مصر والإمارات.. من يدفع الثمن؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر والإمارات.. من يدفع الثمن؟

نشر فى : الجمعة 17 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 17 مايو 2013 - 8:00 ص

يعود تاريخ العلاقات المصرية الإماراتية إلى ما قبل عام 1971 الذى شهد توحد الإمارات السبع فى دولة واحدة تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان وقد اعترفت بها مصر وأيدت بشكل كامل الاتحاد الذى جمع هذه الإمارات ودعمت مصر الإمارات دوليا وإقليميا كبلد عربى شقيق رأت فيه إضافة جديدة للعالم العربى.

 

ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية متبادلة عبر ما يزيد على  18 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما، وبلغ حجم التبادل التجارى بينهما ‏1.4 مليار دولار.

 

كما بلغ حجم الاستثمارات الاماراتية فى مصر 10 مليارات دولار عام 2010 فى قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والخدمات المصرفية.

 

وقدم صندوق أبوظبى للتنمية منحا وقروضا إلى مصر تبلغ قيمتها 325 مليون دولار ساهمت فى تمويل عدد من المشروعات التنموية بمصر.

 

أما على المستوى السياسى فقد كانت المواقف السياسية متقاربة وشبه متطابقة بين البلدين فى فترة حكم النظام المصرى السابق، ويحمل أهل الخليج بشكل عام ومنهم النظام الحاكم فى الإمارات تقديرا بالغا لدور مصر فى مساندة دول الخليج ضد الغزو العراقى لدولة الكويت، وكذلك الموقف المصرى المتشدد تجاه إيران طوال فترة حكم مبارك، لذلك فإن التعاطف مع الرئيس السابق وصل إلى ذروته بعد بدء محاكمته وقالت مصادر إعلامية حينها ــ لا ندرى مدى صحتها ــ أن هناك طلبات متكررة من الإمارات بعدم محاكمة مبارك مقابل تعويضات كبيرة تتكفل بها للعفو عنه، وهذا ما رفضته الحكومة المصرية.

 

وكان رفض الإمارات استقبال رئيس الوزراء المصرى السابق عصام شرف فى اللحظات الأخيرة خلال جولته الخليجية التى شملت كلا من السعودية والكويت وقطر أمرا مهينا للنظام المصرى، وقالت الإمارات إن مواعيد مسئوليها لا تسمح بزيارته فى الوقت الراهن، على أن يتم تحديد موعد لاحق للزيارة، وهو ما فسرته مصادر سياسية بأنه رد على رفض العفو عن مبارك وإشارة إلى رفض الإمارات لما اعتبرته تقاربا مصريا إيرانيا يلوح فى الأفق، ويمثل خطرا على دول الخليج التى تتخذ موقفا سلبيا من النظام الإيرانى لأسباب تاريخية وسياسية مستمرة حتى الآن.

 

●●●

 

وأثارت تصريحات السيد ضاحى خلفان قائد شرطة إمارة دبى حول مخاوفه من تبوء الإسلاميين فى العالم العربى الحكم جدلا مستمرا، وشن حملة موسعة ضدهم منذ بدء ثورات الربيع العربى وحتى الآن على هيئة تصريحات علنية، وتغريدات فى موقع تويتر، واستمرت انتقاداته بعد فوز الإخوان بمنصب الرئاسة فى مصر مما إلى أدى إلى استدعاء الخارجية المصرية لسفير الإمارات فى القاهرة لسؤاله عن موقف حكومته من تصريحات خلفان، وأكدت المؤسسات الرسمية بالإمارات عدة مرات أن كتابات خلفان لا تعبر بالضرورة عن موقف إماراتى رسمى ضد مصر.

 

وبعد قيام الإمارات باعتقال عدد من المصريين المقيمين بها بتهمة الانتماء إلى تنظيم محظور وعقد اجتماعات سرية فى مختلف مناطق الدولة بهدف بتجنيد أبناء الجالية المصرية فى الإمارات للانضمام إلى صفوف التنظيم زاد توتر العلاقة بين البلدين إذ رأت جماعة الإخوان أن هذه القضية ملفقة بهدف عقاب النظام المصرى بينما أكدت الإمارات أن المتهمين يلقون محاكمة عادلة تحظى برقابة حقوقية وإعلامية، وأنه لا يمكن أبدا أن تسمح باختراق القانون أو تستثنى أحدا من المساءلة على أرضها وأدت تصريحات الدكتور محمود غزلان أحد قيادات جماعة الإخوان وانتقاده للإمارات فى زيادة الاحتقان بين البلدين لدرجة أن وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد قال فى تصريح له: «أتمنى على الحكومة المصرية الشقيقة أن توضح موقفها من تصريحات غزلان المستهجنة تجاه الإمارات. ما صرح به غزلان دليل على نية سيئة، ومع الأسف هو فكر لا تستحقه مصر الغالية».

 

●●●

 

بعيدا عن توتر العلاقات الرسمية بين البلدين يقترب عدد المصريين العاملين بالإمارات من نصف مليون مصرى ويخشى هؤلاء من أن تؤثر المشكلة السياسية على ظروف عملهم واستقرارهم فى الإمارات خاصة بعد التشدد فى عمل تأشيرات العمل وعدم التجديد لبعض من يعملون وانتهت عقودهم عقب الثورة مباشرة.

 

ثمة نقاط ينبغى مراعاتها فى التعامل مع الأزمة الحالية بين البلدين:

 

أولا: هناك مخاوف خليجية من خطر تصدير الثورة وتأثر هذه الدول بها رغم اختلاف تركيبتها وأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية عن دول الربيع العربى.

 

ثانيا: عداء أغلب دول الخليج لجماعة الإخوان ليس جديدا لذلك فإن عدم ترحيبهم بوصول الإخوان إلى الحكم أمر ينبغى تفهمه.

 

ثالثا: لا يعيب الإمارات تعاطفها مع مبارك وحرصها على معاملته بشكل كريم وينبغى تقدير ذلك مهما كان موقفنا منه ولا يكون هذا مدعاة لاتهام الإمارات بالتآمر على الثورة المصرية ومحاولة إعادة النظام القديم، مع الوضع فى الاعتبار أن النظام الإماراتى لا يعادى الشعب المصرى بل يحمل له مشاعر الحب والود، ولكنه لا يحمل هذه المشاعر لجماعة الإخوان التى يتهمها بمحاولة زعزعة النظام.

 

رابعا: لا يمكن أن نرضى بعقاب نصف مليون مصرى يعملون هناك بسبب الأزمة المؤقتة الحالية، ولا أعتقد أن شهامة ومروءة الأشقاء فى الإمارات تسمح لهم بذلك ومن هذا المنطلق يجب أن تكون أوضاع هؤلاء بمعزل تام عن مواجهات السياسة ونقدر الحفاوة البالغة التى تم بها استقبال شيخ الأزهر هناك منذ أيام والعفو الذى أصدره  الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، عن 103 سجناء مصريين ممن سبق أن صدرت بحقهم أحكام مختلفة. وتحمله للالتزامات المالية المترتبة على تنفيذ تلك الأحكام وهذه رسالة إيجابية يجب أن تتعامل معها مصر باهتمام.

 

خامسا: على جماعة الإخوان ألا تتدخل فى قضية التنظيم الذى تتم محاكمته الآن وأن تحترم الأليات القضائية لدولة الإمارات وعدم ربط علاقات مصر بالإمارات بهذه القضية مهما كانت أبعادها.

 

●●●

 

وأخيرا نحتاج كسياسيين إلى جهد سياسى شعبى يعيد التوافق المصرى الإماراتى لما له من أهمية بالغة للشعبين وللمنطقة العربية ككل ودائما  تظل الشعوب باقية والأنظمة زائلة.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات