مراجعة.. لا تراجع 6 ــ وسائل البلاغ - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مراجعة.. لا تراجع 6 ــ وسائل البلاغ

نشر فى : الخميس 17 أغسطس 2017 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 17 أغسطس 2017 - 10:15 م

فرغنا من بيان أوجه القصور فى «علوم الآلة» وهى علوم وفنون اللغويات وعلوم الشريعة، واليوم ننظر فى مدى القصور المشاهد فى «وسائل البلاغ». والوسائل هى الوسائط المستخدمة فى نشر البلاغ وحمله إلى الكافة من خلال أساليب ونماذج مقبولة وجديرة بالمتابعة. ولشديد الأسف فإن جميع الخطابات (السياسى/ الاقتصادى/ الإعلانى/ الفنى... إلخ) كلها دائمة التطور ودائمة التقارب مع معطيات العصر إلا الخطاب الدينى فلايزال قاصرا ليس عن التجديد فحسب، بل ودائم التردى والرجوع إلى عصور التخلف والتقليد.
ــ1ــ
إذا كنا نتمسك بالتراث ولا نفرط فيه، فهل يعنى هذا أن ننفق الأموال الطائلة على تحقيق ونشر ملايين النسخ من كتب تراثية وطرحها فى الأسواق؟ وهل النظر فى كتب التراث مطلوب للمثقفين وشباب الباحثين؟ المعروف عالميا ومنطقيا أن التراث يتاح فى المكتبات المتخصصة للباحثين، وإذا أراد البعض فعليهم تقديم «مختصر» أو «مهذب» أو عرض للفكرة للتعريف بها. أما أن يتم إعادة طباعة كتاب من عشرين جزءا سبق تأليفه منذ عشرة قرون ثم يطبع منه آلاف النسخ فذلك إسراف وتبذير من ناحية، ويسبب عجزا وقصورا من ناحية أخرى. وخير دليل على ذلك تلك الميزانيات المتدنية للبحث العلمى الذى توقف تماما فى غالبية المجالات.
ــ2ــ
وإذا نظرنا إلى «الإذاعة المسموعة» أو«المرئية» (التليفزيون)، فلايزال الخطاب الدينى لا يعرف طريقه الصحيح لاستثمار هاتين الوسيلتين من خلال قوالب فنية متعددة: التمثيليات/ الحوارات النشيطة/ الأفلام/ المسرحيات/ حلقات المناقشة والنقد/ المسابقات. ولاتزال مؤسسات الدعوة لا تعتنى بعلوم وفنون تلك الوسائل مثل (الإخراج/ الديكور/ الصوت/ الضوء/ الإنتاج إلخ)، ونتيجة ذلك مشهودة فى تقوقع الخطاب الدينى فى نطاق خطبة الجمعة وقراءة بعض الآيات.
ــ3ــ
وقد تسارعت وسائل التواصل الحديثة بشكل جعل الناس جميعا مهما تباعدت الأماكن يستطيعون التواصل والتحاور فضلا عن رخص التكلفة. وعلى الرغم من ذلك، فلايزال أهل القرآن خارج المشاركة وخارج المنافسة حتى كأنهم لا يشعرون. كيف تتغافل مؤسسات الدعوة عن هذه التقنيات التى تتيح تواصل الناس مجانا؟ كيف ازدحمت «الشبكة المعلوماتية» بالمعلومات عن كل شىء إلا القرآن الكريم، فلا تجد ثمرات البحث فيه لا شكلا ولا موضوعا؟
ــ4ــ
لايزال أهل القرآن والمسئولون عن نشره وبلاغه للناس فى غفلة عما يجب عليهم للبشرية كافة من ترجمة «معانى القرآن» ترجمة عصرية تخاطب مختلف الثقافات وجميع الأعمار بلغة سهلة مقبولة ومحبوبة تستدعى اهتمام الناس. فمن العار على المسلمين أن يحملهم الله رسالة البلاغ العام ثم يستهلكوا أعمارهم وأموالهم فى إتلاف العقول وإهلاك الأموال وتناسى أكبر الواجبات الإنسانية حيال تغيير أنفسهم وتقديم ما يساعد الآخرين على تصحيح المسار البشرى نحو الإعمار والسلام. إن هداية البشرية ودلالتها على الخير مسئولية أمة القرآن، فإذا أصبح الطبيب مريضا لا يستطيع علاج نفسه، فهل يثق أحد فى قدرته على العلاج؟

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات