العطش فى بر مصر - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العطش فى بر مصر

نشر فى : الجمعة 14 يوليه 2017 - 8:05 م | آخر تحديث : الجمعة 14 يوليه 2017 - 8:05 م
من قلب القاهرة، وجه وزير الإعلام السودانى، أحمد بلال عثمان، تحذيرا بالغ الأهمية، يستدعى من الجميع التوقف أمامه كثيرا وأخذه على محمل الجد، لأن الأمر يتعلق بمسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين، حيث قال فى تصريحات مساء أمس الأول: «لو جرى ملء خزان سد النهضة الإثيوبى فى سنة لن تصل قطرة مياه واحدة لمصر والسودان، ولو على مدى 3 سنوات سيكون هناك ملايين العطشى»، متابعا: «المعارك القادمة معارك مياه وليس بترول».

كلام الوزير السودانى تزامن مع ظهور كميات من المياه أمام سد النهضة، الأمر الذى أرجعه المتحدث الرسمى لوزارة الموارد المائية والرى المصرية، حسام الإمام، إلى فيضان النيل الازرق الذى يبدأ من شهر يونيو ويستمر حتى أواخر سبتمبر من كل عام، وليس بسبب بدء إثيوبيا عملية تخزين المياه أمام السد.

الملفت هنا ان الحكومة المصرية، تبرعت من تلقاء نفسها فى تفسير ظهور كميات من المياه أمام السد الإثيوبى، وهو الأمر الذى كان من المفترض ان تقوم به أديس أبابا، حتى تطمئن جيرانها القلقين من مخاطر بناء هذا السد وعملية التخزين المنفرد للمياه بدون الاتفاق على الإطار الزمنى الواجب الالتزام به، ما يذكرنا بما حدث فى الماضى القريب، عندما تبرعت هذه الحكومة بمهمة الدفاع عن تبعية جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، من دون ان تظهر المملكة وثيقة واحدة تثبت ملكيتها للجزيرتين.

ربما كان هدف الحكومة من وراء المسارعة إلى تفسير ظهور المياه أمام السد، تهدئة مخاوف مواطنيها، فيما يتعلق بقضية تتصل اتصالا وثيقا ببقائهم أو فنائهم، وربما كانت تهدف أيضا إلى التأكيد على جدوى المسار التفاوضى الذى تسلكه فى التعامل مع إثيوبيا، رغم انه ظاهر للعيان ان أديس أبابا تلجأ دائما للتسويف وكسب الوقت وتمييع القضية، وعدم الالتزام بتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ الذى وقع فى الخرطوم فى مارس 2015، بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا، ونص على تعاون الدول الثلاث فى استخدام المخرجات النهائية للدراسات الفنية المشتركة، وذلك للاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول للسد، وقواعد التشغيل السنوى.

هذه المراوغات المستمرة من جانب أديس أبابا، دفعت وزير الخارجية سامح شكرى إلى ابلاغ نظيره الإثيوبى وركنا جيبيو، بداية الشهر الحالى، بأن إضاعة المزيد من الوقت دون إتمام الدراسات الفنية فى موعدها سوف يضع الدول الثلاث أمام «تحديات جسام»، وبالتالى فإن الأمر يتطلب التدخل السياسى من أجل وضع الأمور فى نصابها لضمان استكمال المسار التعاونى الفنى القائم.

قبل فترة قصيرة، كتب رئيس تحرير هذه الصحيفة الزميل عماد الدين حسين، مقالا بعنوان «وقفة مع الصديق الإثيوبى». أشاركه الرأى من منطلق «يا روح ما بعدك روح»، حتى تشعر الحكومة الإثيوبية بجدية حقيقية فى الموقف المصرى، الذى يحتاج إلى اجوبة واضحة تأخذ بعين الاعتبار شواغل ومخاوف القاهرة من تأثيرات السد على الحصة المائية التاريخية لمصر.

ينبغى ان تدرك الحكومة الإثيوبية ان نهر النيل هو الشريان الوحيد لنا، وبدونه لن تكون هناك حياة على الأرض، وأن إقدامها على ملء خزان سد النهضة بدون الاتفاق على الإطار الزمنى المناسب، سوف يجعل مخاوف وزير الإعلام السودانى من امكانية «وجود ملايين العطشى»، حقيقة ماثلة على أرض الواقع، وبالتالى فإن القاهرة التى لجأت إلى المفاوضات من أجل اثبات حسن النية وبناء جدران الثقة مع إثيوبيا، لن تسمح أبدا لاحد بأن يجعل العطش «فرض عين» فى بر مصر.. هذه مسألة محسومة لا تقبل المساومات أو المراوغات أو الكلام المعسول.

 

التعليقات