اللقطة الأخيرة - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللقطة الأخيرة

نشر فى : الجمعة 15 أبريل 2016 - 10:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 15 أبريل 2016 - 10:42 م
استوقفتنى كثيرا «اللقطة الأخيرة» فى ختام زيارة العاهل السعودى للقاهرة.. الرئيس يذهب بنفسه إلى المطار، لتوديع «ضيف مصر الكبير»، وهو الوصف الأوسع انتشارا خلال خمسة أيام هى عمر «الزيارة الملكية». عند سلم الطائرة يمسك الرئيس بيد الملك ويرفعها أمام الكاميرات، لتقتنص على الفور«اللقطة» التى تصدرت المشهد، مصحوبة بعنوان عريض «مصر والسعودية إيد واحدة».

جبهتان تنافستا فى قراءة تفاصيل «اللقطة»، وإبراز ما فيها من دلالات، بشكل يعكس قناعة كل منهما وحقيقة تموضعهما فى المشهد الكبير. الأولى مؤيدة للرئيس، رأت أنها تؤشر بوضوح إلى ميلاد تحالف استراتيجى مصرى سعودى، وهو من وجهة نظرى «طرح مبالغ فيه»، لايجد دلائل كافية على الأرض تدعمه، أما الثانية وهى المعارضة، فوصفتها بأنها «تسليم راية القيادة» إلى الرياض بعد احتفاظ القاهرة بها عقودا عديدة، لكن هذا التصور ينطوى على استعجال فى الاستنتاج، لأن مصر لم تنساق حتى هذه اللحظة وراء التصورات السعودية للقضايا والملفات المشتعلة فى المنطقة.

الدور القيادى لا يعتمد فقط على وجود وفرة مالية، وإلا كانت اليابان أو المانيا تتحكمان فى العالم الآن، لكنه يعتمد على عناصر عدة، منها الموقع الجغرافى والتاريخ والبعد الحضارى والتأثير الثقافى ومفردات القوة الناعمة، وهى أمور لاتزال تنفرد بها مصر، لكنها غير مستغلة ويعلوها تراب «التقوقع على الذات»، ولم تجد حتى الآن من ينفض عنها التراب ويوظف أدواتها.

فى تقديرى إن «اللقطة الأخيرة» فى زيارة العاهل السعودى، لم تكن أكثر من«رجاء وتمنى». رجاء باستمرار الدعم المالى والتدفقات الاستثمارية، وتمنى بزيادتها لإقالة العثرة الاقتصادية للحكومة المصرية، والتى يقول البعض إنها قد تكون دفعتها إلى توقيع اتفاقية أثارت الجدل واللغط والعواصف المحملة بنذر الخطر، وهى «تعيين الحدود البحرية» مع المملكة وإعادة جزيرتى تيران وصنافير لها، وتصدى الرئيس شخصيا لهذا الأمر وتحمله وحده عبء تداعياته «أنا أخذت الضربة فى صدرى» وفق تعبيره لممثلى المجتمع المصرى.

«اللقطة الأخيرة» لأى رئيس، هى دائما ما تسجل فى كتب التاريخ.. فجمال عبد الناصر، رحل وهو يقاتل لاستعادة الأرض التى فقدها فى 67، وأنور السادات اغتيل احتجاجا على توقيع اتفاقية كامب ديفيد التى أعادت الأرض المحررة فى 73، وحسنى مبارك لن يتذكره التاريخ كـ«صاحب الضربة الجوية الأولى»، ولكن كحاكم فاسد بحكم القضاء، ومحمد مرسى، سيسجل كأول حاكم مصرى ارتدى البذلة الحمراء، بعد إدانته فى قضية الفرار من سجن وادى النطرون، أما الرئيس عدلى منصور، فسيظل بين أوراق كتب التاريخ وقلوب المصريين، مصحوبا بلقب «المستشار الجليل».

ماذا يتوقع الرئيس السيسى أن يسجل عنه فى كتب التاريخ؟هل سيكتب أنه حافظ على بقاء الدولة وسيادتها وسلامة أراضيها، وحارب الإرهاب بقوة، وحفر قناة سويس جديدة، وأطلق مشاريع اقتصادية عملاقة مثل المليون ونصف المليون فدان؟ أم سيسجل إن الحكومة فى عهده سلمت بسهولة أرضا مصرية، فى نظر الكثيرين، وشنت حملة دفاع «مخزية ومهينة» فى إثبات ملكيتها للسعودية؟.

بالتأكيد الخلاف المثار بين المؤيدين والرافضين لهذا القرار، وحروب الوثائق والوثائق المضادة والخرائط والخرائط المضادة، التى يعج بها المشهد الآن، هو الذى سيكتب فى التاريخ، وعندما يتم إنزال العلم المصرى ورفع العلم السعودى، ستكون «اللقطة الأخيرة» التى تسجل ضد الحكومة المصرية.

هذا الأمر لا يرضاه أو يتمناه الجميع، مهما كانت المبررات أو الوثائق أو الظروف التى دفعت الحكومة إلى اتخاذ مثل هذا القرار، وبالتالى فإن المطلوب الآن من الرئيس، نزع فتيل الأزمة التى أضحت «كرة ثلج» تكبر يوما بعد يوم، وأن يحافظ على «اللقطة الأخيرة» لحكومته فى التاريخ، ويترك مصير هذه الجزر فى يد صاحبها الذى له الحق الأصيل فى تقرير مصيرها، ولا يغلق باب النقاش بجملة «أنا مادتش الأذن لحد يتكلم». سيادة الرئيس«استفت شعبك» وإن أفتوك مستشاروك بغير ذلك.
التعليقات