سيد زيان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيد زيان

نشر فى : الجمعة 15 أبريل 2016 - 10:15 م | آخر تحديث : الجمعة 15 أبريل 2016 - 10:15 م
هو أحد ملوك الأدوار الثانوية، وأحيانا، الهامشية، لكنه استطاع، بمهاراته الخاصة، إثبات حضوره اللامع، فى المشاهد القليلة، التى أداها، فى العديد من الأفلام.

رب ضارة نافعة «سيد زيان، ومعه حسن عابدين، وحسن حسنى، انخرطوا فى صفوف «المسرح العسكرى» الذى تكون فى بداية الستينيات، ليقدم عروضه لجمهور متسامح، مكون من الجنود أساسا.. غير صحيح ما يقال عن اعتماد تلك الفرقة على «نصوص عربية وأجنبية لكبار الكتاب»، فالحق أنها دأبت على اختيار ما هو ملفوظ من فرق المسارح الأخرى، التى تتنافس على تقديم أعمال توفيق الحكيم، ألفريد فرج، نعمان عاشور.. استعان «المسرح العسكرى ــ بمخرجين من الدرجة الثانية والثالثة.. لذا، جاءت العروض مهلهلة، يسقطها تاريخ المسرح من ذاكرته تماما.. لكن ميزة هذا الوضع أنه أتاح فرصة الارتجال للممثل، وطبعا، هذه ليست ميزة مطلقة، خاصة حين يكون النص قويا، متماسكا، والإخراج دقيقا، محكما، وهى الأمور التى لم تتوافر فى تلك الفرقة، وبالتالى، أمسى على الممثل، الاعتماد على أريحية، وقدراته الخاصة، كى يجعل الجمهور متجاوبا معه، كأن يؤدى موالا، كما الحال بالنسبة لسيد زيان، صاحب الصوت الرنان، بمساحته العريضة، أو يستحدث إفيهات، بمساعدة زملائه، أو يندمج، منفردا، فى أداء مواقف تراجيدية أو كوميدية، قد يكررها إذا تقبلها الجمهور، وقد يضيف إليها، فى الليالى التالية.. إنه إبداع الممثل، يعوض به، إلى حد ما، خواء وضعف العرض، تأليفا وإخراجا.

عين فؤاد المهندس المنتبهة، التقطت سيد زيان، رشحه لدور «زربيح» فى «سيدتى الجميلة» التى أخرجها حسن عبدالسلام ١٩٦٩.. طبعا، وافق الذكى، منتج المسرحية، صاحب «الفنانين المتحدين»، سمير خفاجى.. من قبل، عقب إلغاء فرقة المسرح العسكرى، شارك سيد زيان، فى عدد من المسرحيات، المسلسلات التليفزيونية، الأفلام.. لكن «زربيح» لفت له الأنظار، بمشيته الأقرب لمشية الغراب، وصدره المنتفخ، وصفارته المحملة بالرزاز، وهو ينطق حرف السين بدلا من الشين.

على شاشة السينما، شارك فى أكثر من ستين فيلما، اثنان منها أدى دور البطولة: «دورية نص الليل» لكمال صلاح الدين ١٩٨٦، «حظ من السماء» لعبدالهادى طه ١٩٨٧، وهما يدخلان فى خانة أفلام المقاولات، سيئة السمعة.

فى أدواره الثانوية، تمتع بحضور قوى، راسخ، متمكن، متغير الملامح واللمسات، خاصة حين يعمل تحت قيادة مخرج كبير، مثل سعيد مرزوق، أو عاطف الطيب.

مشاهد قليلة يؤديها فى «أريد حلا» لسعيد مرزوق ١٩٧٥، يصبغ بها الفيلم بلون رمادى قاتم.. إنه يبدو، بشاربه الأسود المشعث، السواد، وبذته الداكنة، أقرب للخفاش، ما إن يقترب من فاتن حمامة، فى المحكمة، حتى تجفل بعيدا عنه، فبإحساسها الأنثوى، كما سنتبين حالا، أنه مجرد قواد يحوم حول من يرى أنهن على استعداد للتعاون معه.. فى المشهد التالى، من خلال عيون فاتن حمامة، نراه متوردا، فى لزوجة، لإحدى الشاكيات، رجاء حسين، حاملا أحد أطفالها، ثم، ها هو فى مشهد لاحق، يغادر المحكمة بصحبة الضحية.

أما فى «ليلة ساخنة» للقدير، عاطف الطيب ١٩٩٦، فإنه لا يظهر إلا فى الثلث الأخير من الفيلم.. شحنة من القلق والتوتر يثيرهما من مجرد ظهوره، برابطة عنقة الكريهة، المتنافرة مع لون بذته، ليوقف عربة الأجرة التى يقودها فور الشريف، طالبا الاتجاه به إلى المطار، حاملا معه حقيبة مليئة بالأوراق المالية.. فى الطريق، المحفوظ بالمخاطر فى ليل القاهرة، يواجه العتيد، عزت أبوعوف، شريكة فى الأعمال القدرة، الذى يكتشف خداعه، ويلاحقة، ليقتل كل منهما الآخر.. سيد زيان، هنا، كما فى «أريد حلا»، يمنح الفيلم، بهدوئه، مذاقا صاخبا.. مع عطن الدم ولسعان رائحة البارود.. إنه.. موهبة كبيرة.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات