فى مواجهتهم جميعا - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى مواجهتهم جميعا

نشر فى : الثلاثاء 14 يونيو 2016 - 9:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 14 يونيو 2016 - 9:45 م

لم يكن عالمنا المعاصر فى احتياج حقيقى إلى أن ترتفع أصوات المدافعين عن العدل والحرية والمساواة أكثر من اليوم.

فنحن أمام حرب مسعورة على القيم الإنسانية التى بدونها سنغرق جميعا فى المزيد من العنف والقتل والدماء والمظالم، حرب ليس من خصائصها الإجرامية الوقوف عند حدود بلدان بعينها أو مهاجمة بعض الشعوب وترك البعض الآخر أو الاكتفاء بإنزال الخراب ونشر خرائط الدماء فى مواقع دون غيرها.

نحن أمام حرب شاملة على الفكرة الديمقراطية التى تتنصل منها دول استقرت بها سيادة القانون، وتفاخر دول أخرى بابتعادها عنها وانتهاكها الممنهج لضمانات حقوق وحريات الناس.


فى مصر حرب لا نهاية لها على قيمة العدل ضحاياها يقبعون وراء الأسوار لأسباب سياسية، أو أطيح بهم بعيدا عن وظائفهم لأسباب سياسية، أو يعيشون خارج الحدود لأسباب سياسية.


فى بلاد العرب حروب على كل القيم الإنسانية تتورط بها حكومات وحكومات استحالت عصابات إرهابية وعصابات إرهابية تروم الحكم، والحصيلة المفجعة هى قتلى ومخيمات مرتحلين ولاجئين ودمار وخراب وحكام مستبدون.


تنتفى هنا أيضا الفوارق الجوهرية بين جرائم الأسد وجرائم داعش، بين جرائم ميليشيات الحشد مذهبية الهوية وطائفية الهوى وجرائم عصابات الإرهاب التى استوطنت أرض العراق، بين الإعدامات الجماعية فى السعودية وحرب جيشها وتابعيه على اليمن، بين الخراب والدمار الحادثين على الأرض وما يتساقط من السماء، بين التهديد والتعقب والقتل والتصفية بسبب الهوية الدينية والمذهبية والعرقية وبين التهديد والتعقب والقمع والإقصاء بسبب التفضيلات الشخصية المناقضة للإجماع المتوهم لمجتمعات الفضيلة التى ندعى انتسابنا إليها.


فى العالم البعيد عنا والمؤثر بشدة فى أحوالنا فى مصر وبلاد العرب حروب على الفكرة الديمقراطية تفتك بدساتير وقوانين ومؤسسات تقدر دون غيرها على صون حقوق وحريات الناس وضمان العدل والمساواة. حروب يشنها الفاشيون والغوغائيون فى الغرب الديمقراطى، كترامب الذى يوظف المذبحة الإجرامية فى أورلاندو بعدوانية بالغة وبمقولات عنصرية لا تتمايز فى الجوهر عن مقولات إرهابيى داعش وبامتهان غير أخلاقى للضحايا والدماء لا وجهة له سوى صناعة الخوف والحصول على الأصوات الانتخابية للخائفين فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية ٢٠١٦.

حروب يشنها المستبدون والفاسدون فى البلدان صريحة أو مبطنة السلطوية، كحكومة فلاديمير بوتين التى تتعقب كل تعبير حر عن الرأى وتقمع كل تفضيل شخصى أو مجتمعى أو سياسى تصنفه متعارضا مع خليطها من الوطنية الشوفينية والنزوع الدينى المحافظ وتجهر بعدائها للفكرة الديمقراطية وبدعمها المستبدين والسلطويين على امتداد خرائط الدماء التى صارت عالمنا المعاصر.


وما لم ينظم المدافعون عن العدل والحرية والمساواة صفوفهم، ويدركوا عالمية نضالهم، وينحوا جانبا المواقف الرمادية التى تمنع البعض مثلا دون التضامن مع ضحايا تواجدوا فى مكان للمثليين جنسيا وتحول بين البعض الآخر وبين جر الخطوط المستقيمة بين المستبدين والإرهابيين هنا والفاشيين هناك؛ ستخسر البشرية هذه الحرب وستتواصل معاناتها بفداحة من الخراب والدمار والقتل والدماء.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات