هل آن أوان موسكو فى لبنان؟ - من الفضاء الإلكتروني «مدونات» - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل آن أوان موسكو فى لبنان؟

نشر فى : الإثنين 17 سبتمبر 2018 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 17 سبتمبر 2018 - 9:30 م

نشرت مدونة «ديوان» الصادرة عن مركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط مقالا للكاتب «مهند الحاج على» حول تزايد النفوذ الروسى فى لبنان. لا شك أن موسكو هى العاصمة الأكثر تأثيرا فى سياسات المنطقة فى الوقت الحاضر نظرا إلى الدور الكبير الذى لعبته وتلعبه فى سوريا، لكن هذا الأمر لا يعنى أنها وضعت يدها على لبنان والمنطقة.

النفوذ الروسى فى لبنان آخذ فى الاتساع منذ أشهر عدة، وبات مرتبطا بتطورات رئيسة فى البلاد، من ضمنها أزمة اللاجئين السوريين، وانتشار الشرطة العسكرية الروسية على طول الحدود اللبنانية ــ السورية حسب ما ذُكر، إضافة إلى تشكيل حكومة لبنانية جديدة.

فى يوليو الماضى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تقديم مقترح إلى واشنطن بشأن قيامهما معا بتنظيم عودة ملايين اللاجئين السوريين المُقيمين راهنا فى لبنان والأردن وتركيا. قوبِل هذا الإعلان بالشك فى أوساط المجتمع الدولى والخبراء، ولاسيما أن الروس لم يضعوا بعد خطة مُقنعة لإعادة اللاجئين إلى ديارهم. مع ذلك، أثارت هذه المبادرة ردود فعل إيجابية لدى اللبنانيين، وأصبح عقد الاجتماعات حول هذه المسألة بين المسئولين اللبنانيين والروس فى بيروت أمرا شائعا.

يُعزى الموقف اللبنانى جزئيا إلى شبه هوس اللبنانيين باللاجئين السوريين. فالمسئولون اللبنانيون المعروفون بقلة كفاءتهم وفسادهم وسياساتهم الانقسامية، يسعون إلى إلهاء الرأى العام عن تقصيرهم، من خلال إنحاء لائمة كل المشكلات التى تعانيها البلاد على وجود اللاجئين. وقد بلغت هذه الادعاءات أبعادا سخيفة للغاية. فعلى سبيل المثال، نقل تقرير تلفزيونى أخيرا عن طبيب قوله إن اللاجئين السوريين يقفون وراء ارتفاع معدلات السرطان فى البلاد، لأنهم جلبوا معهم بكتيريا ضارة.

نجحت الولايات المتحدة والدول الأوروبية فى عرقلة الجهود الروسية الرامية إلى إبرام اتفاقية تعاون عسكرى مع لبنان. لكن، تجدر الإشارة إلى أن أى دور روسى من شأنه أن يساعد فى حل أزمة اللاجئين، سيمهد الطريق أمام حدوث تنسيق أمنى وعسكرى بشكل منتظم بين لبنان وروسيا. فى غضون ذلك، يعود مئات اللاجئين أسبوعيا إلى سورية، بعد حصولهم على ضمانات من الجانب السورى. ويلعب المسئولون العسكريون الروس دورا تنسيقيا، نظرا إلى أن هذه المبادرة أطلقتها أساسا وزارة الدفاع. ويُزعم أن الروس قد يسروا شروط العودة، وشمل ذلك تحديدا إعفاء العائدين من الخدمة العسكرية والتدقيق الأمنى.

لا تزال أعداد العائدين منخفضة نسبيا، مقارنة مع الكم الهائل من اللاجئين السوريين. وإذا استمرت هذه الأرقام على حالها، مع عودة بضع مئات اللاجئين أسبوعيا فقط، قد تستغرق هذه العملية سنوات، لا بل عقودا. فى الوقت الراهن، لم يُحدَد بعد إطار زمنى واضح لإعادة اللاجئين السوريين، ما يعنى أن الفرص متاحة لتعزيز التنسيق بين لبنان وروسيا، وتوطيد العلاقات المشتركة بين البلدين، ومنح الدبلوماسية الروسية نفوذا أكبر.
ترافق هذا المجهود مع تزايد عدد المسئولين اللبنانيين الذين زاروا موسكو. فمع إحكام النظام السورى وحلفائه السيطرة على معظم الأراضى السورية، باستثناء مناطق واقعة فى شرق البلاد وشمالها، يعكف المسئولون والساسة اللبنانيون، ومن ضمنهم أولئك الذين يدعمون الثورة السورية، على زيارة العاصمة الروسية.

***

كان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريرى قد ناقش بصراحة مبرراته للدور الأكبر الذى تلعبه روسيا. فعندما سُئل فى مقابلة مع يورونيوز حول التعامل مع الرئيس السورى بشار الأسد، قال إنه يفضل التعامل مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. كانت إجابته بسيطة: «روسيا هى من يسيطر على سوريا. لذلك سنتعامل مع الروس».
كما تحدث الحريرى عن العلاقة التى تجمعه بروسيا واصفا إياها بـ«الجيدة جدا»، مضيفا: «تجمعنى علاقة جيدة بالرئيس بوتين، فهو رجل أحترمه كثيرا وأعتقد أنه شخص يمكننا العمل معه». والحال أنه بالنسبة إلى الحريرى وغيره، روسيا تُعتبر وسيطا قويا قادرا على تأمين قناة غير مباشرة بين النظام السورى وخصومه اللبنانيين.
لكن هذا الموقف لا يعكس الحجم الكامل للدور المتنامى الذى تضطلع به روسيا فى لبنان. فقد أُقحمت موسكو أخيرا فى خلاف مثير للجدل داخل المجتمع الدرزى فى البلاد، حيث يعارض الزعيم الدرزى وليد جنبلاط تعيين منافسه السياسى الدرزى الموالى لسورية، طلال أرسلان، فى أى حكومة جديدة. وقد باتت هذه المسألة عقبة كأداء فى وجه عملية تشكيل الحكومة، بعد مرور أربعة أشهر على الانتخابات البرلمانية فى مايو.

وكان تيمور، نجل جنبلاط ووريثه السياسى، قد زار موسكو مرتين، خلال الأشهر القليلة الماضية، للقاء مسئولين روس، من بينهم المُمثل الخاص للرئيس الروسى لشئون الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف. وقد حل أرسلان ضيفا على وزارتَى الدفاع والخارجية فى موسكو، والتقى مسئولين كبارا بمن فيهم بوجدانوف، على الرغم من أن هذه الخطوة أثارت ذُعر جنبلاط ونجله. وسعى أرسلان إلى استغلال هذه الزيارة وتوطيد علاقاته مع موسكو، وأشاد «بالسياسة الحكيمة والثابتة والواضحة للرئيس فلاديمير بوتين وإدارته المميزة لتحقيق السلم العالمى ومحاربته للإرهاب التكفيرى بكافة أوجهه ومن يقف خلفه على المستويين الإقليمى والدولى»، مؤكدا أن «روسيا تشكل بالتوازن الذى فرضه الرئيس بوتين على العالم حماية للأحرار والشعوب المستضعفة فى العالم».

***

هذا ولا ينفك التصور اللبنانى للقوة الروسية فى المنطقة يتنامى. فخلال الشهر الماضى، صرح مسئول لبنانى لصحيفة الأنباء الكويتية بأن مسئولين فى الأمن القومى الروسى اقترحوا على نظرائهم الأمريكيين فى اجتماع عُقد الشهر الماضى فى جنيف أن تقوم روسيا بنشر لواء من الشرطة العسكرية على مسافة 20 كيلو مترا داخل الأراضى اللبنانية لتسهيل عودة اللاجئين السوريين. وزُعم أن مستشار الأمن القومى فى الولايات المتحدة جون بولتون رفض هذا الاقتراح، بيد أن مجرد قيام مسئول لبنانى بتسليط الضوء على كيفية سعى روسيا إلى التمتع بدور أكبر فى البلاد والمنطقة، كان مفعما بالمعانى.

لكن، سواء أبصر اقتراح عودة اللاجئين السوريين النور أم لا، فالوجود العسكرى لروسيا ونفوذها فى سورية سيؤثران على السياسة اللبنانية فى المستقبل المنظور. والحال أن موسكو لم تُظهر حماسة لتولى مثل هذا الدور القيادى وحسب، بل أبدت أيضا استعدادها لاستثمار الوقت والموارد الضرورية لبلوغ هذه الغاية. وبهذه الطريقة، وبعد إنقاذ نظام الأسد، قد تُطالب بلبنان كإحدى غنائمها من الصراع السورى.

النص الأصلي

التعليقات