جدول حول موقف أوباما والسيسى من التطرف فى الدين - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جدول حول موقف أوباما والسيسى من التطرف فى الدين

نشر فى : الأحد 15 فبراير 2015 - 3:35 م | آخر تحديث : الأحد 15 فبراير 2015 - 3:35 م

خمسة أسابيع فصلت بين خطبتين مهمتين ألقاهما على التوالى الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى والرئيس الأمريكى باراك أوباما تناولا فيهما سياسات هامة ترتبط بالأفكار والعقائد المقدسة فى الإسلام والمسيحية.

وجاءت الخطبتان فى وقت تشتعل فيه منطقة الشرق الأوسط بأعمال عنف وقتل تصل لحد التوحش من جانب حكومات وجماعات وميليشيات وجيوش مختلفة. وجاء الخطبتان فى وقت لم تتوقف فيه الهجمات التى تشنها واشنطن بلا توقف عن طريق الطائرات بدون طيار على أشخاص وأهداف تحددها داخل اليمن وباكستان وغيرهما، وفى وقت لم يغلق فيه بعد معتقل جوانتانامو. وجاءت الخطبتان فى وقت تشتد فيه الجرائم البشعة لتنظيم الدولة "داعش" داخل العراق وسوريا.

•••

خلال خطابه فى الأول من يناير بمناسبة المولد النبوى الشريف، تحدث السيسى عن أهمية الخطاب الدينى وضرورة تجديده. وذكر السيسى أننا بحاجة لما وصفها بثورة دينية للتخلص من أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون وباتت مصدر قلق للعالم كله. وقال السيسى فى كلمته إنه "ليس معقولا أن يكون الفكر الذى نقدسه على مئات السنين يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير فى الدنيا كلها". وأضاف أن هذا الفكر "يعنى أن 1.6 مليار مسلم حيقتلوا الدنيا كلها التى يعيش فيها سبعة مليارات عشان يعيشوا هم". وذكر أنه يقول هذا الكلام أمام شيوخ الأزهر الذين خصهم بالحديث لما يقع على عاتقهم من مهام ينتظرها العالم أجمع. وقال السيسى لعلماء الأزهر "والله لأحاججكم به يوم القيامة"، وطالبهم بإعادة قراءة هذه النصوص بفكر مستنير، وقال موجها كلامة لشيخ الأزهر "محتاجين ثورة دينية فضيلة الإمام الدنيا كلها منتظرة منكم ثورة دينية، الدنيا كلها منتظرة كلمتكم، الأمة دى بتمزق الأمة دى بتدمر الأمة دى بتضيع وضياعها بأيدينا إحنا تلك الامانة".

وأكد الرئيس السيسى أن الخروج من هذا الفكر يقتضى ثورة دينية وتدقيقا والاطلاع عليه من الخارج لأنه "لا يمكن أن يكون داخلك وتحس به".

•••

أما الرئيس الأمريكى، وخلال حفل الإفطار الدينى السنوى، والذى أقيم الأسبوع الماضى، وحضره ممثلون عن مختلف الديانات السماوية وغير السماوية، فقد رفض أن يوجه سهامه إلى أى دين وأن يستبعد أديانا أحرى. نعم شن الرئيس باراك أوباما هجوما عنيفا على تنظيم داعش، وقال إن أعماله لا صلة لها بالدين الإسلامى. وقال "هذه أعمال همجية لا يمكن أن توصف باسم الدين.. إنها ليست غير عصابة قتل شريرة ووحشية". واستطرد بذكر أمثلة مختلفة للجرائم التى تقترف باسم الأديان "ها نحن نرى الحرب الطائفية فى سوريا. وها نحن نرى قتل المسلمين والمسيحيين فى نيجيريا. وها نحن نرى الحرب الدينية فى جمهورية أفريقيا الوسطى، وها نحن نرى صعود معاداة السامية وجرائم الكراهية فى أوروبا، التى كثيرا ما تنفذ باسم الدين". إلا أن أهم ما قاله أوباما تعلق برفضه أن ينسب القتل إلى جهة محددة، أو بقعة معينة من العالم، وإغفال غيرها. وقال "تذكروا أنه خلال الحملة الصليبية ومحاكم التفتيش، ارتكب الناس الكثير من الفظائع باسم المسيح، وفى بلدنا، كانت هنالك عبودية وقانون جيم كرو (الفصل العنصرى ضد السود)، وكلها كانت كثيرا ما تبرر باسم المسيح".

استشاط الجمهوريون اليمينيون غضبا من حديث أوباما. وشن قادتهم هجوما قاسيا ضد الرئيس باراك أوباما على جمعه بين إرهاب تنظيم الدولة "داعش" والتطرف الذى حمله الأوروبيون خلال الحملات الصليبية، معتبرين أن تلك المقارنة التى أبداها "غير لائقة" ومهينة لمن وصفوا بـ"المؤمنين المسيحيين". وذكرت دوائر اليمين الأمريكى الإعلامية مثل صحيفة واشنطن تايمز وشبكة فوكس الإخبارية أن تصريحات الرئيس خلال صلاة الإفطار تعتبر أكبر هجوم من أى رئيس أمريكى على المسيحية. "لقد أساء أوباما إلى كل مسيحى مؤمن فى الولايات المتحدة، وربما يدل هذا على أن أوباما لا يؤمن بأمريكا أو القيم التى يتشارك فيها الأمريكيون"، كما أشار أحد الكتاب اليمينيين فى موقع قناة فوكس.

على العكس من الهجوم على أوباما، لاقت دعوة السيسى بشأن "الثورة الدينية داخل الإسلام" ترحيبا كبيرا من نفس الدوائر التى هاجمت ما قاله الرئيس أوباما. وعلى سبيل المثال فقد رأت صحيفة واشنطن تايمز أن الرئيس المصرى هو الوحيد والأول بين كبار زعماء العالم الذى يبدو على استعداد للظهور أمام كبار رجال الدين والقول إن الفكر المتطرف فى الإسلام يدفع الإرهابيين لقتل الناس فى جميع أنحاء العالم. ورأى فريق تحرير الصحيفة أن خطاب السيسى منح الأمل ليكون بداية لحملة من الإصلاح يقودها المسلمون المعتدلون على صعيد الخطاب الدينى وتجاه المتطرفين من الدعاة.

•••

استمرار التركيز على أن الإسلام، دون غيره من الديانات السماوية الأخرى، يشجع على العنف لا يقدم جديدا لحل المعضلات الأمنية الكبرى. ما قامت به إسرائيل من قتل مئات الأبرياء فى عدوانها الأخير على قطاع غزة لم يصنف كسلوك نابع من الديانة اليهودية، فى الوقت الذى لا يربط فيه أحد بين اليهودية وفظاعة واستمرار الاحتلال الإسرائيلى ككل. وما يجرى يوميا من قتل لكثير من الأبرياء من خلال الطائرات بدون طيار لا يصنف كعمليات قتل مسيحية، ولا يذكر أحد أن من أنشأ وأدار وعذب داخل معتقل جوانتانامو لا ينتمون للمسيحية. منذ انهيار الاتحاد السوفيتى صنع الغرب من راديكالية بعض المسلمين عدوا جديدا، وكان لوقوع أحداث 11 سبتمبر أثره فى تأكيد العداء الذى تخطى الراديكالية وامتد لتوريط أمريكا فى أطول حروبها فى التاريخ سواء فى أفغانستان أو العراق. وكان الخطاب اليمينى الأمريكى إحدى دعائم التعبئة المستمرة للحروب بخلقه لحالة الهيستيريا التى يغذيها تطرف البعض وجهل آخرين.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات