** على الرغم من أنه شارك فى فوز فريقه بأربع عشرة بطولة، وكان لاعبا فى المنتخب الوطنى ورياضيا مشهورا، على الرغم من ذلك فإن القصة هنا ليست رحيل الكابتن طارق سليم نجم الأهلى، وأحد نجوم المجتمع فى مصر خلال فترة طويلة، ولكنها قصة رحيل إنسان محترم، فاز بتقدير الجميع، وانفعال شباب وتأثرهم برحيله دون أن يروه لاعبا ونجما إنما هو انفعال برحيل إنسان له قدره وقيمته..
** أحتفظ فى خيالى وذاكرتى بطارق سليم الشاب، الممتلئ بالحيوية والحياة، خارج الملعب كما كان داخل الملعب. وهو مثل شقيقه الراحل الكابتن صالح سليم، كلاهما أحب النادى الأهلى وانتمى إليه، وكلاهما كان نموذجا فى الانتماء الخالص والانتماء الصادق، دون انتظار لأى مقابل لكل لحظة عطاء لهذا الكيان العملاق.. وكلاهما كان يرى الأهلى كيانا وصرحا عملاقا.
** مواقف الناس هى التى تجلب حب الناس. ومشهد وداعه إلى مثواه الأخير يجسد هذا الحب.. فالأعداد كبيرة والجميع حريصون على وداعه.. هل تظنون أن ذلك فقط لمجرد أنه كان لاعبا ونجما فى عصره؟
** كان طارق سليم حاسما، ولا يفرط فى حق للأهلى، وهو مثل شقيقه صالح سليم.. فلم يحدث أبدا أن قاما بالانحناء لسلطة، أو لوزير أو لرئيس. ذلك الرأس المرفوع ظل مرفوعا حتى فى أشد لحظات الحياة قسوة، وهى لحظات المرض ورحيل الصحة..
** لم يتأخر طارق سليم يوما عن ناديه. وكان يصف الأهلى بأنه بيته، ولم يكن الوصف مجرد كلمة يعبر بها عن الانتماء والحب للكيان، ولكنه كان عملا وفعلا. فيقوم بمهمة مدير الكرة، ويترك المهمة، ولكنه لا يترك الفريق.. يتدخل حين تسأله الإدارة أن يتدخل. ينصح ويحسم ويرفض الإشارة مجرد الإشارة إلى مشكلة تقع داخل البيت، ويقول: «هل يتحدث إنسان عن مشاكل بيته ويعلنه؟».
** كان الكابتن طارق سليم طيارا فى شركة مصر للطيران، وطيارا خاصا لرئيس الجمهورية.. وهو منصب لا يمكن أن يتولاه إلا من يملك سيرة عطرة، وسيرة وطنية. وقد عمل فى الشركة الوطنية حتى أصبح كبيرا للطيارين.
** عندما رحل الكابتن حمادة إمام فاجأ طارق سليم حازم إمام والمعزين بحضوره لأداء واجب العزاء على الرغم من حالته الصحية.. لم يكن حضوره مجاملة، ولكنه تعبيرا عن تقدير نجم قدير لنجم قدير. ولعل ذلك من أسباب بكاء حازم إمام حين علم بخبر الرحيل.. ومن يعرف طارق سليم ومن عرف صالح سليم يدرك جيدا أنهما لا يجاملان ولكنهما يقدران من يستحق التقدير.
** الله يرحمك كابتن طارق.. والحمد لله أنى عشت زمنك وزمن صالح سليم وعرفتكما عن قرب وعرفت أخلاق الرياضة والكبرياء، والاعتزاز بالنفس وبالكيان الذى تنتميان إليه فكان بالنسبة لكما بيتا وحياة.