حرب أهلية لبنانية فى سوريا - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرب أهلية لبنانية فى سوريا

نشر فى : الأحد 17 سبتمبر 2017 - 10:20 م | آخر تحديث : الأحد 17 سبتمبر 2017 - 10:20 م
نشرت جريدة الحياة اللندنية مقالا للكاتب حازم الأمين جاء فيه، يفترض السياسيون اللبنانيون أننا نحن معشر مواطنيهم مجموعة حمقى، وهم أحيانا يصيبون بافتراضهم هذا وأحيانا يخطئون، ذاك أن واحدنا ليس على سوية ذكاء متواصلة. نخطئ مرة فيجروننا وراءهم، ثم يعود نفر منا ليحاول تصويب شططه.

ومناسبة حفلة جلد النفس هذه، السجال اللبنانى حول ما حصل فى عرسال عام 2014 حين أقدم كل من «داعش» وجبهة النصرة على غزو البلدة وأسر نحو عشرين عسكريا لبنانيا فيها.

يريد العونيون فتح تحقيق بهذه الواقعة بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات عليها، ويلمحون إلى أن المسئول عن قرار عدم إقدام الجيش اللبنانى على تحرير الجنود الأسرى هو رئيس الحكومة السابق تمام سلام وقائد الجيش السابق جان قهوجى.

لماذا لم يدخل الجيش إلى عرسال؟ الهدف من هذا السؤال سياسى وثأرى، لكنه وبموازاة ذلك، ينطوى على درجة عالية من استغباء اللبنانيين! الجميع يعرف لماذا لم يدخل الجيش إلى عرسال. فالبلدة حينذاك كانت تضم نحو مائة وخمسين ألف مواطن لبنانى ولاجئ سورى، وقرار الدخول إليها عسكريا سيعنى مواجهة غير مضمونة النتائج، والجيش كما الحكومة لا يتحملان تبعات احتمالاتها، لا سيما أن الحدود لم تكن واضحة بين مناطق انتشار المسلحين الغزاة، وبين المدنيين من أهل عرسال واللاجئين السوريين. هذا الجواب البديهى يفتح الباب أمام سؤال ثانٍ حملت الإجابات اللبنانية عنه استغباء موازيا لعقول اللبنانيين. هل كانت عرسال بمواطنيها.

ونازحيها بيئة حاضنة للمسلحين الغزاة آنذاك بحيث تمكنوا من التحصن بين المدنيين؟ هناك جوابان عن هذا السؤال، الأول يقول إن المقاتلين الغزاة غرباء عن البلدة، وهم استهدفوا أهلها كما استهدفوا الجيش اللبنانى، والثانى يقول إن عرسال بيئة حاضنة لـ«داعش» والنصرة، وأن لعناصر الجماعتين عائلات فى مخيمات اللاجئين فيها، وأن مواطنين من عرسال سهلوا عملية الغزو هذه. الجوابان يغفلان الحقيقة، على نحو ما تغفل السياسة فى لبنان كل الحقائق.

لمسلحى الجرود المندحرين عائلات فى مخيمات اللاجئين. لا بل إن لبعضهم عائلات من أهل عرسال. ولآخرين منهم عائلات فى طرابلس، لكن كل هذا لا يُغفل حقيقة لبنانية تتمثل فى أن ما يحصل فى سوريا هو أيضا حرب أهلية لبنانية. ثمة مقاتلون «أهليون» لبنانيون يقاتلون مع فصائل تحارب النظام، وآخرون يقاتلون مع النظام.

أهل عرسال والنازحون إليها ضد النظام فى سوريا، وهذه الحقيقة انبنى عليها واقع أهلى وديموغرافى. انبنى عليها أن ثمة عائلات استُقبلت فى البلدة بصفتها ضحية، وهى ضحية فعلا، وعلاقات مع مقاتلين فى الجرود تحولوا لاحقا إلى «داعش» والنصرة واستمرت العلاقة معهم. «حزب الله» تعامل مع هذا الواقع ميدانيا، على الرغم من خطابه التحريضى. الأصداء اللبنانية (المسيحية تحديدا) لخطاب الحزب التحريضى حاولت توظيف هذا الواقع فى مساعيها الثأرية، مغفلة حقيقة أن أى تسوية بين الجماعتين الأهليتين الشيعية والسنية ستكون هى ضحيته. صفقة الباصات نموذج عن هذا الاحتمال، ففى ظلها تم إغفال الحق اللبنانى فى محاسبة قتلة عناصر الجيش اللبنانى.

الدعوة إلى محاسبة من يقف وراء قرار عدم زج الجيش فى مواجهة أهلية، وظيفتها لا تتعدى تجديد التحريض الداخلى. ولكى نصدق أن مطلقيها معنيون بمحاسبة المتساهلين بحياة جنودنا، يجب عليهم أن يرفقوا دعوتهم إلى التحقيق بدعوة إلى التحقيق فى أسباب وموجبات السماح لقتلة الجنود بمغادرة الجرود بالباصات. وهذا باب للاقتصاص من القتلة، مثلما الدعوة إلى التحقيق باب للاقتصاص من المتساهلين بحياة جنودنا.

فى الجزء الأول من التحقيق، يقول تمام سلام إنه مع نشر محاضر اجتماعات مجلس الوزراء لكشف حقيقة ما حصل، أما الجزء الثانى من التحقيق، أى موجبات السماح لقتلة الجنود بمغادرة الجرود سالمين، فهى لدى «حزب الله»، وهذا ما لم يسأله عنه أحد.

الحياة ــ لندن

 

التعليقات