لماذا يلجأ بعض الإعلاميين لقنوات الإخوان؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 3:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يلجأ بعض الإعلاميين لقنوات الإخوان؟!

نشر فى : الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 - 8:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 أكتوبر 2017 - 8:35 م

أخطأت الحكومة وأجهزتها خطأ فادحا، حينما هدمت منزل الزميل الصحفى سليمان الحكيم فى مدينة فايد بالإسماعيلية يوم الخميس الماضى.
ليس فقط أخطأت، بل خسرت كثيرا من صورتها. ستقول الحكومة إن منزل الحكيم مبنى من دون ترخيص، وأنها تنفذ صحيح القانون.
وهو كلام صحيح مائة فى المائة، لو أنه مطبق على الجميع وفى كل الأوقات، وليس مرتبطا بحادثة محددة. وسيرد بعض أنصار الحكومة قائلين: العبرة أنه مخالف، وبالتالى فليس للحكيم أو غيره حق الشكوى. والإجابة أو الرد على هؤلاء، هى أن ما وصل إلى الجميع، هو أن الحكومة تنتقم من سليمان الحكيم، لأنه سافر إلى تركيا وحل ضيفا على إحدى القنوات الإخوانية، وتحدث بصورة شديدة السلبية عن السياسات الحكومية.
ومهما قدمت الحكومة من ادعاءات فلن يصدقها أحد، بل سيرى أنها فتكت وبطشت بمواطن لمجرد أنه تحدث بصورة لا تعجبها، لأنها هناك ملايين الوحدات والمبانى والمنشآت المخالفة للقانون.
ما سبق يتعلق بالجانب الهين والبسيط من الموضوع رغم كارثيته، لكن الجوهر هو أن الحكومة لا تريد من الصحفيين والكتاب والمفكرين وسائر النخبة المصرية الظهور فى الفضائيات التابعة لجماعة الإخوان، والتى تبث من قطر وتركيا وبريطانيا، وربما أماكن أخرى.
حسنا، يمكن تفهم موقف الحكومة فى هذا الشأن، لأسباب كثيرة، منها أن بعض هذه القنوات تبث تحريضا سافرا على العنف والإرهاب، ولهذا السبب فإن غالبية الكتاب والصحفيين المصريين يرفضون الظهور فيها، حتى لو كان بعضهم معارضا أصيلا لمعظم سياسات الحكومة المصرية.
السؤال الجوهرى هو: إذا كانت الحكومة لا تريد من النخبة المصرية عدم الظهور فى وسائل الإعلام الإخوانية، فهل يكون ذلك بهدم بيوتهم، أم بإتاحة حد أدنى أو هامش من حرية الرأى داخل مصر، بحيث يظهرون فيها، ويكسب الجميع، الحكومة والمثقفين؟!
هل سألت الحكومة نفسها سؤالا بسيطا وهو: ما الذى يدفع كتابا وصحفيين ومثقفين مختلفين كليا مع جماعة الإخوان فى الظهور على فضائياتهم، التى يفتقر معظمها للحد الأدنى من القواعد المهنية، ويتورط بعضها فى تحريض فج على العنف والإرهاب؟!
فى اللحظة التى أغلقت فيها الحكومة النوافذ أمام كل الأصوات المختلفة، كانت النتيجة أن بعضهم فضل «الخيار الشمشونى الانتحارى» وهو العمل أو الظهور فى هذه الفضائيات.
لماذا لا تسأل الحكومة نفسها أيضا.. أيهم كان أفضل: أن يسافر الإعلامى يسرى فودة للعمل فى فضائية دويتشة فيللا الألمانية، أم يظل موجودا فى القنوات المصرية؟!
ظنى الشخصى أن يسرى وغيره إذا استمروا فى مصر، كانوا سيلتزمون بالخطوط العامة للمعارضة المعتدلة.
سؤال آخر: من الذى كسب من وراء إسكات صوت الزميل الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى؟!، يعتقد كثيرون أن الحكومة استراحت من «صداع عيسى»، لكن ظنى ان خسارتها الاستراتيجية كبيرة.
أعرف كثيرين كانوا يشاهدون ابراهيم عيسى، ولا يشاهدون القنوات الإخوانية، فى اللحظة التى توقف فيها مكرها، كان من المنطقى أن يتوجه بعض هؤلاء إلى هذه القنوات مكرهين أيضا. وبالتالى لا تلوم الحكومة إلا نفسها، حينما تشجع بعض المصريين وتدفعهم دفعا إلى قنوات الإخوان.. فمن الذى كسب ومن الذى خسر؟!
أعرف وأدرك أن المسألة ليست بهذه السهولة، وقد ينظر إليها البعض باعتبارها ساذجة ومغرقة فى المثالية، لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح.
أتمنى أن تدرك الحكومة القواعد والنتيجة الحتمية لهذه السياسة، وهى ببساطة أنها كلما ضيقت على الأصوات المختلفة، فسوف يظهرون هنا أو هناك، وأغلب الظن أنهم سيتصلبون ويتشددون فى آرائهم وأفكارهم، وقد يلجأ بعضهم إلى خيارات يراها بعضنا جنونية أو انتحارية!
من مصلحة الحكومة الشخصية، قبل أن تكون مصلحة المجتمع، أن يكون هناك حد أدنى من هامش حرية، يتنفس فيه الجميع، لأنه لا يمكن كبت أصوات الناس طول الوقت، وحتى إذا حدث ذلك فعواقبه وخيمة، وأبسطها الهجرة العكسية لبعض الإعلاميين باتجاه قنوات ومنابر اعلامية، يعرفون أكثر من غيرهم أنها أسوأ وأضل سبيلا!
حتى هذه اللحظة لا أعرف السر وراء أن الحكومة تصر إصرارا عجيبا على خسارة الجميع، ومجانا!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي