الإسلام كما أدين به - جمال قطب - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به

نشر فى : الخميس 17 نوفمبر 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : الخميس 17 نوفمبر 2016 - 9:40 م
الإنسان حر فى اختيار عمله وطرق كسبه، ليس فى ذلك شك. ولكن الفطرة والعقل والدين والحضارة العالمية تفرض على الإنسان قيم الاكتساب والمبادئ التى يجب مراعاتها فى اكتساب المال.. ومما أشار إليه القرآن الكريم من قيم الاكتساب (العمل) قيم «الحلال» و«الطيب». فما هو «الحلال» وما هو «الطيب».

ــ1ــ

«المال الحلال» هو ما تأتى به من مصادر نظيفة شفافة لا تخفيها على الناس ولا تخشى أن يراك الناس وأنت تصنعها، والمصادر النظيفة للكسب أبرزها ثلاثة:

• الجهد الشخصى الذى لا يسبب ضررا للآخرين

• الإرث الشرعى إذا وجد

• الهبة ممن يملكها إلى من يحتاجها

وأفضل أنواع الكسب هو العمل الشخصى سواء كان عملا يدويا أو عملا عقليا ذهنيا، أو عملا تمويليا (بالمال).. فالإنسان فى رحلة حياته يتنقل من العمل اليدوى (الجهد المباشر) إلى العمل العقلى الإدارى أو التنظيمى (الجهد غير المباشر)، إلى العمل التمويلى (العمل بالمال)، وذلك حسب قدرته وحسب الظروف المحيطة به.

ــ2ــ

والعمل الحلال فى أنواعه الثلاثة (يدوى/ عقلى/ مالى) مشروط بأولويات لا يمكن تجاوزها.. فلابد لكل مجتمع من إنتاج الحيويات والضروريات قبل غيرها). وهذه الحيويات هى التى أشار القرآن الكريم إليها بقوله تعالى: ((إنَّ لَكَ أَلَا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)).

الطعام والكساء والشراب والسكن والعلاج.. هذه المجالات الخمسة لابد أن تستوفى قبل أى استثمار.. بل قبل السلاح، فأمن الضرورات التى ذكرناها جدير أن يحقق مستويات عليا من الأمن، ويحقق درجات عالية من الاستقرار، كما يساعد فى توحيد طاقات الأجيال إلى الإعمار والابتكار والتنافس الخلاق.

ــ3ــ

وإذا ذكرنا الإرث الشرعى، فيجب أن نعلم جميعا أن الآباء غير مكلفين بترك إرث وثروة للأبناء، ولا يعاب والد أو والدة لم تترك لأبنائها إرثا.. إنما يعاب الآباء والأمهات إذا تركن أولادهم غير قادرين على العمل الشريف، والعمل الحلال، والعمل النظيف، والعمل المتقن.. وجميع القراء الأعزاء ليسوا فى حاجة إلى تذكيرهم بحضارات راسخة وواعدة مثل اليابان والصين، وإن بعضا من أصول هاتين الحضارتين العمل فى جمع القمامة بل ترتيب جمعها وإعادة تدويرها ثم تصنيع ما يخرج منها وبيعه لبلاد مثل بلادنا.. فالعمل المنتج ينبغى أن يراعى وطنيا وأن تتبناه الحكومات ويسانده الإعلام..

ونتعلم جميعا أن يعتمد كل جيل على عمله وسعيه وإنتاجه، أما أن تطول الطفولة فتمتد إلى 40 سنة وترى الآباء والأمهات يعملون بعد سن الـ 60 ليطعموا أبناء فوق الـ 30 والـ 40 !!!

ــ4ــ

أما المصدر الأخير لاكتساب المال فهو الهبة ممن يملكها لمن يستحقها، وإذا كانت الهبة من مالك الخاص إلى غيرك فلا بأس بها. أما إذا كانت من المال العام!!! لعل الخبثاء يقولون إن الحاكم يملك العطاء، وله حق الإعطاء لأى إنسان. فذلك قول فاجر، فالحاكم أى حاكم وإن كان نبيا أو رسولا لا يملك شيئا غير الدلالة.. وإذا كان للحاكم أن يعطى أحدا من المال العام (الإقطاعيات/ الهبات/ المزادات/ المناقصا... إلخ)، فلابد وأن تكون مشروطة مقننة يعود أغلب ثمرتها إلى الاستحقاق العام.. أما أن تحتكر فئة من الناس خيرات البلاد ولا سند لهم إلا محاباة الحكام والمنافع المتبادلة بينهم وبين الحكام، فذلك شر.. بل هو أوسع أبواب الشر وأكثر أسباب القلاقل.. ولذلك حمل القرآن الكريم حملة شعواء على الفساد والإفساد والمفسدين.
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات