عالم «الواتس أب» الغريب - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:59 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عالم «الواتس أب» الغريب

نشر فى : الأربعاء 15 نوفمبر 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 15 نوفمبر 2017 - 9:25 م
نشرت صحيفة الدستور الأردنية مقالا للكاتب «ياسر الزعاترة» وجاء فيه؛ ربما كان غريبا أن أعترف أننى لا أملك حسابا فى «الواتس أب» (قد أضطر لذلك لاحقا)، لكننى أتعامل معه يوميا من خلال الأهل والأقارب والأصدقاء، عبر أسئلة تتعلق بما يردهم من أخبار وتحليلات؛ مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، وبالطبع عن الرأى فيما قرأوا أو سمعوا أو شاهدوا.
الحق أن «الواتس أب» هو جزء من زمن الهواتف الذكية التى أصبحت تشكل عالم البشر من الاستيقاظ إلى النوم، وفى كل المجالات بلا استثناء، لكن التطبيق المذكور يبدو أكثرها حضورا وتميزا إلى الآن (قد يظهر شىء آخر لاحقا.. من يدرى؟!)، فهو فى الوقت الراهن وسيلة التواصل الأكثر حضورا بين الناس، وكانت له ميزات كبيرة من حيث تقريب الناس من بعضهم البعض، عبر المجموعات التى يشكلونها، حتى أن مشتركين فى قضية أو مرحلة أو تجربة معينة لم يكونوا يتواصلون مع بعضهم فى السابق إلا نادرا، أصبحوا يتواصلون بشكل دائم من خلال «الواتس أب».
هذا هو البعد الأهم، إلى جانب استخدامه فى الخدمات اليومية من بيع وشراء وإرسال وثائق وصور وما شابه دون أى كلفة.
نعود إلى البعد الأول الذى توقفنا عنده، والذى يعنينا هنا ممثلا فى تناقل الأخبار والمعلومات والتحليلات، وهنا ينهض الجانب الإيجابى ممثلا فى زيادة نسبة القراءة لدى عموم الناس على نحو واضح، إذ إن مجموع ما يقرأه الناس عبر هذا التطبيق أصبح يشكل أضعاف ما كانوا يقرأونه فى السابق، مع العلم أن للهواتف الذكية دورا آخر فى ربط الناس مع مصادر المعرفة الرهيبة.
المشكلة فى هذه القضية هى التيه الذى يصيب الإنسان فى زحام الأخبار والتحليلات، ومن ثم سهولة نقلها للآخرين دون تأمل أو تدبر، ما يعزز حالة التيه لدى الآخرين.
ليس لدينا حل عملى لهذه المعضلة، اللهم سوى الدعوة إلى إعمال المنطق فى سياق الفرز، فضلا عن عدم التسرع فى نقل الأخبار والبيانات والتحليلات للآخرين.
بين ما يتم تداوله عبر «الواتس أب» الكثير من الخير، لكن فيه أيضا الكثير من الكذب والافتراء والهراء؛ أكان سياسيا أم اجتماعيا أم اقتصاديا، أم دينيا (وهذا للأسف الأكثر انتشارا)، لا سيما ما يتعلق بالأحاديث المنسوبة للنبى عليه الصلاة والسلام والصحابة والعلماء والصالحين، أو أخبار السحر والشعوذة وما يشبهها من فانتازيا، فضلا عن الشائعات التى تطال الحياة الشخصية للأشخاص المعروفين.
التحليل المنطقى للأشياء عبر إعمال العقل هو القادر على فرز الجيد من الردىء من البضاعة المتداولة عبر «الواتس أب»، وعموم مواقع التواصل، وفى مقدمتها فيسبوك، وتويتر. ومن دون التحليل المنطقى سيتورط الإنسان فى نشر البضاعة الفاسدة على كل صعيد.
يبقى القول إن خير هذه الوسائط يفوق شرها فى العموم، لكن العقل والمنطق والتحليل، إلى جانب الخوف من الله بالتورع عن نقل الكذب والهراء، سيكون كفيلا بالحد من السلبى، وتعزيز الإيجابى فيها.
التعليقات