حين استيقظ الرئيس مرسى - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حين استيقظ الرئيس مرسى

نشر فى : الجمعة 15 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 15 فبراير 2013 - 8:00 ص

أسند رأسه على وسادة مضجعه ليرتاح بعد عناء يوم حافل بالاجتماعات والاتصالات والمناقشات وقراءة التقارير، النوم لا يداعب جفونه يشعر بدوار وصداع شديد، يقوم من فراشه ليجدد وضوءه ويصف قدميه واقفا لله عز وجل فى ركعات للقيام فى جوف الليل يطلب فيها عون الله وتوفيقه فى تحمل المسئولية التى تثقل ظهره، يبتهل فى سجوده داعيا ربه: رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَىَّّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ،

 

 رَبّ إِنِّى لِمَا أَنْزَلْت إِلَىَّّ مِنْ خَيْر فَقِير.

 

رب إنى قد مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين.

 

يطيل السجود والدعاء وتتساقط دموعه وهو يتذكر كلام شيخه وهو يحفظه حديث رسول الله

 

إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

يحترق قلبه وهو يستشعر هذه المسئولية التى حملها رغما عنه ويطوى سجادة صلاته ليعود إلى فراشه باحثا عن قسط من الراحة بعد عناء وتعب شديد، يخلد إلى النوم ليطرق باب حلمه صوت الشهيد (جيكا) وهو يحتفل بفوزه فى انتخابات الرئاسة وتبعد صورته ليحل مكانها وجه والدة الشهيد محمد مصطفى (كاريكا) تلك السيدة التى أقسم لها على الهواء مباشرة قبل انتخابات الإعادة قائلا: دم ابنك ودم كل الشهداء فى رقبتى، تسأله والدة الشهيد أين وفاؤك بعهدك وأين ثأر ابنى؟ يطرق رأسه خجلا ولا يجيبها، يتحرك ببطء إلى طريق آخر يحاول أن يبتعد عن هذا المكان فيسرع إليه جاريا الطفل عمر بائع البطاطا وهو يجرى منقطع الأنفاس صارخا: احمينى يا ريس عايزين يضربونى احمينى يا ريس! أنا ما عملتش حاجة أنا عايز آكل عيش بس.. تنطلق رصاصات متتابعة من جهة لا يعلمها لتردى عمر قتيلا تحت قدميه، يصرخ من قتلك يا ولدى؟ لا يجيبه عمر فقد فارق الحياة.

 

•••

 

يحاول البحث عن مصدر هذه الرصاصات ولكنه يشعر بثقل غريب فى قدميه يمنعه من التقدم وكلما حاول التقدم للأمام يجد قوة عاتية تشده للخلف، يحاول العودة إلى طريقه الأول فيصطدم بجسد محمد الجندى النحيل الذى يقول له: بأى ذنب قتلت يا ريس؟ لست بلطجيا ولا إرهابيا ولا قاتلا، لماذا غيبونى عن أمى لتظل تبكينى ما تبقى من عمرها؟ يا ريس عشان ربنا يسامحك روح لأمى وقولها مين قتلنى وقولها إنك هتجيبلى حقى.

 

يقرر الخروج بسرعة من هذا المكان الموحش فيدخل فى حوارى جانبية تنتهى به إلى عزبة الهجانة التى يمر عليها موكبه يوميا بسياراته التى تقترب من الثلاثين سيارة فى طريقه للتجمع الخامس، يسمع صوت أزيز متصاعد يرفع عينيه ليرى أسلاك الضغط العالى والشرر يتقافز منها وتحت هذه الكابلات عشش صفيح متلاصقة بلا سقف وأمامها أطفال عراة بثياب بالية يقلبون فى أكوام القمامة بحثا عن شىء يأكلونه، يقترب منهم بحنان وخوف صارخا فيهم: لا تأكلوا من القمامة لا تفعلوا هذا، ينظر إليه الأطفال بلامبالاة ويقولون له: وهل وجدنا طعاما آخر ورفضناه، لا تضيع وقتنا ودعنا وشأننا!

 

يبتعد عنهم ليفاجئه شابان يحملان سلاحا أليا ويقولان له: أخرج ما فى جيبك وإلا قتلناك، يقول لهم أنا رئيس الجمهورية، ألا تعرفوننى، يضحكان بسخرية، ويفرغ أحدهم رصاصات سلاحه فى جسده ليستيقظ من حلمه مفزوعا وهو يصرخ لا إله إلا الله، اللهم أغثنا اللهم أغثنا.

 

•••

 

لا يستطع النوم مرة أخرى يتوجه إلى القصر الجمهورى فى الصباح ويجتمع بمستشاريه ويخرج على الأمة معلنا هذا البيان التاريخى:

 

يا شعب مصر العظيم من اليوم أنا رئيس لكم وليس لجماعتى ولا عشيرتى، ائتمر بأمركم وأسمع لكم وأعمل من أجلكم أنتم، لقد قررت التالى ودون جلسات للحوار فالوقت لا ينتظر: ندب قاض تحقيقات مستقل للتحقيق فى كل الأحداث التى وقعت منذ توليت الحكم وحتى الآن ليعود إلى كل صاحب حق حقه وسألاحق كل من يثبت تورطه ولو كان أقرب الأقربين لى، وسأشكل لجنة من الفقهاء الدستوريين المستقلين الأكفاء ليقوموا بعمل اقتراحات تعديلات الدستور وسألزم جماعتى وحزبى  وحلفائى بالموافقة على ذلك حتى يعبر الدستور عن الجميع ونصنع التوافق، سأشكل حكومة وحدة وطنية لا تقوم على المحاصصة الحزبية بل على الكفاءة فقط لانتشال البلاد من خطر الفوضى والانهيار الاقتصادى والإفلاس وسألزمها بعرض رؤيتها وتفاصيل برامجها، وسيساعدها مجلس إنقاذ اقتصادى يعمل بكامل طاقته لإنعاش الاقتصاد والتخفيف عن الناس، وسأرفع يدى عن القضاء عبر قانون السلطة القضائية الجديد الذى يتوافق عليه جموع قضاة مصر الذين أكن لهم كامل الاحترام وأعتذر لهم عن كل ما بدر من تصرفات وتصريحات البعض ضدهم خلال الفترة الماضية، وأعلن براءتى من كل عنف مورس ضد أى مواطن مصرى وسأعاقب مرتكبه، هذه قراراتى لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة ورأب الصدع الذى أصاب شعبنا لنعود شعبا واحدا يخوض معركة البناء والنهضة التى ينتظرها.

 

عبر شاشات التلفاز شاهد الملايين الرئيس مرسى وهو يلقى خطابه وبمجرد أن انتهى ضجت الشوارع بالتصفيق والهتاف له: الصحافة فين الرئيس أهو.

 

•••

 

وبعد أن أنهى الرئيس خطابه نظر لمساعديه قائلا: أريد العودة إلى منزلى فأشاروا إلى قيادات الحرس لأعداد موكب العودة فقال لهم الرئيس: لا سأخرج ماشيا وأركب تاكسى إلى بيتى، الآن أستطيع أن أفعل ذلك وقد كنت أتمناه من البداية، ينظر إليه من حوله بذهول فيودعهم قائلا: الشعب يحمينى، والعدل حارسى، بسم الله نبدأ.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات