ثمن الصمت - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثمن الصمت

نشر فى : الخميس 15 يناير 2015 - 10:05 ص | آخر تحديث : الخميس 15 يناير 2015 - 10:05 ص

عندما تتجاوز فترات انقطاع الكهرباء فى الأحياء الراقية وفى فصل الشتاء الساعتين يوميا فعلينا تهيئة أنفسنا لصيف بدون كهرباء لأن الحكومة العاجزة عن توفير الطاقة الكافية فى أيام الشتاء التى يقل فيها الاستهلاك إلى أدنى مستوياته، لن تكون قادرة على توفيرها عندما يصل الاستهلاك إلى ذروته فى الصيف.

والحقيقة أن أزمة الكهرباء ليست إلا واحدة من تجليات المأساة الكبرى التى نعيشها منذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان الفاشية والفاشلة، عندما اختار الكثيرون الصمت على أخطاء نظام الحكم الجديد خشية الاتهام بالوقوف فى خندق الجماعة الأفشل والأسوأ فى تاريخ مصر السياسى. صمتنا عندما خرج علينا «دجال» فى حضرة رءوس الدولة ليعلن عن الجهاز المعجزة الذى يحول «فيروس سى إلى صباع كفتة»، واشترينا الوهم شهورا وصدقنا أننا نبنى «مستشفيات تحت الأرض» لتشغيل الجهاز بعيدا عن أعين المخابرات الأمريكية والروسية ومخابرات بلاد تركب الأفيال انتظارا للحظة بدء العلاج. ومرت الشهور وانكشفت الخديعة فلم يتكلم منا غير القليلين الذين طالبوا بمحاسبة المسئولين. وصمتنا عندما أعلن نظام الحكم الجديد عن مشروعه القومى «قناة السويس الجديدة» الذى تصل تكاليفه إلى أكثر من 60 مليار جنيه، فلم نجرؤ على طرح وجهات نظر بديلة ولا على مناقشة جدوى هذا المشروع ذى التكلفة العالية فى ظل هذه الظروف العصيبة التى نمر بها، ولا أفضلية استثمار هذه المليارات فى المشروع النووى ومشروعات الطاقة المتجددة والتقليدية لتوفير الكهرباء التى لن تنجح أى محاولة لجذب الاستثمارات بدونها. وقد صمتنا عندما خاض المرشح عبدالفتاح السيسى الانتخابات الرئاسية بدون برنامج انتخابى ولم نقل إن هذا البرنامج ليس منة ولا تفضلا من المشرح وإنما وثيقة تعاقدية مع الشعب حتى لو كان الطرفان قد اتفقا بكلمة شرف على اتمام الصفقة ومنحه منصب الرئاسة. وصمتنا عندما عشنا أسوأ صيف مع أزمة الكهرباء واكتفينا بحديث الرئيس عن المصاعب والآمال والأحلام فلم نطالب ببرنامج واضح ومحدد الخطوات والتوقيتات للتعامل مع هذه الأزمة التى يمكن أن تتحول إلى كارثة تبدد كل خطط وأحلام النهوض الاقتصادى والاجتماعى.

أزمة الكهرباء التى تعرضنا لها خلال الأيام الأخيرة يجب أن تكون كاشفة للكثير من الأخطاء التى ارتكبناها ومازلنا نرتكبها عندما رفعنا شعار «الكلام من فضة والسكوت من ذهب» فاخترنا جميعا الذهب حتى وإن كان «ذهب قشرة».

إن بعض الصمت إثم، حتى لا تعود البلاد إلى نفق الصوت الواحد والعقل الواحد والرأى الواحد الذى لم يؤد فى أى وقت من الأوقات إلا إلى نكبات ندفع ثمنها جميعا مهما كانت النوايا حسنة والقلوب عامرة بالإخلاص والوطنية.

انقطاع الكهرباء فى الشتاء واستمراره، وربما تفاقم، الكثير من المشكلات الحياتية وتلاشى العديد من مكاسب ثورة 25 يناير واختفاء الأصوات المعارضة القوية طوعا أو كرها، وعودة السياسات الاقتصادية والاجتماعية القديمة، كلها أمور تحتاج إلى وقفة من الجميع حتى لا نجد أنفسنا أمام حال لا يتمناه أحد، لأن وطنية إخلاص الرئيس عبدالفتاح السيسى للوطن والمواطن وحدهما لا يكفيان لتفادى أخطاء الماضى.

التعليقات