لماذا لم نرسل الوزير للوراق مبكرا؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا لم نرسل الوزير للوراق مبكرا؟

نشر فى : الثلاثاء 15 أغسطس 2017 - 9:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 أغسطس 2017 - 9:40 م

«أن يأتى التحرك الإيجابى متأخرا خير من ألا يأتى أبدا»، لكن السؤال الجوهرى هو: لماذا لم يكن هذا التحرك الإيجابى هو البداية، وليس بعد أن تكون الفأس قد وقعت فى الرأس؟!
المقدمة السابقة الغامضة متعلقة باللقاءات التى عقدها اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مع أهالى الوراق فى الأيام الماضية وآخرها يوم الأحد الماضى.
الرجل وخلال لقائه مع الأهالى الغاضبين والثائرين على نية الحكومة نزع ملكية أراضيهم وإزالة بيوتهم قال: إنه جاء بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونقل على لسانه: لن يضار مواطن فى الوراق فى عهدى، بما لا يضر بمصلحة الدولة وقوانينها. ثم أقسم الوزير قائلا لأهالى المنطقة: «والله والله والله، احنا عايزين التطوير لمصلحتكم والصالح العام».
لكن أهم ما قاله كامل الوزير خلال اللقاء عبارة هى: «لن يصدر أى قرار أو قانون بشأن الجزيرة إلا بالتراضى، ولن نأخذ مترا واحدا منكم إلا بالتراضى.. ولن نطرد مواطنا من أرضه، وأن الدولة سوف تتحاور مع الأهالى، حتى لو استمر هذا الحوار لمدة سنة».
السؤال البديهى لكل الذين تسببوا فى أزمة الوراق هو: لماذا لم تكن خطوة ذهاب اللواء كامل الوزير أو غيره من المسئولين قبل أن تندلع الأزمة وليس بعدها؟!
تخيلوا لو أن الدولة كلفت اللواء كامل الوزير بالذهاب إلى المنطقة والجلوس مع الأهالى أو ممثليهم وعرض الأمر عليهم ومحاورتهم ومفاوضتهم ومجادلتهم بكل الطرق، وأن يكون ذلك عبر وسائل الإعلام. لو حدث ذلك لكان عين وقلب الحوار المجتمعى.
الذى حدث هو العكس تماما. حيث تحركت اللوادر والجرافات وعربات الشرطة وبدأت فى الإزالة، وكان منطقيا أن تصطدم ببعض الأهالى، وكان كارثيا أن يموت أحد المواطنين، فتلتهب وتحتقن المشاعر، ويتم القبض على العشرات، وتبدأ الحكومة عملية تأديب لغالبية الأهالى بطرق مختلفة، فيزيد الأمر سوءا.
هذا الأمر أفاد كل أعداء الحكومة، خصوصا من وسائل إعلام جماعة الإخوان التى تلقفت القضية لتحاول صب المزيد من وقود الفتنة عليها.
الجماعة لم تخترع القضية، لكنها حاولت المتاجرة بها كعادتها، ولا يمكن أن نلومها، لكن نلوم من هيأ لها الفرصة و«قشر لها الكرة» لتسجل هدفا بلا أى مجهود!!
اللواء كامل الوزير تصرف ببراعة، وتكلم بمنطق مع الأهالى ونجح فى احتواء الأزمة إلى حد كبير، مفصحا عن قدرات جيدة فى العمل العام بعد أن نجح فى إنجاز العديد من المشروعات الكبرى.
الآن نكرر السؤال: لماذا تفشل الحكومة كل مرة فى الإخراج؟! ولماذا تصر على الخسارة المجانية؟! ومن الذى يقدم هذه المعلومات الخاطئة لصانح القرار، فيتم توريط الحكومة كل مرة؟!
ربما هناك اعتقاد أن القوة هى الحل الوحيد لكل الأزمات. قد يكون ذلك صحيحا فى التصدى للإرهابيين الذين يحملون السلاح، لكنه لا يفيد إطلاقا مع أهالى يقيمون فى منطقة منذ عشرات السنين حتى لو كان بعضهم مخالفا أو متعديا.
منطق البلدوزر والجرافة يحقق نجاحا حينما يتم استخدامه ضد لص كبير استولى على أكثر من عشرين أو ثلاثين ألف فدان فى الصحراء، لكنه مدمر جدا إذا تم استخدامه ضد صاحب غرفة أو عشة يعيش عليها منذ أجيال، حتى لو لم تكن قانونية.
مرة أخرى لا يمكن الدفاع عن أى شخص استولى على أراضى الدولة، من دون وجه حق، لكن المهم هى الطريقة التى يتم بها ذلك.
رب ضارة نافعة والطريقة التى تصرفت بها الحكومة بإيفاد كامل الوزير إلى الوراق جيدة، ونسأل الحكومة سؤالا للمرة المليون: لماذا تصرون على الخسائر المجانية فى العديد من الملفات، وهل سيكون ما حدث فى الوراق هو المرة الأخيرة التى تتصرفون بها بهذه الطريقة العبثية؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي