الثانوية العامة.. الهم السنوي! - محمد زهران - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 6:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثانوية العامة.. الهم السنوي!

نشر فى : السبت 14 يوليه 2018 - 9:40 م | آخر تحديث : السبت 14 يوليه 2018 - 9:49 م

في هذا الوقت من كل سنة نتذكر المقولة الساخرة للكاتب الساخر الجميل أحمد رجب (كي أكون صادقاً قد يكون الكاتب الجميل أيضاً يوسف عوف لا أذكر بالتحديد ولم أتمكن من العثور عليها ولكني أتذكر أني قرأتها منذ زمن بعيد في أحد كتبهما): مالك مهموم دي الهمة قال أصل إبني في الثانوية العامة! بعد شدة الأعصاب أثناء السنة الدراسية نفسها تأتي شدة أعصاب النتيجة والتنسيق وقد تحدثنا في مقال سابق عن مفهوم كليات القمة ولن نكرر هذا الكلام هنا، شدة الأعصاب تكون في الأغلب من نصيب الأهل ويصدرون هذه الشدة للأبناء، مقالنا اليوم هي أفكار متناثرة عن الثانوية العامية علها تدفعنا للتفكير وللتعامل معها بهدوء أكثر.

عندما كنت في الثانوية العامة كانت المجاميع أقل بكثير مما هي عليه الآن، هذا لا يعني أن الجيل الحالي أفضل منا ولكن هذا يشبه العملات، عندما تمتلك ألف جنيه في النصف الأول من القرن العشرين فما تستطيع شراءه أكثر بكثير من الألف جنيه في أيامنا هذه، كذلك هي المجاميع، للمحافظة على هدوء أهالي الطلبة خاصة مع الإزدياد الكبير في عددهم أصبحت الإمتحانات أسهل وبالتالي المجاميع أعلى ولكن ما لم يفطن إليه الناس أن الموضوع عرض وطلب، إذا كانت كلية الهندسة جامعة القاهرة مثلاً تقبل ألف طالب وتقدم لها عشرة ألاف فمكتب التنسيق سيختار أعلى ألف طالب وبالتالي المجاميع ستصبح أعلى، على أيامي (ثانوي عام 1992) هندسة القاهرة قبلت مجاميع في الثمانينات (84% أو ما شابه لا أذكر بالتحديد)، هذا المجموع الآن "يدخلك الحمام بالكتير"!! إذا فلا تنخدع بالمجاميع العالية ولا تظن أن الإمتحانات السهلة شيء جيد، بالعكس أن تساوي بين الطالب المتميز والمستوى العادي هو شيء غير عادل ولكن نريد أن نجعل الناس فرحة بدخول الجامعة لأننا بلد شهادات (وقد ناقشنا ذلك في مقال سابق أيضاً)، وطبعاً قد يغضب مني أهالي الطلاب لأنهم سيظنون أني لا أريد لأبنائهم دخول الجامعة أو دخول كلية لا يريدونها وهذا يقودنا للنقطة التالية.

هل تريد لابنك أن يدخل طب أو هندسة؟ ماذا لو لم يكن يحب هذه التخصصات؟ ستقول ولكنها كليات "حتأكله الشهد" عندما يتخرج، غالباً ستقول ذلك لأن في مخيلتك أمثلة لبعض المهندسين أو الدكاترة الذين يأكلون الشهد، ولكنك غفلت عن السواد الأعظم من المهندسين والدكانرة "اللي مش لاقيين يأكلوا"! هناك إحتمالان: إما أن لك إتصالاتك لتجد وظيفة لإبنك عندما يتخرج "تأكله الشهد" وفي هذه الحالة إتركه يختار التخصص الذي ييحبه ثم ساعده بإتصالاتك عندما يتخرج ويدرس ما يهواه، الإحتمال الثاني أنك لا تملك إتصالات وفي هذه الحالة سينضم إبنك إلى جموع المهندسين والأطباء "اللي مش لاقيين يأكلوا"! ستقول ولكنه يمكن أن يصبح معيداً، ردي أنه إن لم يكن يحب تخصصه فمن الصعب جداً أن يتفوق فيه ... وهذا يقودنا إلى النقطة الثالثة.

هذه النقطة خاصة بالطالب نفسه: ماذا تحب؟ هناك إحتمالان أيضاً: أنك تعرف جيدا ما تحبه ونصيحتي لك أن تختار الكلية التي تحبها ولا تفكر في ما سيحدث بعد التخرج فالرزق ليس بيدك والتخصصات المطلوبة في السوق بعد عدة سنوات ليس من السهل التنبؤ بها، بالإضافة إلي ذلك أنك إذا درست ما تحب فستتفوق فيه وهذا سيساعدك بالتأكيد في حياتك العملية مهما كان حال السوق، الإحتمال الآخر أنك لا تدري ما تحب وهذه مشكلة كبيرة لأن معنى ذلك أنه لا هوايات لك أو أنك لم تجرب شيئاً جديداً وقضيت سنواتك المدرسية لا تعلم شيئاً غير كتابك المدرسي وهذه غلطة الأهل ثم المدرسة ثم أنت ... بهذا الترتيب، في الدراسة المدرسية أنت مسير على الأقل حتى تصل للإختيار ما بين علمي وأدبي، أنت الآن مخير عند إختيارك الكلية وهذا سيؤثر على مستقبلك كله، كيف ستختار؟ على الأقل تعرف ما تكرهه وهذا سيستبعد بعض الكليات، تكلم مع من تعرفهم في العائلة وخارجها ممن يعملون في مهن مختلفة أي تخرجوا من كليات مختلفة وإسألهم عن عملهم ودراستهم ثم إسأل نفسك: هل تحب ذلك التخصص؟ لعل ذلك يساعدك على الإختيار.

أعود فأكرر: لا تختار بحسب كليات القمة أونوعية العمل الذي سيأتيك عند التخرج فالرزق ليس بيدك، إختر ما تحب أو ما تظن أنك تحبه واستمتع بالدراسة والبحث فالدراسة الجامعية ممتعة إذا أحسنت استغلالها.

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات