على رصيف طوارئ «القصر العيني».. خالد متهم بـ«الصحافة» - هدير الحضرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:47 م القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على رصيف طوارئ «القصر العيني».. خالد متهم بـ«الصحافة»

نشر فى : الثلاثاء 15 أبريل 2014 - 6:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 15 أبريل 2014 - 6:09 م

افترشنا رصيف الطريق المخصص لمرور السيارات أمام غرفة الطوارئ بمستشفى القصر العيني الفرنساوي، شباب جميعم في عشرينات العمر، يحملون حقائبهم خلف ظهورهم، والأغلب تتدلى كاميرات التصوير من فوق أكتافهم.

دخلت المستشفى لاهثة وأنا أفكر أنني أنتمي إلى ذلك الجيل الذي قدر له أن ينتظر أصدقاءه أمام غرف العمليات وفي أروقة المستشفيات. صورة صديقتي مياّدة أشرف تزاحمني بعنف :

- لو سمحت عايزة أسأل على مصاب لسه واصل

- لو تقصدي المضروبين بالنار.. هتلاقيهم في الطوارئ.

أركض لأدخل قسم الطوارئ، أبحث عن خالد حسين زميلي الصحفي بموقع اليوم السابع، الذي سمعت عن إصابته بطلق في صدره أثناء تغطيته لإشتباكات جامعة القاهرة، لم يكن أحداً يعلم أهو طلق ناري أم خرطوش، قيل لنا بعد ذلك في المستشفى إن إصابته كانت جراء طلقة رصاص حي.

ما يقرب من عشرين شاب وفتاة جالسين يفترشون الأرض، فيما يستند البعض بظهره إلى الحائط. وجوه الجميع متجهمة، لا يوجد من يمكن أن يشرح لنا حالة خالد، ولا من يخبرنا ماذا يفعلون به في الداخل.

والدة خالد وخالته تبكيان. تنضم إليهما والدة عمرو سيد المصاب الآخر. مجموعة من أصدقائه يلتفون حولهم لتهدئتهم، في البداية كانوا يكذبون:

«متقلقوش .. الطلقة عملت تعويرة بسيطة وخلاص .. الدكاترة بس بيعملوا أشعة دلوقتي عشان يطمنوا ».

أعداد الصحفيين تتزايد أمام غرفتي الطوارئ، المشادات تزداد مع أمن المستشفى، اسم ميادة أشرف صحفية الدستور الراحلة، التي قتلت في اشتباكات عين شمس يتردّد كثيراً بين المتواجدين. أثناء انتظارنا تخرج بعض الأسرّة من الغرفة وقد تلطخ فرشها الأبيض بالدماء:

«يا ترى أي سرير فيهم عليه دم خالد ؟ ».

موجة من العنف تضرب فجأة الشباب. الأصوات المتعاركة تعلو. ثلاثة رجال من الشرطة يخرجون من باب غرفة الطوارئ وفي خلفيتهم الضجيج. أحد الشباب يصرخ :

«المباحث دخلت أوضة العمليات عشان تاخد فوارغ الرصاص»

خالة خالد تصرخ :

«هم مقالوش هياخدوا حاجة .. انتم عايزين تهيجوا الدنيا وخلاص».

خالد ينتقل إلى غرفة ثانية في الطوارئ. الساعة الخامسة والنصف تعلن قدوم الليل دون أن نعلم تحديداً ما حالته. التخبط والحيرة يشملانا جميعاً، أحد العاملين بالمستشفى يصرخ فجأة : «عايزين نقل دم»، فيركض كل الصحفيين المتواجدين للتبرع بالدم، قيل لنا بعدها أنهم نجحوا في وقف النزيف الذي أصابه في الرئة، ولكنهم لم يتمكنوا من استخراج الرصاصة. سيجرون عملية لاستخراجها فيما بعد، ثم تم وضعه على جهاز التنفس الصناعي بعد السابعة مساء بقليل.

يأتي الخبر إلى الصحفيين بأن نقيب الصحفيين دعا إلى وقفة احتجاجية للإضراب عن التغطية الميدانية وتنظيم وقفة حاشدة يوم الخميس المقبل. يصمت البعض فيما تتردّد عبارات السخرية على ألسنة آخرين، يقول أحدهم: «لو كانوا عملوا حاجة حقيقية بعد ميّادة مكنش حد مننا حصله حاجة».

البعض منّا كان يبكي صمتاً. البعض ضعفاً، والبعض الآخر غضبا. "لو لم يكن الأمر مبتذلاً في تلك الحالة لالتقطت صوراً كثيرة لأعين أصدقاء خالد ووالدته، تلك اللمعة التي لا تنسى".

خالد الذي أصيب من قبل بخرطوش وبكسر في يده جراء تغطيته للإشتباكات، لم يقرّر يوماً التوقف عن ممارسة مهنته. فمتى يتم التوقف عن استهداف الصحفيين، أوبالأحرى التوقف عن اعتبار الصحافة «تهمة» كما كانت تصفها إحدى الواقفات أمام غرفة العمليات، في انتظار معرفة مصير «المتهم».

التعليقات