انفصال أكراد العراق وانعكاساته على الدول الإقليمية وعلى أكراد سوريا - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انفصال أكراد العراق وانعكاساته على الدول الإقليمية وعلى أكراد سوريا

نشر فى : السبت 14 أكتوبر 2017 - 11:00 م | آخر تحديث : السبت 14 أكتوبر 2017 - 11:00 م
نشر مركز الحوار العربى بواشنطن دراسة بحثية للباحثة «نسرين عبود» ــ الباحثة فى العلاقات الدولية ومتخصصة فى شئون الشرق الأوسط ــ تتناول فيه تداعيات إعلان كردستان العراق بالاستقلال عن الحكومة المركزية، وتأثير ذلك على الأكراد فى إيران وتركيا وسوريا. 
استهلت الباحثة حديثها بأنه مع انطلاق الحراك السياسى فى سوريا عام 2011 حاول الأكراد انتهاز فرصتهم الذهبية للمطالبة باستقلالهم الذاتى وخاصةً مع تحول الأحداث وتصاعد العنف والحرب الدولية وتدخل الدول فى سورية، فكانت بدايتهم تشكيل «حزب الاتحاد الديمقراطى» ــ الذى يعد الجناح العكسرى لحزب العمال الكردستانى المحظور فى تركيا ــ كما تحالف حزب الاتحاد الديمقراطى مع الولايات المتحدة والتى مدته بالسلاح واستخدمته كأداة على الأرض بحجة محاربة داعش، تم الإعلان عن تشكيل «وحدات حماية الشعب» ــ الجناح العسكرى لحزب الاتحاد الديمقراطي ــ بمشاركة «المجلس الوطنى الكردستانى» إلا أن الولايات المتحدة سرعان ما استغنت عن وحدات حماية الشعب، وخاصة بعد استيلاء حزب الاتحاد الديمقراطى على العديد من البلدات والمدن المحررة من قبضة داعش فى شمال وشرق سوريا، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإعلان تشكيل قوات جديدة وهى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهى تحالف يجمع كلا من وحدات حماية الشعب والتحالف العربى السورى والذى يتألف من مجموعة من الفصائل المعارضة المسلحة «كجيش الثوار وجيش الصناديد» إلى جانب بعض المسيحيين والآشوريين والسريان.
تنتقل الباحثة للحديث عن أكراد العراق، حيث يتراوح عددهم ما بين 5 إلى 6 ملايين نسمة، ولقد قاموا بالعديد من حركات التمرد عبر التاريخ بقيادة زعيمهم مصطفى البرزانى، ففى عام 1991 استطاعت قوات البيشمركة الكردية هزيمة الجيش العراقى بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية حيث قامت بالسيطرة حينذاك على إقليم كردستان الحالى وذلك بعد حظر للطيران فى كامل منطقة تواجد الكرد فى شمال العراق، مما سهل عليهم فيما بعد إعلانهم قيام حكم ذاتى لهم وعاصمته أربيل، وبعد حرب العراق والاحتلال الأمريكى له عام 2003 تم توسيع الحكم الذاتى للكرد وفقا للدستور العراقى.
من كل ما تقدم نستطيع أن نستخلص بأن إصرار إقليم كردستان العراق بإجراء استفتاء لانفصال الإقليم عن الدولة الأم هو يأتى فى ظروف استثنائية وخاصة التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، فلقد شعر الكرد بأن هذه فرصتهم التاريخية لتحقيق حلمهم بإقامة دولتهم القومية كردستان الكبرى ولذلك كانت البداية من العراق ولكن الغريب فى الأمر هو إصرارهم على الاستقلال والانفصال فى هذا الظرف الحرج والتشرذم الذى تمر به الدول الإقليمية التى يتواجدون بها، فالاستفتاء الذى جرى فى الخامس والعشرين من شهر سبتمبر لم توافق عليه الحكومة المركزية واعتبرته غير شرعى، ورغم الردود السلبية من دول الجوار الإقليمى وخاصة ذات التواجد الكردى على أراضيها كسورية وتركيا وإيران، فإن البرزانى قام بالاستفتاء على استقلال أربيل عن العراق.
***
انعكاسات انفصال كردستان العراق على الكرد فى دول الجوار:
أولا: أكراد إيران:
الأكراد الإيرانيون قاموا بعدة محاولات لإقامة إقليم حكم ذاتى، لكن دون الانفصال عن جسد الدولة المركزية، فكانت المرة الأولى ما بين عامى 1918/1922 حيث تشير الأحداث التاريخية إلى ثورة سمكو آغا التى تهدف إلى إقامة دولة كردية، وكانت المرة الثانية فى أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1946م وخاصة بعد الاحتلال السوفييتى للمناطق الواقعة فى شمال غرب إيران حيث شهدت هذه الفترة محاولة انفصالية قام بها الحزب الديمقراطى الكردستانى الإيرانى الأول والجماعات الشيوعية لتأسيس حكومة حليفة للسوفييت فى منطقة أكراد إيران حيث سميت بحكومة «مهاباد» إلى أنها هذه المحاولة أيضا باءت بالفشل بعد انسحاب السوفييت من إيران.
أما بالنسبة للمحاولات الحديثة لأكراد إيران بالاستقلال الذاتى عن الحكومة المركزية فكانت متمثلة بحزب الحياة الكردستانى حيث استمر هذا التمرد من عام 2004 حتى عام 2011 حيث تم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار فى سبتمبر بين حكومة طهران وحزب الحياة، وبالتالى انتهت أنشطة حزب الحياة الكردستانى، ومن الجدير بالذكر أن إيران لن تسمح لا لأكراد العراق ولا سورية ولا إيران بالحصول على أى استقلال ذاتى لأنه باختصار هو مخطط أمريكى إسرائيلى لتقسيم سورية والعراق وتركيا وإيران بحجة إعطاء الأكراد حقهم المسلوب.

ثانيا: أكراد تركيا: 
كانت هناك علاقة استراتيجية وثيقة بين كردستان العراق وتركيا، على الرغم من وجود مشكلات للأكراد فى تركيا مع الحكومة المركزية، إلا أن أنقرة استطاعت وعبر تحالفها مع أكراد العراق بتغليب المصالح الاقتصادية على المصالح القومية،، إلا أنه بعد إعلان مسعود البرزانى إجراء استفتاء بانفصال إقليم كردستان العراق أصبح خطرا استراتيجيات وقوميا على تركيا، فتركيا لطالما عانت من المشكلة الكردية ما عانته ـ وتوجد بها معارضة كردية سياسية لا بأس بها متمثلة بحزب الشعوب الديمقراطى، أو المسلحة والمتمثلة بحزب العمال الكردستانى، ولطالما كان استقلال أكراد تركيا يشكل كابوسا لأنقرة، فنحن لا نستغرب بطبيعة الحال الموقف التركى من قضية استقلال أكراد العراق، فهذا الانفصال يشكل خطرا على تركيا بعينها وعلى القضية الكردية فيها، فتركيا قد لا تتناهى عن التدخل العسكرى المباشر كما فعلت فى سوريا لمنع قيام أى كيان كردى يهدد وجودها.
***
تضيف الباحثة بأنه ليس من السهولة لإقليم كردستان العراق نيل استقلاله بسبب وجود العديد من التحديات مثل: صعوبة الحصول على اعتراف رسمى من الدول الإقليمية المجاورة، رفض الحكومة العراقية نتائج الاستفتاء والاعتراف باستقلال كردستان، لجوء الدول الإقليمية إلى غلق حدودها البرية مع حكومة كردستان، لجوء تركيا بوقف تصدير نفط كردستان العراق إلى الدول الخارجية. تراجع الاقتصاد فى حكومة إقليم كردستان جراء سياسة الحصار التى ستمارس عليها من قبل دول الجوار كإيران وتركيا، احتمال شن حرب على إقليم كردستان من قبل تركيا وإيران بغية منع انفصاله، احتمال استغلال تنظيم داعش حالة الفوضى مجددا ليعود ويسيطر من جديد على المدن التى خسرها.
بالعودة لأكراد سوريا رغم تحالفهم مع واشنطن وتقدم قوات سورية الديمقراطية فى أكثر من منطقة وإعلان الأكراد عن ما يسمى روج آفا فى مارس 2016 (منطقة غرب كردستان) كمنطقة للإدارة الذاتية حيث تضم ثلاثة أقاليم« الجزيرة وكوبانى وعفرين« هذه المناطق لا تعترف بها دمشق الحكومة المركزية حيث فرضت بعد خروج تنظيم داعش منها، طبعا كما جوبهت روج آفا من قبل تركيا والتى تعتبر قوات حماية الشعب الكردى وحزب الاتحاد الديمقراطى كامتداد لحزب العمال الكردستانى، وبما أن الأكراد يسعون لاستغلال الفرص مهما كانت الثمن، فلا نستغرب بأن يكون هناك ضوء أخضر أمريكى وروسى بإقامة فيدرالية فى سورية ينال من خلالها الأكراد حكمهم الذاتى فى المناطق التى يسيطرون عليها، وبالتالى قد نكون ربما أمام سيناريو جديد «سايكس ــ بيكو 2»، لا ننكر بأن الأكراد استطاعوا محاربة داعش وطرده من عدة مدن كان قد سيطر عليها ولكن ذلك بفضل الأمريكان ودعمهم اللا متناهى لقوات سورية الديمقراطية وقوات حماية الشعب العمود الفقرى فيها، ولكن الأكراد كغيرهم سيطلبون مكاسب جراء تضحيات كانوا قد قدموها فى سبيل تحرير مدن سورية من تنظيم داعش الإرهابى ولكن السؤال المطروح هنا ماذا لو تم طرد تنظيم داعش من مدينة الرقة ما هو مصير المدينة وهل سيقوم الأكراد بضم الرقة إلى إقليم غرب كردستان سورية؟.
تتمتع مدينة الرقة بموقع جغرافى متميز، بالإضافة إلى اقترابها من الحدود العراقية، ومن ثم تشكل للأكراد نقطة استراتيجة حيث يهدفون إلى ضم الرقة إلى غرب كردستان بهدف إقامة حلمهم القومى الأكبر (الربط بين كردستان العراق وسوريا عبر الرقة)، ولكن الرقة ليست تلك المدينة ذات الغالبية الكردية فهى عبارة عن مدينة ذات غالبية عربية تنتمى لعشائر عربية، ومن الجدير بالذكر أن قوات قسد كانت تتسابق مع الولايات المتحدة من أجل السيطرة على الرقة لمنع سورية والدول الحليفة كإيران من الوصول لدير الزور، إلا أن فك الحصار عن مدينة دير الزور من قبل الجيش العربى السورى وحلفائه قطع الطريق على قوات قسد ومن ورائها الولايات المتحدة للسيطرة على كامل الشريط الحدودى مع العراق. 
ترى الباحثة أن الرقة مدينة سورية وليست ملكا لأحد، ولا يعنى تحريرها من تنظيم داعش بأن القوى التى ساهمت فى ذلك سوف تكون لها كلمة الفصل فى نظام الحكم فيها أو فى استقلالها عن الوطن الأم، فمن الواضح بأن الهدف هو تفتيت سوريا إلى دويلات من خلال ما يسمى بالفيدرالية والتى وعد فيها الكرد بدولة مستقلة، وليس معنى تواجد أقلية معينة فى منطقة ما يعطيها الحق بالاستقلال عن الدولة الأم.
***
تختتم الباحثة حديثها بأنه ليس من المستغرب بأن إسرائيل تدعم استقلال كردستان العراق، فهى تريد قطع الحدود ما بين إيران والعراق، وبالتالى فإن استقلال إقليم كردستان العراق قد يكون البداية لتقسيم العراق، ومن ثم لتحريض وإشغال الإيرانيين بالقضية الكردية، كذلك لاستفزاز أنقرة وحملها على التدخل عسكريا لمنع قيام كيان كردى مستقل قد يشجع أكراد تركيا الذين لطالما طالبوا باستقلالهم عن تركيا، وبالتالى نحن الآن أمام مشهد جديد يجتاح منطقة الشرق الأوسط وعنوانه الجديد «سايكس ثان» لما لم يتم تحقيقه فى سايكس بيكو الأول بحيث يكون هذه المرة الكرد قاطبة فيه عبارة عن حجر الشطرنج الذى تستطيع من خلاله الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بداية إعلان خارطة جديدة للشرق الأوسط تبدأ من كردستان العراق لتنتهى بفيدرالية سوريا وربما تقسيم تركيا لاحقا.

 

التعليقات