ماذا فعلت ألمانيا كى تعود؟ - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا فعلت ألمانيا كى تعود؟

نشر فى : الأربعاء 17 سبتمبر 2014 - 8:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 17 سبتمبر 2014 - 8:12 ص

••قبل مباراة بايرن ميونيخ مع أرسنال فى دورى أبطال أوروبا الموسم الماضى قال بيب جوارديولا للاعبيه: «اقتلوا المباراة فى الدقائق العشر الأولى.. هاجموا بشراسة، لتحطيم معنويات لاعبى أرسنال وثقتهم فى أنفسهم. وسوف ترون أن منافسنا سيصاب بالإنهاك البدنى والنفسى. وبعد ذلك تبدأ مباراتنا الحقيقية»..

والواقع أن تعليمات المدربين فى غرف الملابس وفى المحاضرات النظرية لا تنجح دائما ولا تأتى بما يتوقعه المدرب أو بما يتخيله أحيانا. وإلا كانت كرة القدم لعبت فوق طاولة مربعة مثل الشطرنج أو الإسكرابيل.. فقد بدأ لاعبو بايرن ميونيخ تلك المباراة بصورة مزرية، ولم يعودوا إلى اللقاء ذهنيا ومعنويا إلا حين أهدر أوزيل ضربة جزاء لأرسنال..

••كلام جوارديولا للاعبيه قبل مباراتهم مع أرسنال هو نفسه ما أظن ان البلجيكى جورج ليكنز مدرب تونس قاله للاعبيه قبل مواجهة منتخب مصر بالقاهرة، وهو ما أتى بما توقعه جوارديولا.. إذ اهتزت ثقة لاعبينا فى أنفسهم، وحطمت معنوياتهم، وفقدوا تركيزهم. وشعروا أنهم يتسلقون جبلا وليس يخوضون مباراة.. وهنا تظهر فكرة انتزاع المبادرة فى المباريات الكبرى.. فمن يبدأ ويهاجم ويهدد ويتحكم يمسك غالبا بكل خيوط التسعين دقيقة، وقد فعل منتخب تونس، ولو راجعتم الشريط يا أهل المنتخب، سترون كيف تحكم منتخب تونس فى الإيقاع وغير وبدل منه وفيه؟!

•• وبمناسبة جوارديولا وبايرن ميونيخ، وكذلك بمناسبة المنتخب والكرة المصرية وقصة اعتزال جيل وبناء جيل جديد.. علينا أن ندرك أولا أن البناء يكون بالتغيير قبل البناء بالأسماء والتجديد.. وفى إنجلترا ومنذ انتهاء كأس العالم وتصييف الفريق الإنجليزى من الدور الأول يبحث النقاد والخبراء عن الأسباب، ويتساءلون: لماذا سبقتنا ألمانيا؟!

•• الإجابة: بدأت ألمانيا تألقها وانطلاقها حين تعلمت من الهزيمة الكبيرة التى منيت بها أمام منتخب إنجلترا فى بطولة الأمم الأوروبية عام 2000.. فبدأ الألمان خطة السنوات العشر. أدركوا أن الخطأ فى الناشئين. فصنعوا 17 الف مدرب للشباب والناشئين، مقابل 800 فقط فى إنجلترا لنفس المراحل السنية. وأنفقت الأندية الألمانية 85 مليون جنيه إسترلينى سنويا على أكاديميات الناشئين، وهو ما يقرب من مليار جنيه مصرى. وحين لعب منتخب ألمانيا فى مونديال 2010 بجنوب إفريقيا كان يمثله أصغر فريق فى تاريخ الكرة الألمانية بمتوسط اعمار 22 سنة.. وهو تقريبا نفس الفريق الفائز بكأس العالم 2014 والذى كان يستحق الكأس السابقة أيضا.

•• لكن كرة القدم فى ألمانيا ليست المنتخب وحده. وهى فى مصر ليست المنتخب وحده. الكرة المصرية هى كل عناصر اللعبة. ولن نصنع منتخبا قويا بدون لعبة قوية.. ففى ألمانيا أدركوا أنهم متأخرون عن الإنجليز فى تسويق الدورى، وفى جذب المشاهدين الإقليميين فى أورويا ثم فى العالم. وفى تغيير مفاهيم ومدارس الكرة الألمانية فاستعان كبير الأندية بايرن ميونيخ ببيب جوارديولا كى يمزج بين التيكى تاكا الإسبانية وبين القوة والسرعة الألمانية. فقد باتت المتعة من أسرار اللعبة ومن أهم عوامل بيعها وتسويقها.. كما روجعت كل قواعد الحضور الجماهيرى وفرضت أنظمة صارمة، وفى الوقت نفسه سمحت بعض الأندية بتذاكر وقوف بين المدرجات وبأسعار أرخص لزيادة عدد المشاهدين فى الملعب، بينما أنتم تعلمون أن واحدا على عشرة من مدرجاتنا تكون وقوفا والباقى خال من الجماهير.

••عودة منتخب مصر لن تكون بتغيير أسماء محل أسماء. ستكون العودة ببناء كامل للكرة المصرية. وأول طوبة فى البناء تغيير الاشخاص الذين يفكرون فى البناء ويتكلمون عن البناء، يحلمون بالبناء، ولا يفعلون أكثر من التفكير والكلام والحلم.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.