ضرورة دراسة حالة أصحاب حادث المريوطية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضرورة دراسة حالة أصحاب حادث المريوطية

نشر فى : الثلاثاء 17 يوليه 2018 - 9:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 يوليه 2018 - 9:15 م

أتمنى أن تتعامل جميع الجهات الحكومية والشعبية بجدية بالغة مع الدلالات الخطيرة للظروف التى أحاطت بمقتل أطفال المريوطية الثلاثة حرقًا.
قبل يومين كتبت على عجالة عن هذا الموضوع محذرا من تسرع البعض فى التعامل مع القضية باعتبارها سرقة وتجارة أعضاء، وأشرت بسرعة أيضا إلى الأسئلة التى يفترض أن ننشغل بها فى المرحلة المقبلة.
واليوم أحاول التركيز على حالة أصحاب وأبطال الحادث وفى مقدمتهم أم الأطفال الثلاثة، وحتى الآن لا أعرف كيف طاوعها قلبها على أن تلقى بجثث أطفالها بهذه الطريقة اللإنسانية، إلا إذا كان هناك لغز فى القضية.
لو كنت مكان أجهزة الدولة ومؤسساتها الاجتماعية وكذلك مراكز البحوث الخاصة، لانشغلت بدراسة نموذج هذه الحالة الغريبة والعجيبة التى كان كثيرون يظنون أنها غير موجودة تماما، أو أنها مجرد حالات فردية!.
السؤال هل هى فعلا حالات فردية، أم تمثل ظاهرة؟!
لست خبيرا اجتماعيا أو جهة رسمية لكى اجيب بصورة جازمة، لكن على الأقل أملك العديد من المؤشرات، التى تؤكد أننا بصدد ظاهرة، وأن هذه الأم ليست حالة فردية بل هناك نماذج كثيرة مثلها، والمشكلة فينا نحن الذين لا نحب أن نرى أمراضنا بوضوح حتى يمكننا التهرب من علاجها.
السؤال الثانى هل لدى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أو أى جهة أخرى أى أرقام ومعلومات وبيانات تفصيلية عن هذه النوعية من المواطنين؟ وما أقصده هو الأم وزواجها بالأزواج الثلاثة العرفيين، وأحوال أطفالها وزوجها الأخير، وكذلك صديقتها التى احترق الأطفال فى شقتها ومعها زوجها وابنتها، إضافة إلى سائق التوكتوك.
ظنى الشخصى أنهم ليسوا مجرد حالات فردية استثنائية، وأتمنى أن أكون مخطئا.
مرجع ذلك أننى أقابل هؤلاء الناس يوميا فى العديد من المناطق، والأنكى أن هذه الفئة بدأت تتحرك من الهوامش إلى القلب، وذلك عبر الزحف الكاسح للتوكتوك من أطراف القاهرة والمدن الكبرى إلى قلب القاهرة والمحافظات، بل انهم يسيرون عكس الطريق على الدائرى!!.
السؤال المهم بعد أن نعرف بيانات هذه الفئة هو: إلى أى مدى هناك دور للدولة أو للحكومة أو للمجتمع المدنى وسط هؤلاء الناس؟!. هل نهتم بهم، أم أنهم خرجوا من حسابات الحكومة، وإذا كانت الحكومة تدعمهم، فما هو حجم هذا الدعم، ومدى تأثيره.
السؤال الأهم: هل لدينا أى دراسات جادة ورصينة بشأن الآثار المترتبة على تزايد هذه الفئة داخل المجتمع؟.
بعض الخبراء يقولون إن الدولة تخلت عن هذه الفئة منذ زمن طويل، وبالتالى، فقد قاموا بحل مشاكلهم بنفسهم.
لم يجدوا عملا فقرروا أن يتناسلوا حتى يحولوا الأطفال إلى قوة عمل منتجة لكنها غير متعلمة، ولم يجدوا مساكن منظمة فاخترعوا العشوائيات، ولم يجدوا مواصلات، فاخترعوا التوكتوك، ولم يجدوا فنا يصل إليهم فاندمجوا فى «المهرجانات»، ولم يجدوا مراكز شباب فأدمنوا جميع أنواع المخدرات، ولم يجدوا علماء معتدلين يخبروهم عن صحيح الدين، فجمعت والدة الأطفال بين ثلاثة أزواج عرفيا، وسجلتهم باسم زوج رابع!.
أتمنى أن يقوم خبراء من وزارة التضامن الاجتماعى وكل الجهات الحكومية ذات الصلة، ومراكز البحوث الاجتماعية بالنزول إلى هذه المناطق، والمكوث فيها لبضعة ايام، حتى يروا الصورة على أرض الواقع. لا أقصد زيارة بغرض تقديم مساعدات اجتماعية عاجلة أو مزيد من برنامج تكافل وكرامة، رغم اهميته، ولكن للبحث فى برامج وسياسات وأفكار ومبادرات تضع هؤلاء الناس على الطريق القويم، وتخلق لديهم أملا فى الغد، وأنهم ينتمون لهذا البلد ويسعدون لتقدمه ويحزنون لتأخره، أتمنى أن أكون مخطئا، حينما أقول أن بعض هؤلاء، قد لا يعرف معنى الانتماء الحقيقى، ولا ألومهم بالمرة، بل اللوم الأعظم على الحكومات المتعاقبة التى سمحت بالعشوائيات، وتخلت عن معظم دورها، ودمرت التعليم والصحة والقيم، فكانت النتيجة هذه الواقعة التى جعلتنا نفيق من غفوتنا ولو قليلا!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي