القاهرة ــ واشنطن والإخوان - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القاهرة ــ واشنطن والإخوان

نشر فى : الثلاثاء 16 يونيو 2015 - 9:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يونيو 2015 - 9:40 ص

بين الشد والجذب، تنتقل العلاقات المصرية الأمريكية خطوة إلى الأمام، بعد موافقة لجنة الاعتمادات التابعة لمجلس النواب بالكونجرس الأمريكى، بشكل مبدئى، على المساعدات العسكرية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار، وهى الخطوة التى تأتى حسب رئيسة اللجنة النائبة الجمهورية كاى جرانجر لـ«أن الشرق الأوسط يشهد حالة اضطرابات تحتاج معها الولايات المتحدة لمصر كحليف مستقر».

الرسالة يمكن فهمها على أكثر من صعيد، أولها أن المصالح أبقى من الخلافات، فى طبيعة العلاقات بين الدول، فبعد تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر فى أكتوبر 2013، كنوع من الضغوط على القاهرة عقب ثورة 30 يونيو وما تلاها من أحداث سياسية، تضمنت خلع جماعة الإخوان عن الحكم بنزول الملايين إلى الشوارع والميادين للمطالبة بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، ها هى واشنطن تعترف بأهمية العلاقة مع مصر لـتأمين مصالحها، وليس لسواد عيون المصريين، بغض النظر عن مواقفهم السياسية.

الرسالة الثانية تؤشر إلى تحرك دبلوماسى مصرى نشط أحدث اختراقا فى دوائر صنع القرار الأمريكى، بما أنتج من تغيير واضح فى موقف الإدارة الأمريكية بضرورة التعايش مع ما حدث فى مصر رغم قبوله على مضض، وهو ما انعكس فى مطالبة البيت الأبيض للكونجرس بالموافقة على استئناف ضخ المساعدات الأمريكية لمصر، والقضية فى تقديرى ليست فى قيمة المساعدة، وهى كبيرة، بمقدار التأكيد على عودة المياه إلى جزء من مجاريها.

الرسالة الثالثة تشير إلى إخفاق جماعة الإخوان فى التأثير فى هذا الملف بالمقدار الكافى لاستمرار إبقاء واشنطن على تجميد مساعداتها العسكرية لمصر، خاصة أن الموافقة على استئناف تلك المعونة واكب استدعاء الخارجية المصرية للسفير الأمريكى بالقاهرة روبرت بيكروفت للاحتجاج على زيارة وفد من الجماعة للولايات المتحدة، وما قيل عن لقاءات قد يعقدها مع مسئولين بالخارجية أو البيت الأبيض، وهو ما تم نفيه لاحقا من كلتا الجهتين الأمريكيتين.

هذا الانتصار للتيار الأمريكى المؤيد لتطوير العلاقات مع مصر لا يعنى تغييرا جذريا فى موقف واشنطن من الإخوان، أو إنهاء التواصل مع الجماعة، لكنه مؤشر واضح على بدء انحسار الأمر على نحو ما كان حتى قبل ثورة 25 يناير عندما وصلت واشنطن إلى قناعة مفادها أن الجماعة يمكن أن تكون بديلا لنظام الحكم فى مصر على غرار النموذج التركى.

طبعا لن تستغنى واشنطن عن الورقة الإخوانية بسهولة، ولن ترمى بها بعيدا عن طاولة اللعب بين عشية وضحاها، وستظل تساوم بها من وقت إلى آخر، غير أن هذه الورقة ومع الأيام ستفقد تدريجيا قيمتها فى التأثير، شريطة أن يتم ترتيب أوراقنا فى الداخل على النحو الذى يضمن عودة الاستقرار الأمنى، والقضاء على الإرهاب، والأهم شعور المواطنين بأن إنجازا لصالح الفقراء والمهمشين والسواد الأعظم من الناس يتم على الأرض من خلال قرارات توفر «العيش» وتحقق بالفعل «العدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية».

مصر تحتاج إلى نفسها مستقرة، والإقليم الملتهب يتطلع لما يمكن أن تلهمه القاهرة فى تجاوز المرحلة الضبابية التى يعيشها بفعل التهديد الداعشى، والعالم يسعى إلى تأمين مصالحه فى الشرق الأوسط، ويراهن كثيرا على الدور المصرى فى تثبيت دعائم المنطقة التى تعصف بها الاضطرابات من كل لون.. وفى الأخير، كلما رتبت أوراقك داخليا حصدت ثمار جهدك خارجيا. فالثبات على الأرض يحتاج إلى قدمين.

التعليقات