّكَ) مؤذيا محتقرا من أمامه، فمهما كانت قدرة الإنسان وثقته بنفسه فيجب ألا يستعلى أو يتكبر على الآخرين، ويبين القرآن أفضل توظيف الوجه فيقول [وَأَن أَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفا..» (105الروم)، »..فَأَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ..» (43 الروم) أى حينما تسمع أو تقرأ أو تشاهد أمرا يتصل بالدين من قريب أو بعيد:« أَقِم وَجهَكَ»، فإقامة الوجه هى استعمال حواس البصر والسمع وأدوات النطق (اللسان والشفتين) وأيضا تسارع باستدعاء العقل وعرض كل هذه البيانات التى جاءت من السمع والبصر لدراستها.

 

فإقامة الوجه: تعنى اعتداله وإيقاظ مراكز الإحساس فيه، والتقاط الصور والكلمات والمجادلة بالتى هى أحسن، فهذا هو ما عناه القرآن بقوله «وَأَن أَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفا..» (105 الروم)، كذلك ما عناه »..فَأَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ..» ( 43الروم). وجاء توجيه ثالث بخصوص الوجه إذ يقول القرآن «..وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِد» (29 الأعراف)، فعندما تمر بأحد بيوت الله فهى فرصة لترى خلاصة هذا الدين، فالمسجد يرسم صورة عامة لتعاليم الإسلام فإذا نظرت واستمعت وجدت:

 

1  نداء عاما فوق الجميع «الله أكبر» فالداعى هو الإله وليس دولة ولا حزبا ولا شخصا.

 

2- نداء عاما بمساواة جميع البشر بعضهم لبعض (أشهد أن لا إله إلا الله) فما دام هو إله واحد، فجميع الخلق عباد يساوى بعضهم بعضا.

 

3- عنصرا بشريا مبلغا وليس وسيطا (أشهد أن محمدا رسول الله) رسول يبلغ الرسالة.

 

4- دعوة للصلاة.

 

5- دعوة للفلاح والصلاح والأعمار والإتقان «حى على الصلاة... حى على الفلاح».

 

هكذا ينادى المؤذن يعلن مساواة جميع سكان الأرض بعضهم لبعض، ويعلن وحدانية الله لا نسب له مع أحد فلا حق لأحد أن يتفاضل على غيره كما يعلن وظيفة محمد «صلى الله عليه وسلم».

 

فإذا تابعت المشهد ورأيت الحاضرين، فليس هناك حارس ولا بواب يمنع أحدا من الدخول، ولا يطلب إبراز تصريح فالمسجد مفتوح لكل راغب.

 

فإذا حان موعد الصلاة: انتخب المصلون إمامهم، أو تعرفوا على من سبق انتخابه فقدموه لإمامة الجمع، وجعلوا خلفه أكفأ العناصر كمراقبين له حيث قال النبى (ليلينى منكم أولوا الأحلام والنهى) ولماذا ؟ للمتابعة والتصحيح إذا وقع خطأ او سهو فالإمام ليس معصوما، وتقوم الصفوف يختلط فيها الغنى بالفقير، والقريب بالبعيد، والكبير بالصغير كما يختلط فيها الرعية بالحاكم... إلخ

.

 

فإذا قامت الصلاة فها هو الإمام يقرأ لا يخفى شيئا مما أنزله الله وإذا خطب الإمام أو ألقى درسا فإنه لا يغلق الأبواب ولا يخفض الصوت فليس فى دين الإسلام ما يخفى أو يمنع عرضه على الناس، هذا معنى قول الحق «..وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِد..» (29الأعراف).

 

 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات