الرقابة الإدارية.. تسقط حصانة الكبار - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرقابة الإدارية.. تسقط حصانة الكبار

نشر فى : الثلاثاء 16 يناير 2018 - 10:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يناير 2018 - 10:05 م
حينما يتم القبض على وزير ومحافظ وقاضٍ ورئيس حى بتهم الفساد، وهم على رأس عملهم فى الفترة الاخيرة، فالمؤكد، أن هناك ضوءا أخضر حقيقيا بتعقب الفاسدين، بغض النظر عن أسمائهم ومناصبهم.

مساء يوم الأحد الماضى، تم إلقاء القبض على محافظ المنوفية الدكتور هشام عبدالباسط بواسطة ضباط الرقابة الإدارية بتهمة الحصول على رشوة 2 مليون جنيه لتخصيص قطعة أرض من دون وجه حق لاحد رجال الاعمال.

هذا الرجل كان يفترض أن يكون «عريس» احتفالات افتتاح مجموعة من المشروعات القومية بالوجه البحرى والدلتا، بالفيديو كونفرانس، انطلاقا من مدينة السادات بالمنوفية، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وكبار رجال الدولة صباح الاثنين الماضى. والمؤكد أن المحافظ حلم كثيرا بلحظة الافتتاح وجلوسه قرب الرئيس، وتصدره للمشهد إعلاميا وسياسيا. وفجأة وجد نفسه مقبوضا عليه ومتهما بتهمة مشينة.

التفكير التقليدى كان يقول بتأجيل القبض على المحافظ حتى تنتهى الاحتفالية. لكن تنفيذ القانون، قبل ساعات من هذا الاحتفال، يعنى أن الرقابة الإدارية لم تتردد فى هذه الخطوة. والأهم أنه لم يعد هناك استئذان قبل القبض على الكبار، كما كان يحدث طوال سنوات طويلة، او هناك استئذان وعدم تردد الرئيس فى الموافقة.

فى اليوم نفسه ولكن فى الصباح كان هناك قرار بحبس قاضٍ بدرجة رئيس محكمة بالجيزة، بتهمة تقديم رشوة لموظف عمومى.

فى 7 سبتمبر عام 2015 كان القبض على وزير الزراعة السابق صلاح هلال بتهمة تلقى رشوة، وتمت إدانته بالفعل لاحقا والحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.

لا ننسَ أيضا واقعة القبض على أمين عام مجلس الدولة المستشار وائل شلبى فى اول يناير من العام الماضى، وانتحاره فى اليوم نفسه داخل محبسه، وبعدها ثبتت إدانته هو وآخرون. أى سقوط لحوت من الكبار هو أمل للبسطاء بأن الفساد ليس قدرا محتوما، وان الأصل فى الإنسان أن يكون شريفا ونظيفا. 

ولا يكاد يمر يوم الآن من دون أن نقرأ خبرا، بقيام ضباط الرقابة الإدارية بالقبض على رئيس حى، أو مسئول فى المحليات، أو رئيس شركة عامة بتهم فساد متنوعة أغلبها رشاوى.

عمليات القبض الأخيرة هى أفضل دعاية للنظام، بأنه لا يتستر على فاسد.

إذا سقطت حصانة الكبار، ولم يعد مسموحا لهم بالفساد، حتى لو كانوا على رأس عملهم، وانتهت إلى حد كبير فكرة القبض على الفاسد بعد أن يحال للمعاش والتقاعد.

هذا التطور المهم ينبغى أن نشكر عليه الوزير اللواء محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، الذى حول هذه الهيئة بالفعل إلى بعبع يطارد الفاسدين.

تحدثت طويلا إلى الوزير عرفان قبل شهور حول فلسفة عمل الهيئة، وأذكر أنه اتبع فلسفة تحاول منع وقائع الفساد من المنبع أو «الدبلوماسية الوقائية» بمعنى أن تحاول متابعة ومراقبة العمل قبل وأثناء الأداء. لكن فى المقابل أيضا فإن تراكم الفساد والاهمال والقصور وضعف الضمير، قد سمح بوجود فاسدين كثيرين فى العديد من الهيئات والمؤسسات والوزارات، وبالتالى لم يكن هناك مفر من العمل أيضا بالطريقة التقليدية وهى القبض على الفاسدين، طالما أنهم مصرون على الفساد.

من التطورات المهمة التى شهدها عمل الرقابة الإدارية والتى تأسست عام ١٩٦٤ ــ أنها بدأت تتابع وتراقب المشروعات القومية الكبرى خلال تنفيذها، وبالتالى لم يعد هناك مشروع كبير يتم افتتاحه قبل التأكد من مطابقته لكل الشروط والمواصفات وخالٍ تماما من أى شبهة فساد.

وبدأنا فى الفترة الأخيرة نشاهد اللواء عرفان، وهو يتحدث عن ملاحظات الهيئة على المشروعات قبل افتتاحها، وعرفنا أن مشروعات تم تأجيل افتتاحها، بعد أن تبين أنها غير مكتملة.

تستحق الرقابة الإدارية وكل ضباطها والعاملين فيها أن تكون نجم عام ٢٠١٧، وربما عام ٢٠١٨ أيضا، بسبب حجم قضايا الفساد المتنوعة والنوعية التى ضبطتها أخيرا.

وأتمنى أن تسعى الهيئة لتغيير التشريعات التى تسمح بالفساد القانونى للكبار، وهو الأمر الذى يصيب قطاعات كثيرة من الشعب باليأس والإحباط. لأن هذا الأمر هو الباب الملكى للفساد والمفسدين خصوصا لطبقة الحيتان.. تغيير التشريعات المقننة للفساد سيساعد الرقابة الإدارية وكل الأجهزة الرقابية الأخرى على سرعة الانجاز، وتقليل أعداد الفاسدين.
شكرا لرجال الرقابة الإدارية واللواء محمد عرفان.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي