دروس 14 أكتوبر - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دروس 14 أكتوبر

نشر فى : الثلاثاء 16 أكتوبر 2018 - 12:05 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 أكتوبر 2018 - 12:05 ص

لو كان السادات ترك العيش لخبازه، ولم يصر على قراره بتطوير الهجوم ليلة 14 أكتوبر 1973 من غرب القناة إلى شرقها، لما فقدنا 250 دبابة فى 5 ساعات، ولما حدثت الثغرة التى تطورت لحدود لم يتوقعها هو شخصيا.

 


فى هذه الليلة المشئومة عارض الفريق سعدالدين الشاذلى ومعه كل قادة القوات قرار السادات بتحريك القوات الاحتياطية إلى سيناء بحجة تخفيف الضغط الإسرائيلى على القوات السورية فى هضبة الجولان، وأصر على ان تتقدم هذه القوات ناحية المضايق الاستراتيجية، لكن بدون أى حماية من حائط الصواريخ الذى شل حركة الطيران الإسرائيلى، فأوقع السادات هذه القوات فى كمين يعرفه أقل الضباط خبرة، حيث حصد الطيران الإسرائيلى هذه الـ 250 دبابة بمنتهى السهولة، وكانت هذه الخسائر الفادحة هى البوابة التى عبرت منها القوات الإسرائيلية غرب القناة، وحاصرت الجيش الثالث.

لغريب أن السادات نفسه عارض تطوير الهجوم فى الايام الأولى من الحرب، حينما كان الأمر متاحا، حيث كانت إسرائيل تتعرض لهزيمة عسكرية حقيقية لأول مرة فى تاريخها بعد اجتياح جيشنا الباسل خط بارليف فى 6 ساعات، ودك حصونه المنيعة وتدميرها، وتكبيد العدو خسائر فادحة فى المعدات والأفراد، جعلت إسرائيل على وشك الانهيار لولا التدخل العسكرى الأمريكى بجانبها.

 


كانت خطة الفريق الشاذلى التى قامت عليها حرب 73 هو إطالة أمد الحرب لعدة أشهر مع تكبيد إسرائيل خسائر متواصلة فى الأرواح، استنادا إلى أن إسرائيل لن تتحمل هذه الحرب الطويلة التى توقف عجلة اقتصادها عن الدوران، مع عدم قدرتها على تحمل فقدان حياة جنودها خاصة من هؤلاء الذين استدعتهم من أعمالهم المدنية لخوض الحرب.

 


لكن الثغرة ورفض السادات تحريك بعض قواتنا من شرق القناة لتصفيتها فى بدايتها، خاصة ان بقية قواتنا هناك كانت كافية للتصدى لأى هجوم إسرائيلى، واضطرار السادات إلى طلب وقف إطلاق النار جعل خطة الشاذلى مستحيلة، أو على الأقل لم تتوافر لها الظروف لاختبارها على أرض الواقع.
بموازين القوى العسكرية يحسب للسادات خوضه حرب أكتوبر للخروج من حالة اللاسلم واللاحرب التى كانت مهيمنة على المنطقة آنذاك، وقدرته على تحرير سيناء، ولكن فى نفس الوقت كان ينبغى أن يحاسب عن مسئوليته المباشرة عن الثغرة، وعن الخسائر التى تكبدناها مجانا بسبب إصراره على تطوير الهجوم فى وقت متأخر، والتى أثرت بعد ذلك على مسار الحرب.

 


الشعوب العاقلة هى التى ينبغى أن تقيم معاركها الكبرى بنزاهة وعدالة حتى تستفيد من أخطائها وتتجنبها فى المستقبل، وأن تحكم عقلها فى استلهام دروس هذه المعارك، لا أن تفكر بعواطفها وتطلق العنان للغوغائية لكى ترسم لنا حدود تفكيرنا وتقييمنا للأمور.

 


قراءة ومناقشة ادارة السادات للحرب سياسيا وعسكريا الآن ربما تكون واجبا أساسيا ليس للاساءة للرجل أو حتى رفع شأنه لدرجة التقديس، ولكن لكى نفهم بالضبط ماذا حدث أثناء حرب أكتوبر، وماذا حدث بعدها أيضا، تماما مثلما فعلت إسرائيل بعد هزيمتها المذلة فى هذه الحرب، لنحتفل بانتصارات أكتوبر بالشكل الذى يليق ببطولات وملاحم جنودنا البواسل.

محمد عصمت كاتب صحفي