رسالة إلى قواعد الإخوان - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 2:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة إلى قواعد الإخوان

نشر فى : الجمعة 14 ديسمبر 2012 - 8:55 ص | آخر تحديث : الجمعة 14 ديسمبر 2012 - 8:55 ص

إلى من حاد عن صفى وولى تاركًا كفى

 

ضللت الدرب يا صاحِ وخنت العهد يا إلفى

 

تعرفون هذه الكلمات التى تخاطب كل من ابتعد عن الدرب وحاد عن الحق وانتكس، تربيتم فى محاضنكم التربوية على ضرورة محاسبة النفس ومراجعتها حتى لا تنزلق بالمرء دون أن يدرى،  تتدارسون كثيرا قول الله تعالى

 

(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )

 

•••

 

لذا فأنا أكتب اليكم لأنكم مصريون من بنى وطنى ومنكم من هو صديقى ومن هو من عائلتى وتربطنى به رابطة الدم والمواطنة،  رسائلى هذه إلى القلوب النقية التى أعرف اخلاصها وتجردها ولكنها قد دلس عليها فصارت تفعل ما يخالف ما تربت عليه وما تعلمته:

 

أولا: أخطأت قيادتكم فى التقدم لتصدر مشهد الحكم فى مصر دون الجاهزية لذلك على جميع المستويات مع حالة المجتمع،  وخالفوا بذلك نصيحة مؤسس الجماعة الامام البنا الذى قال محذرا من هذا منذ عدة عقود ( فالإخوان أعقل وأحزم من أن يتقدموا لمهمة الحكم ونفوس الناس على هذا الحال)،  تقدمت القيادة لذلك لتورط الحركة الاسلامية فى مصر فى مأزق يكاد يودى بها وبمصداقيتها ومن تابع أداء قيادتكم فى قضية القرض واباحتهم للربا الذى تعكفون من الصغر على معرفة حرمته يدرك ما الذى ينتظركم بعد ذلك.

 

ثانيا: أخطأت هذه القيادة فى التعاطى مع الواقع وتكررت أخطاؤها التى قسمت المصريين إلى معسكرين متباغضين، فقد قامت بالتطبيع مع النظام القديم ولم تقم بواجبها فى التطهير ثم قررت وهى تحاول تغطية اخفاقها ارتداء ثوب الثورة وحدها ووصم الثوار بالتحالف مع الفلول، ومن ثم اكتسبت عداء الجميع حتى المؤيدين لها الذين ساندوها فى الانتخابات الرئاسية ولولاهم ما نجح مرشحها.

 

ثالثا: استمر الاخفاق وسوء الادارة ــ الذى يشهد عليه التخبط المستمر فى القرارات ــ حتى وصلت الأمور لما هى عليه الآن عقب الاعلان الدستورى المشئوم فلجأت القيادة إلى تعميق فكرة المؤامرة داخل عقولكم،  قالوا لكم إنها حرب على الاسلام والشريعة ومؤمراة لاسقاط الرئيس والشرعية،  قالوا لكم أنها حرب على المشروع الاسلامى واستعدوا للاستشهاد من أجل دينكم والحقيقة غير ذلك ــ وحتى الآن لم تخرج هذه القيادة دليلا ماديا واحدا على هذه المؤمرات سوى كلام مرسل ــ لقد أقدمتم على خطيئة حين رفعتم السلاح فى وجه مواطنين من بنى وطنكم، لا تحدثونى عمن امتلك السلاح ومن ضرب به فالسلاح كان موجودا فى الناحيتين كما قال شهود العيان الثقات،  لقد أخطاتم حين قمتم بحفلات تعذيب لمصريين بدعوى أنهم بلطجية وهم أبرياء، هل تذكرتم حينها قول رسول الله (ص): «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار»،  هل تذكرتم قول الله عز وجل (لئن بسطت إلى يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين)،  أعرف أن غالبية الشهداء هم من شباب الاخوان الذين زج بهم فى هذا الأتون ولكن الدم مصرى يخص مصر كلها ودماء هؤلاء الشهداء فى رقبة من أخذوا القرار بانزالهم،  لقد بكيت وبكى ملايين المصرين حين سالت هذه الدماء بلا سبب سوى حمق وعناد من أخذ القرار.

 

رابعا: ما تفعله قيادتكم يعزلكم كل يوم ويوم عن المصريين، هل تخيلتم فى يوم ما ــ وأنتم من اقتربتم من هذا الشعب بخدماتكم الاجتماعية وتواجدكم المستمر بين صفوفه ــ أن تخرج دعوات من المصريين لمقاطعة منتجاتكم؟ هل تخيلتم ذلك؟ ما أشد مرارته على نفسى وعلى نفوسكم؟ تبًا للسياسة والسلطة التى تباعد بينكم وبين الناس وما قامت دعوتكم إلا لإرشاد الناس ودعوتهم إلى الله، إن من يدعون لمقاطعة منتجاتكم ليسوا عملاء ولا كارهين لكم أو متربصين بل هم من عموم الناس الذين يرون أن السياسة قد أفسدت دعوتكم وانحرفت بها عن غاياتها ومقاصدها، ألا يعنى هذا وجود مشكلة وخلل يستحق التوقف والمراجعة؟

 

•••

 

أعرف أنكم تتربون على الثقة فى القيادة والسمع والطاعة لها، ولكن أى طاعة إذا خرجت بكم هذه القيادة عن مسار الخير ودرب الدعوة،  لا تصدقوا أى مبررات تقال لكم فهذه أحاديث بعيدة عن الصدق هدفها هو اقناعكم بما تقرره هذه الرأس وحدها، واسألوا العاقلين فيكم الذين يمنعهم الحياء من معارضة هذه القيادة سيقولون لكم ما أقول وأكثر.

 

إننى لا أدعوكم للتمرد على قيادتكم أو شق صفها ولكن أدعوكم إلى إعمال العقل ومراجعة الذات فلن تغفر لك قيادتك ولا جماعتك عند الله ذنب تفريق الأمة وشق صفها ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) وكل امرئ بما كسب رهين.

 

إن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع وما أشد مفسدة تمزيق الأمة وجرها لاقتتال وفتنة كبرى، لا ترتضوا أن تكونوا لهيب هذه الفتنة ووقودها، إن أسوأ ما يمكن أن يصيب الحركة الاسلامية اليوم أن تفقد مشروعيتها الأخلاقية من أجل مشروعها السياسى،  عودوا إلى نهج سلفكم وراجعو أنفسكم، فهناك خلل وخرق يتسع يوما بعد يوم وينذر بالخطر الشديد، أنصحكم لأنى أعلم يقينا أن المخلصين بينكم أكثر من المعاندين،  سيقولون لكم إننى وأمثالى نريد ايقاع الفتنة بينكم وبين قيادتكم وهذا كذب محض لا نريد لكم الا الخير من أجل مصر،  لاننا سنظل دوما نعيش معا على أرضها مهما اختلفت افكارنا واتجاهاتنا (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات