من حق الشيخ محمد حسان أن يمرح بأفكاره القديمة، ويتجول بها بين منابر المساجد المحررة، ومقاعد الفضائيات، لكن ليس من حق الإعلام أن يقدم الرجل على أنه صاحب أفكار، أو آراء سياسية قد تسهم فى صياغة مستقبل مصر المسكينة.
فى خطبة جمعة بعنوان «لا تلبسوا الحق بالباطل» تحدث الزعيم السلفى فى مسجد المدينة المنورة بحدائق الأهرام، محذرا من فصل الإسلام عن السياسة، «فكيف يكون للإسلام حكم فى اللحظات التى يقضيها الإنسان فى دورة المياه، ولا يكون له حكم فى كل جزئية فى حياتنا؟».
يضيف بيقين أحسده عليه: علماؤنا بالإجماع يعرّفون الخلافة الإسلامية على أنها حراسة الدين، وسياسة الدنيا به.
علماؤنا وبالإجماع؟
«العالم الهاوى» وزميل دفعتى فى كلية الإعلام، يعرف أن العبارة يمكن الرد عليها من كل الوجوه، لكنه يستفيد من سيولة عامة تضرب مناخ الحوار السياسى والدينى فى مصر، وتستعيد صورة العالم الذى يلقى من عليائه أفكارا فى اتجاه واحد، على غرار الصورة الشهيرة للشيخ الشعراوى فى برنامجه التليفزيونى العائد بقوة.
تأمل عبارته القاطعة بأن «الإسلام لا يجعل من العقل حاكما على الشرع»، وتابع الأمثلة الثلاثة التى ساقها لصور «لبس الحق بالباطل».
الذين ينتقدون المجلس العسكرى يكررون معصية المرتدين بعد وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم.
«النخبة» التى قد تطعن فى فصيل إسلامى وفى العلماء ورموز الإسلام، و«تعميم هذا يهدف إلى الطعن فى الإسلام».
وثالثا أولئك الذين يدعون للاعتصامات أو يريدون تغيير الدستور والقانون، فينصحهم حسان بتغيير أنفسهم أولا، «لتتم نصرة الحق على الباطل من خلال رفض الرشاوى والمعاصى وكل أعمال الشر، فلا قيمة لتغيير الدستور دون أن يغيروا أنفسهم».
يريد الشيخ أن يعود الدين حاكما للحياة السياسية، كما كان فى العهود الأولى للإسلام، وأن تصبح الخلافة حارسا للدين، «بإجماع العلماء». يريد أن تتوقف النخبة عن انتقاد الشيوخ، أيا كانت آراؤهم، لأن فى ذلك طعنا على الإسلام نفسه، ثم يتقرب من المجلس العسكرى على جثث أى صاحب فكر، يتحاور مع شرفاء الجيش بالاتفاق أحيانا، والاختلاف أحيانا أخرى، ليشبهه بالمرتدين.
الخلاصة أن الشيخ والمجلس العسكرى فوق النقد، وأن مستقبل مصر يحتاج إلى عودة الخلافة، وإلى عالم مثل الشيخ حسان، نسأله عن حكم الشرع فى حوارنا مع مجلس عسكرى يحكمنا، أو فى تفاصيل دخول الحمام.
المتابعة الإعلامية لهذه الأفكار وتقديمها على أنها مساهمة فكرية للمستقبل، جريمة فى حق مصر، والإسلام، والمستقبل أيضا.