للمصحف رب يحميه - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

للمصحف رب يحميه

نشر فى : الجمعة 16 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 16 مارس 2012 - 8:00 ص

رحم الله الإمام الأكبر «عبدالحليم محمود»، الإمام الذى ساق الله على يديه مجد الأزهر وفتح لهذا المجد آفاقا لم تكن مطروقة من قبل. فمعاهد الأزهر التى لم تبلغ 100 معهد قبل الإمام الجليل ارتفع عددها فى عهده فتجاوزت 4000 معهد.. تلك المعاهد التى قاربت الـ8000 معهد الآن، الأمر الذى يقهر المشيخة الحالية ويضغط على أعصابها، إذ تصرح دائما جهارا نهارا بأنها تود لو أغلقت ثلث هذه المعاهد متأثرة بمشورة مستشارى السوء أعداء الأزهر، رغم أنهم أتوه فقراء فأغناهم الله، وجوعى فأطعمهم الله، ومع ذلك يتنكرون للأزهر ويحاولون التضييق عليه من كل الجهات لا لذنب إلا لأن للأزهر فضلا على أمثالهم.

 

هذا الأزهر المعمور قد اتسعت ساحاته بانتشار المعاهد، وتفتحت الآفاق أمامه بكثرة الكليات.. تلك الكليات التى لولاها ما صار هؤلاء أساتذة ولا عمداء ولا أدنى من ذلك ولا أكثر. وايم الله لولا ما فعله عبدالحليم محمود ما وجد هؤلاء فرصة لأستاذية ولا لعمادة فضلا عن مناصب وألقاب أوسع كثيرا من قدرتهم الكليلة، ورؤيتهم المحدودة، فكيف إذا أضفنا إلى ذلك أنهم تلاميذ نجباء لمدرسة تجفيف المنابع التى تسعى بجهد مخطط لتحويل الأزهر متحفا جامعا وأثرا لا روح فيه!

 

لماذا هذا التحدى للأزهر والإصرار على إخراجه من سباق الجامعات العالمية فضلا عن إمامته للجامعات الإسلامية قاطبة؟

 

هل كل من صاحب مستشارى السوء أصغى لهم وتفاعل مع مكرهم تضييقا على الأزهر وحصارا له وصرفا للأجيال عنه؟!

 

ومن غريب ما يتناقله العالمون بشئون الأزهر أنهم سمعوا زعيم هذا التيار وحامل رايته يحدث محاوره، قائلا: «لا تعقبوا علينا، دعونا ندير الأزهر سنوات كما أداره «الشراقوة» من قبل..»، ولم أشرف بانتمائى للشرقية ولكن أقول: ألا قدرة لكم على إثبات الذات إلا بتخريب ما فعله «الشراقوة»؟! اللهم إن البيت بيتك والأمر لك.

 

كذلك شاء الله للأزهر ولعبدالحليم محمود أن يصدر مصحف الأزهر الشريف لأول مرة فى عهده، فأضاف ذلك منزلة كبرى إلى منزلة انتشار المعاهد وتجاوزها الآلاف، أن أصبح للأزهر بجهود ذاتية مصحفا يدل على محور رسالة المؤسسة وغايتها.

 

فلما ابتلى المسلمون والأزهر والدعوة بخريجى «لجنة سياسات الحزب المنحل» إذا بالمعاهد تتقلص، وعشرات المعاهد الرسمية والخاصة يحال بينها وبين التشغيل دون أدنى مراعاة لحق الأزهر فى الاتساع، ولا لحق الدعوة فى الانتشار ولا لحق الثورة المصرية فى محاربة فساد تجفيف المنابع وحصار الأزهر فضلا عن مطاردة أوائل الخريجين وحجبهم عن العمل فيه.

 

والمصريون قاطبة ليسوا فى خوف الزعيم الوقور «عبدالمطلب بن هاشم» فى مواجهته «أبرهة الحبشى» حين استشعر ضعف قومه ــ قريش ــ عن مواجهة حملة الفيل، فقال عبدالمطلب قولته الشهيرة «للبيت رب يحميه» بل إن الأزهريين ليقولون «للأزهر رب يحميه بتلاميذ لن يفرطوا فيه».

 

أما المصحف الشريف فقد نال من المشيخة الحالية ما لم يرضه أحد.. المصحف الذى خلق الله الأزهر ليؤدى دورا شريفا فى حفظه.. ذلك الدور المصرى، حيث يقوم الأزهر منذ وصول حرفة الطباعة إلى مصر وحتى ديسمبر 2010 بتصحيح ومراجعة المصاحف مجانا احتسابا لله، ثم تقدم خطوة جبارة بإصدار مصحف الأزهر، ثم صدور القانون 102 لسنة 1985 بتكليف مجمع البحوث الإسلامية بتلك الوظيفة وتقرير صفة الضبطية القضائية للعاملين فى هذا الشأن، وقرر عقوبات للمخالفين، ومما يلاحظ على هذا القانون الذى صاغ مسودته المرحوم الإمام «جاد الحق» أن العقوبات المنصوص عليها فى القانون هى عقوبات مالية لا تتجاوز العشرة آلاف جنيه، وفى حالة العود تكون العقوبة بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات.. هكذا قرر أهل الفقه أن تكون العقوبة غرامة مالية محدودة، أو سجن للفاعل فى حالة العود، لكن تدور الأيام ويبتلى الأزهر والمصحف معه بمن يصدرون قرارا غريبا ومريبا يجافى الحق والعدل بل ويخالف القانون المعنى إذ ينص قراراهم ــ ولله الأمر ــ على ما يلى:

 

1ــ المطابع التى حدث منها خطأ لا ينظر فى طلباتها إلا بعد ثلاث سنوات من تاريخ الإيقاف، مع إلغاء التصريح السابق (المقصود عدم طبع المصحف ومحاربة المطابع القائمة بهذا العمل)، وهذا يخالف نص العقوبة القانونية، فالعقوبة موجهة ضد المصحف بعدم نشره وليست ضد الفاعل.

 

 

2ــ أما المطابع التى لم تخطئ فلابد أن ترفق بطلبها خمسة آلاف جنيه (!!) تودع فى حساب خاص يصرف منه على شئون القرآن (هكذا رسوم بلا قانون وتضاف إلى وعاء غير قانونى يظهر الدولة والأزهر معها فى مظهر الابتزاز والتسول تحت اسم المصحف).

 

3ــ المطابع الطالبة لترخيص طبع المصحف أو إعادة طبع ما سبق الترخيص به لا يقبل منها الطلب إلا إذا تقدمت بتعهد تلتزم فيه بدفع مبلغ 200 ألف جنيه إذا ثبت إهمالها، فلإذا تحصلت تلك الغرامات تودع فى حساب خاص باسم مطبعة الأزهر التى يراد إنشاؤها لطباعة المصحف.. يا للعار.

 

هذا هو القرار الشيطانى الذى قرره المسئولون عن الأزهر فى 30 ديسمبر 2010 ومن يومها وحتى الآن ورغم قيام الثورة مازال الأزهر لا يصدر تراخيص لطبع المصحف، فيا ترى ماذا يكون السبب؟! أصوات كثيرة داخل الأزهر وخارجه تعلل تلك الكارثة بأحد التعليلات الآتية:

 

● عزم ماض وإرادة نافذة لتخلف الأزهر عن ممارسة دوره.

 

● إفساح الساحة المصرية وغيرها لمصاحف مستوردة.

 

● فساد (البيزنس) قد وصل إلى أماكن حساسة وذلك بفعل فاعل، إما من كارهى المصحف أو من مستوردى المصحف وإما من

الزعامات التى تحاول أن تطاول مصر تريد أن تحتل مكانتها، فهل يجوز أن يكون الأزهر معبرا لذلك أو لبعضه؟!

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات