حاولوا الدخول من غير تذاكر.. فقتلناهم والحمد لله - أحمد سمير - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حاولوا الدخول من غير تذاكر.. فقتلناهم والحمد لله

نشر فى : الإثنين 16 فبراير 2015 - 1:15 م | آخر تحديث : الإثنين 16 فبراير 2015 - 1:15 م

(1)

"قرر رئيس نادي الزمالك أن يكون حضور الجماهير في مباراة إنبي بالمجان، لرد الجميل لجماهير القلعة البيضاء". هكذا نُشر الخبر بجريدة الوفد، بتاريخ 4 فبراير، أي قبل المباراة بثلاثة أيام كاملة.

الحضور بالمجان.. فيما بعد سنكتشف أن الكذب أيضًا بالمجان.

(2)

"رصدت المتابعات الأمنية تردد أعداد كبيرة من مشجعي الزمالك على استاد الدفاع الجوي دون حملهم تذاكر، وحاولوا اقتحام البوابات بالقوة، مما دعا القوات إلى الحيلولة دون استمرارهم في التعدي على منشآت الاستاد". هذا نص بيان وزارة الداخلية عبر صفحتها على"فيس بوك"، في السادسة و53 دقيقة، أي بعد ساعة من اندلاع الاشتباكات.

أعداد كبيرة.. مشجعو الزمالك بدون تذاكر.. القوات منعتهم.

هذه رواية الداخلية للأحداث، فيما بعد ستلقي الداخلية القبض على العشرات من مشجعي الزمالك، وستجري ما تسميه "تحريات عن المتهمين للكشف عما إذا كان لهم انتماء ديني أو سياسي كانت وراء ارتكابهم لأعمال العنف".
أي أعمال عنف؟.. مقتل 22 منهم .. أظن الموضوع واضحًا.

(3)

الحضور مجاني، لكنهم عندما يحاولون الدخول سنقتلهم، لأنهم لا يحملون التذاكر التي لا وجود لها أصلا، فالقانون يجب أن يأخذ مجراه.

داخل الممر الحديدي شديد الضيق يتزاحم الآلاف، لكن الشرطة تغلقه في نهايته. وفقًا لشهود العيان، الجماهير حشروا فهتفوا فضربتهم الشرطة بالغاز، ليتدافعوا خوفًا من الاختناق فيقتل العشرات.

الداخلية تقول إنهم قتلوا بالتدافع، لكنها لم تذكر لنا الشيء الأبسط، لم كان التدافع أصلا؟

الثابت أنه لا توجد أي وفيات أو إصابات في صفوف الشرطة، وأكثر من ثلثي القتلى مشجعون ليس لهم أية علاقه برابطة "وايت نايتس" أصلا، والقتلى بانتماءات سياسية متنوعة، وبعضهم يؤكد أصدقاؤهم أنه من أنصار "السيسي".

الدولة تقتل أنصارها، لأنهم يشجعون فريق كرة، هذا تطور نوعي.

(4)

ــ افتح بنموت.. إحنا بنموت

ــ الناس حتموت والله.. يا عم افتح.. افتح..

ــ صراخ..

ــ بنموت.. الناس بتموت الناس بتموت.. افتح.. افتح يا عم افتح.. الناس بتموت..

ــ افتح.. افتح.. افتح..

ــ يا حكومه يا بنت..
ـ
ـ عدو الناس.. الناس الناس..
(من فيديو هتافات مشجعى الزمالك قبل أن يكونوا قتلى مشجعي الزمالك).

(5)

"سألته لما كان رئيس مخابرات ليه بطلتوا تعتذروا لما بيحصل غلط، ده إنتوا المرة اللي عملتوها في أول الثورة الناس احترمتكوا جدًا، الاعتذار ومعاقبه المخطئ هو أول طريق الإصلاح، رد وقالي بس تأثير الاعتذار جوه الجيش كان سلبي جدًا، لو الظابط الصغير عرف أن القائد ممكن يغلط، هيفكر قبل ما ينفذ الأوامر وده مينفعش في الجيوش.. وبقي رئيس جمهورية وبقت الدولة كلها بتفكر كدة".

شهادة السيناريست محمد دياب على "فيس بوك" عن آخر لقاء جمعه بعبد الفتاح السيسي، ويقدم خلاله دياب تفسيرًا لعدم تقديم السلطة أي اعتذار عن الفشل في إدارة أول لقاء جماهيري في الدوري منذ مذبحة استاد بورسعيد.

(6)

أنت الآن لاعب كرة بفريق الزمالك.
تتقاضى أجرًا ضخمًا ويشجعك الملايين، قبل المباراة تسمع أن مشجعي فريقك يتعرضون لاعتداء ما.

تشك أن استكمالك المباراة هو الصواب، ففي إيطاليا، أصر اللاعب الشهير توتي، على إيقاف مباراة الديربي أمام لاتسيو، بعد انتشار شائعة بوجود حالة وفاة و لم يحاسبه أحد، رغم أن المباراة لم تُكتمل، وثبت فيما بعد أن الخبر كان مجرد شائعة. لكنك ترى مجلس الإدارة والجهاز الفني وزملاءك يواصلون المباراة.

يتنامى لديك الشعور بانحطاط أخلاقي كامل مع تعالي هتاف "عشرين واحد مات.. انسحبوا يا (كلمه عاميه بمعنى شواذ جنسيا)".. والذي يردده "من تبقى من الجماهير" في المدرجات.

تشعر بالارتباك، فيبدو أن هناك أكثر من عشرين روحًا بشريه جاءت لتشجعك، وانتهى بها بأن تُقتل، بينما أنت تكمل المباراة. لكن بعد المباراه ينتهي الارتباك تمامًا.

الجماهير مجرمون تم القبض على قيادتهم، والإعلام ينتقد مجرمي "الوايت نايتس" و"حازمون"، بينما لا أحد يعتبرك أخطأت، بالعكس إدارة الزمالك أحالت زميلك عمر جابر الظهير الأيمن للفريق للتحقيق، بسبب امتناعه عن المشاركة في المباراة.

فليمت من يشجعوك ولتحرق بجاز الدماء أو الأخلاقيات أو الإنسانية، المهم المباراة.

أنت الآن أدركت كم كنت حكيمًا، وغالبًا في المرة القادمة ستكمل المباراه حتى لو علمت أن جنود الجيش الإسرائيلي اكتسحوا سيناء والقناة، وجنودهم أمام منزل والدتك في المهندسين.

عايزين ناكل عيش..

(7)

"النهاردة في طالب بيقول لمدرسة زميلتنا مش هنقف دقيقة حداد في الطابور على الشهدا بتوع إمبارح يا ميس؟ فضحكت و قالتله "شهدا؟ كانوا بيجاربوا فين دول بقى، لو وقفنا على كل واحد مات في ماتش مش هنخلص يا حبيبي وضحكت".

هكذا حكت المدرسة مي محيي على صفحتها "فيس بوك" في اليوم التالي لمقتل مشجعي الاستاد، هذا الطالب ترسخ شيئًا ما بعقله وهو شيء مشابه لما ترسخ في رأس أخو آلاء عطية التي تحكي قائلة: "يوسف أخويا جري من استاد وزارة الدفاع لمسجد السلام.. يوسف لحد دلوقتي مش قادر يتكلم وطول الوقت بيشوف كوابيس ومبيخرجش من أوضته يوسف عنده ١٥سنة، وأصحابوا ماتوا قدامه عشان يتفرجوا علي ماتش كورة.. حد يقولي لية بجد ليه؟".

يوسف "يفترض" أنه نجا من مذبحة الاستاد.

(8)

الشر ينتصر.. بوضوح ودون مواربة.

عقب المباراة، ألقي القبض على 17 من "الوايت نايتس" بتهمة "التخطيط لوقفه احتجاجية أمام نادى الزمالك"، البشر الآن يلقي القبض عليهم من بيوتهم، لأنهم "يخططون" للاحتجاج على قتل زملائهم.

انهيار أخلاقي كامل لمؤسسات دولة تحاكم المقتول، والانحطاط انتقل من تأييد قتل الخصم السياسي إلى تاييد قتل "أي حد"، ومن الموافقه على عدم محاسبة القاتل إلى الموافقة على محاكمة المقتول.

كلنا نذكر أن عباس الضو قال لا.. لكن من منا يذكر أنه مات فقيرًا، في حين اغتنى أخوه الذي قال نعم.

يتصورون الانحطاط نجاحًا، لكن النجاح بلغ في تجارب بلدان أخرى، أن الأخ يبلغ عن شقيقه لحماية الوطن، أعتقد أن السعداء بعودة الدورى دون محاسبة المجرم بحاجه للتعرف على نهاية كل ــ أقول كل ــ هذه البلدان.

وفقكم الرب.

رابط يجدر الإشارة إليه:

فيديو للجمهور يصرخون "بنموت بنموت".. قبل ان يموتوا بالفعل

التعليقات