ماذا بعد؟! - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا بعد؟!

نشر فى : الخميس 15 مارس 2018 - 9:40 م | آخر تحديث : الخميس 15 مارس 2018 - 9:40 م

لا يخفى على الجميع أن مصر تمر بأصعب أوقاتها من حيث غلق المجال العام، ومن حيث مساحات الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان. فلم نمر بمرحلة أصعب وأقسى من تلك المرحلة التى ينكل فيها بالمعارضة أو بأى طرف له رأى آخر أو مخالف.

ورغم ذلك حاولنا أن نكون طرفا من مشهد الانتخابات الرئاسية القادمة أو حتى جزءا لاعبا بشكل أو بآخر وأن نكسر هذا الركود بأى طريقة كانت ونستغل وجود انتخابات رئاسية حتى ننتزع ولو جزءا صغيرا من هامش المجال العام، ولكن دون جدوى. باءت كل محاولتنا بالفشل وانحسرت الانتخابات بين طرف يحكم وطرف ليس إلا محاولة لإعطاء شرعية لهذه الانتخابات.

السلطة ليست امتيازا، والحقوق والحريات ليست نصوصا، ويجب أن يتحقق التوازن بين السلطة والحرية لأن من أساس المواطنة تحقيق الآمال والقضاء على المعاناة وصيانة حقوق الإنسان.

ولكن نحاول جاهدين أن نتجاوز كل هذا ونقنع أنفسنا بأن هذه المرحلة تمر بكل ما فيها من صعاب ونسأل سؤالا شرعيا عن ما هو قادم بعد هذه الانتخابات، هل أحد يستطيع أن يجاوبنا عن هذا السؤال وماذا بعد؟
على سبيل المثال لا الحصر ماذا عن التعليم وتحسين جودته هل ننتظر تطويرا ما؟ ماذا عن الخدمات فى المستشفيات؟ ماذا عن العلاج الناقص غير المتوافر؟ ماذا عن البطالة؟ ماذا عن الارتفاع الجنونى فى الأسعار؟ ماذا عن متوسطى أو معدومى الدخل؟ ماذا عن التأمينات؟ ماذا عن المواطن البسيط؟

فهل نستطيع أن نقول بأن علينا التريث فى مشروعات ضخمة لا نرى لها مردودا إلا على المدى الطويل على المواطن المصري؟ ونبدأ نتحدث قليلا عن الخدمات ومستوى المعيشة للمواطن وكيف سيستطيع أن يواجه الحياة بهذا المستوى المنحدر فى الدخل والخدمات وتأمين الحياة المعيشية؟.
***

فهل بإمكاننا أن نعيد ما قلناه مرارا وتكرارا من أن القضاء على الإرهاب لن ولم يكن أمنيا فقط، فالإرهاب يبدأ فكرا ومقاومته لابد أن تكون ثقافيا وفنيا وأدبيا ومجتمعيا وسلوكيا مع السماح لكل الآراء المختلفة المعارضة أن تقال وتنتشر ويفتح عليها حوار مجتمعى بناء حتى لا يرتمى الشباب فى أحضان جماعات تكفيرية إرهابية هدامة. فنحن مع المواجهة الأمنية للإرهاب «مع كامل تقديرنا للقوات المسلحة والشرطة وأبلغ تحياتنا لأرواح الشهداء»، ولكن أيضا مع فتح المجال العام والسماح للمعارضة القيام بدورها من نقد النظام القائم وإعطاء مساحة فعالة للحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان هو وسيلة لمقاومة الإرهاب ومن دونها ستقتل إرهابيا ويولد إرهابى صغير آخر.

هل من حقنا أن نتساءل كيف سنقاوم الفساد ونحاربه فى الفترة القادمة؟ هل سنستمر فى محاربته بالقطعة مثلما يحدث الآن؟ أم سيكون لدينا منظومة كاملة للقضاء ومكافحة الفساد واقتلاعه من جذوره؟.

لكى يحدث كل ما سبق لابد أن يكون هناك حوار بناء مع كل القوى السياسية المختلفة فى المجتمع المصرى. فكل هذه القوى لديها رؤية محترمة عن جميع الملفات الشائكة فى المرحلة الراهنة. وبدلا من التنكيل بهم وتخوينهم وتشويههم فماذا عن استبدال ذلك باحترامهم وفتح مجال للحوار المتبادل معهم ومناقشة قياداتهم حسب خبرتهم فى المجالات المختلفة؟ ماذا سيخسر النظام إذا انتهج هذا النهج فيما هو قادم؟ فقد ثبت بكل التجارب السابقة سواء فى بلادنا أو فى بلاد مختلفة أن الصوت الواحد والرأى الواحد ودوام التصفيق للنظام لا يصلح ولا يبنى أوطانا فلماذا نصر على تكرار الفشل بدلا من أن نتعلم منه ونغير من أساليب فشلت ونطور من أساليب جديدة ثبت من الممارسة أنها الطريق للحل والطريق للبناء؟.
***

هل من الممكن أن نطمح فى مرحلة جديدة مفتوحة وليست منغلقة، مشرقة وليست مظلمة، حرة وليست حبيسة، متعددة وليست منفردة، ديمقراطية وليست ديكتاتورية، تحترم الجميع ولا تخونهم.

مرحلة نضع فيها المواطن المصرى البسيط وحياته ومستقبله صوب أعيننا.

مرحلة إعلام مهنى وليس إعلام المصاطب والحوارى. نتمنى من خلالها أن يحقق الإعلام دوره فى حماية الحقوق والحريات، إعلام مهنى نزيه غير منحاز إلا للحقيقة لتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان.

مرحلة حوار لا قمع، مرحلة حرية لا حبس، مرحلة رغد لا فقر.

هل ممكن أن نطمع فى الإفراج الفورى عن شباب مسالم محبوس بسبب أنه له رأى مخالف للنظام؟

هل ممكن أن نطمع فى عودة للعمل الأهلى وفك الحصار عن منظمات المجتمع المدنى المستقلة الفعالة؟

هل ممكن أن نطمع فى رفع الحجب عن المواقع الحرة المستقلة والمعارضة البناءة؟

هل ممكن أن نقول بعد سبع سنين «عيش، حرية، كرامة انسانية، عدالة اجتماعية»؟

إننا نريد أن يطبق القانون الذى يعتبر حصن الحريات والحقوق بضوابط قانونية ودستورية وتفعيل دور الدستور فى حماية كرامة المواطنين والحريات العامة وحقوق الإنسان.

هل ما زال هناك وقت لكل ما سبق، هل الحلم مازال متاحا، هل الأمل من الممكن أن يذهب ويعود ولكن لا نفقده.

روحنا بتحب الحرية.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات