يسقط الجرهل، والفورقر والمركض - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يسقط الجرهل، والفورقر والمركض

نشر فى : الأحد 14 سبتمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الأحد 14 سبتمبر 2014 - 8:20 ص

منذ أسابيع تفتق ذهنى عن حل يسهل القضاء على مشاكلنا المزمنة. لو أخذنا مثلا من التحرش، يمكننا القضاء على الظاهرة بزيادة حرف على الكلمة فتصبح «التحمرش»، ويختفى التحرش من حياتنا. بنفس الطريقة يمكننا أن نحول الجهل إلى «الجرهل»، والفقر إلى «الفورقر»، والمرض إلى «المركض».

لا يقتضى الأمر بعدها أكثر من بيان من السلطات المسئولة، نعلنه فى مؤتمر صحفى عالمى، ثم نصدره كتعليمات حازمة لدور النشر، والمطابع، وإدارات المدارس، والمؤسسات الصحفية والإعلامية. فى غضون أيام ستختفى أكبر مشكلاتنا وسنعلن للعالم بفخر أننا نجحنا فى القضاء على المعضلات التى حيرت العالم. سينتهى الجهل، والفقر، والمرض، حرفيا، بجرة قلم.

إلا أن الأيام أثبتت أن حلا من هذا النوع ربما يكون فيه ظلم لعبقرية الإدارة المصرية، التى قد ينتقص من حقها أن تحتاج حتى لحيلة من هذا النوع، لعلاج مشكلة ما من المشاكل.

انتبهت لهذا عندما أعلن عدد من المعتقلين المعروفين بنشاطهم السياسى، بدء إضراب عن الطعام، تبعه تضامن من بعض الشخصيات من خارج السجون. تفتق ذهن المسئولين عن حل لمشكلة الإضراب هو بالتأكيد أكثر سلاسة من الحل الذى فكرت فيه. فبمجرد انتشار الخبر، أكد رئيس مباحث السجون أنه لا يوجد سجناء مضربون عن الطعام فى كل السجون المصرية، وأضاف: «كل الناس ديه بتأكل وتشرب كل يوم عادى جدا، الناس ديه لو مضربة عن الطعام كان زمنها ماتت من زمان».

هكذا.. ودون الحاجة حتى لإلغاء كلمة الإضراب أو الإعلان عن مناقصة لصك كلمة جديدة توفر بديلا لفظيا للكلمة، أو المفهوم، اختفى الإضراب واختفى المضربون. باختصار «مفيش إضراب، معندناش، شطبنا».

ليست هذه هى المرة الأولى التى يتم تبنى هذا النوع من الحلول، فـ«مفيش إضراب» تأتى امتدادا لـ «مفيش خرطوش، مفيش طلقات حية، مفيش قناصة، مفيش معتقلين، ولو مش عاجبك مفيش ثورة».

التحدى الذى يقدمه هذا النوع من الحلول هو احتياجه إلى قاعدة اتفاق كبيرة، ربما تضم الشعب كله، لتجاهل وجود أى مشكلة بشكل جماعى. وهو ما يبدو صعبا مع اتساع الجبهة التى تقول «لأ فيه إضراب».

دستورية قانون التظاهر بشكله الحالى، أو بالأحرى عدم دستوريته، فى رأى المعارضين، هى المشكلة. أضف إلى ذلك تزايد عدد المعتقلين السياسين، وهو ما استتبع تزايد عدد المضربين عن الطعام الذين لم يعودوا مجموعة محدودة من المسجونين والمتضامنين معهم يسهل تجاهلهم. يوم الاثنين الماضى اقترب العدد من مئة داخل السجون وخارجها، وبعدها انضمت إلى الإضراب حركات ثورية، وأعداد من الصحفيين، إضافة إلى سبعة أحزاب فتحت مقارها فى مختلف أنحاء الجمهورية لدعمه.

كلما مر الوقت تتعقد المسألة، وهو ما يقتضى ربما العودة لنقطة الصفر لحل هذه الإشكالية، والخروج من المأزق بفكرة، قد تبدو غريبة، ولكنها بالتأكيد أقل غرائبية من إضافة الحروف أو رفع شعار «مفيش» الذى خلده الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم عندما قال «مفيش أى حاجة، ونفرض كمان إن فيه أى حاجة، مفيش أى حاجة».

..

ماذا؟ مثلا، على سبيل التغيير، لو أعدنا النظر فى قانون التظاهر، وأطلقنا سراح المعتقلين السياسيين؟

التعليقات