ثلاثة طوابير فى ألمانيا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثلاثة طوابير فى ألمانيا

نشر فى : الجمعة 17 أبريل 2015 - 8:20 ص | آخر تحديث : الجمعة 17 أبريل 2015 - 8:20 ص

فى يوم واحد هو الاثنين ١٣ أبريل شاهدت ثلاثة طوابير مختلفة فى العاصمة الألمانية برلين خلال تنقلى فى شوارعها على هامش حضور مؤتمر شاركت فى تنظيمه الجامعة الألمانية بالقاهرة ورئيس مجلس امنائها النشيط جدا دكتور اشرف منصور.

الطابور الأول فى اشارة مرور قرب بحيرة تيجيل. كان هناك نحو عشرين طفلا تتراوح اعمارهم بين الرابعة والخامسة، يبدو انهم فى رحلة تنظمها الحضانة الخاصة بهم.

كانت معهم سيدة لا يزيد عمرها على ثلاثين عاما. الأطفال يصطفون فى طابور صارم ويقف كل طفلين معا. الرسالة التى وصلتنى من هذا الطابور انه يعلم الأطفال وهم صغار جدا كيف يقفون فى طابور من دون ملل أو تبرم وكيف يعرفون معنى اشارة المرور وضرورة احترامها.

الطابور الثانى كان قرب مبنى الأوبرا والكنيسة الفرنسية فى منطقة وسط برلين، هو يشبه الطابور الأول لكن لطلاب اكبر سنا ربما فى الثانوية العامة أو بدايات الجامعة.

يفترض أن أصحاب هذه الفئة العمرية متمردون على كل شىء خصوصا النظام والالتزام.

لكن الملاحظة الأساسية انهم كانوا فى غاية الانضباط والمرح فى نفس الوقت.

والطبيعى ان من يتربى صغيرا على النظام والانضباط يشب عليه فى كل شىء.

وبالتالى انت لا تحتاج ان تظل «تزن» على الناس بضرورة الانضباط واحترام القانون لأن المواطن تشرب ذلك صغيرا.

الطابور الثالث كان لمجموعات كثيرة منظمة تتدفق على نصب المحرقة الذى اقامته ألمانيا ــ طوعا أو كرها ــ تخليدا للضحايا اليهود الذين قتلهم الزعيم النازى الألمانى ادولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ــ١٩٤٥).

النصب مقام فى ارقى وافضل منطقة فى برلين تقريبا بين البرلمان ومكتب المستشارية وبين بوابة المدينة التاريخية، وتحيطه السفارات الأربع الكبرى للدول المنتصرة فى الحرب وهى الولايات المتحدة وبريطانبا وروسيا وفرنسا، اضافة إلى فندق ادلون الفخم الذى ينزل فيه كبار القادة والزعماء ويقال آلات واجهزة التجسس الموجودة داخل هذه السفارات تستطيع التجسس على لقاءات وهمسات القادة فى الفندق!!.

هذا الطابور الأخير يشرح لنا كيف ان إسرائيل لا تزال تستثمر المحرقة فى حشد وتعبئة اليهود من جهة وابتزاز ألمانيا والغرب من جهة اخرى بصورة مكررة لكنها ناجحة جدا.

الطابوران الأول والثانى يجيبان عن سؤال جوهرى هو لماذا تقدمت المانيا عالميا ولماذا تأخر غالبية العالم؟.

رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى دائم الحديث والإشادة بالنموذج الألمانى. واذا اردنا حقا ان نحلم بالوصول إلى هذا النموذج فعلى الأقل نبدأ مع الأطفال الصغار ونعلمهم معنى الأشياء البسيطة كما هو الحال مع نموذج الأطفال الصغار فى ألمانيا.

بالطبع هذا طريق طويل للغاية ويحتاج إلى وقت وجهد وصبر، والسؤال من الذى سيقوم بتدريب الصغار، وهل لا يزال لدينا من الكبار من يؤمن بقيم النظام والانضباط والعمل؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي