حقوق الطريق فى عصرنا - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقوق الطريق فى عصرنا

نشر فى : الإثنين 16 أغسطس 2010 - 10:43 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 أغسطس 2010 - 10:43 ص

 قواعد الإسلام العامة تنطلق من: لا ضرر ولا ضرار. هذا ما قاله رسول الله ([) وهو يبين الأصل العام فى المعاملات، فالإسلام لا يسمح بتسبيب الضرر ولا حدوثه، ومن فعل ضررا أو تسبب فيه فقد عصى الله ورسوله وتجاوز الحد الشرعى، ومن القواعد الخاصة بالطريق جاء قول رسول الله ([) إياكم والجلوس فى الطرقات، فقالوا: هذه مجالسنا مالنا منها بد فقال رسول الله ([) فإن كان ولا بد فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق؟ فقال ([): غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

ولقد تغيرت بعض مظاهر الحياة الآن لكنها رغم زيادة تطورها مازالت بحاجة شديدة إلى سلوك أكثر تحضرا وأكثر إنسانية والتزاما بالدين، فحينما نمشى فى طرقنا نكتشف مآسى إنسانية نستعمل فيها تلك النعم التى وهبها الله لنا لتيسر حياتنا فإذا بنا نسىء إلى أنفسنا وإلى أمتنا وإلى حياتنا، سيارات مسرعة سرعة لا يستطيع قائدها التحكم فيها مما يهلك الأعصاب، ويهلك السيارة، ويصيب المارة بالذعر والخوف، وربما تعددت حوادث الطرق من هذه الرعونة.

وسيارات أخرى يخرج منها ضجيج لا يحتمل من سماعات الصوت، وأخرى ينبعث منها عادم الوقود بما يسببه من تلوث عام ومرض للناس بسبب إهمال صاحب السيارة لصيانتها وعدم إدراكه لخطورتها على الناس من ناحية وعلى كثرة ذنوبه ومسئوليته الشرعية من ناحية أخرى. كذلك تلك السيارات التى تتوازى فى نهر الطريق ويتحدث أحدهما مع الآخر دون اعتبار لمن وراءهما وما قد يحدثه من تأخر المريض على طبيبه، أو صاحب الحاجة على حاجته.

فضلا عن ازدحام الطرق الرئيسة والفرعية طوال الـ24 ساعة فإن ذلك الزحام لا يدل على مدنية ولا حضارة بل يدل على سوء تنظيم وعدم اهتمام الكثير خصوصا الشباب بالوقت وعدم دراية بأصول الاقتصاد الشخصى نظرا إلى إهدار الوقت والمال والصحة فيما لا عائد منه، فضلا عن تجاوزات كثيرة لإشارات المرور التى جعلت للحرص على سلامة جميع الأطراف.

أما هؤلاء الذين يعبرون الطريق من غير المكان المخصص لهم فيسببون الحوادث ويهلكون أنفسهم وغيرهم وكذلك هؤلاء الذين يلقون بما فى أيديهم من قمامة وفضلات فى عرض الطريق فهؤلاء شركاء فى جميع جرائم الطرق، فإذا تركنا نهر الطريق وذهبنا إلى جانبيه رأيت من افترش الأرصفة جالسا أو واضعا كراسى القهوة دون اعتبار لحق المشاة، وكذلك هؤلاء الذين يضعون البضائع للعرض وللبيع، وكذلك سكان الأدوار العليا الذين تتقاطر المياه وغيرها من نوافذهم وأشياء تؤذى وتهلك.

والذين يقيمون سرادقات العزاء والأفراح ومناسبات أخرى تافهة يضيقون بها الطرق ويزعجون بها الناس ويزيدون فى استهلاك التيار الكهربى غافلين عن حقوق الناس فى الهدوء والسكينة أو النوم وحق المرضى فى الراحة كل ذلك يهدرونه أمام رغبة خاصة لا أساس عقلى أو شرعيا لها.

فهل تعجز الحكومات والمؤسسات والأفراد عن أن يزرعوا شجرا على جانبى الطريق من النوع كثيف الظلال الدائم الخضرة السريع الامتداد فيتشابك عبر الجانبين فيقى من الحر والغبار فهذه هى المدنية وليس تلك الفوضى.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات