باشا مصر! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

باشا مصر!

نشر فى : الجمعة 17 نوفمبر 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الجمعة 17 نوفمبر 2017 - 9:30 م
خلال شهر يوليو الماضى، قام شاب من محافظة الغربية، برفع اللوحات المعدنية الخاصة بسيارته ووضع مكانها لافتة كتب عليها «باشا مصر»، والسير بها فى شوارع مدينة طنطا فى تحد صارخ للقانون، وهو ما أثار وقتها استهجان وغضب الرأى العام، الأمر الذى دفع أجهزة الأمن إلى التحرك سريعا حتى تمكنت من إلقاء القبض على الشاب واتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضده.

هذه الواقعة أثبتت أنه لا احد فوق القانون، وان من ادعى انه «باشا مصر»، ليس أكثر من مجرد «باشا مزيف» لم يجد من يدعمه أو يسنده أو«يحنو عليه» وقت الحاجة، لكن هذا الأمر لا يعنى على الإطلاق، عدم وجود «باشوات حقيقيين» فى هذا البلد، يعيشون فوق القانون ولا يستطيع أحد الاقتراب منهم أو محاسبتهم، وأبرزهم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى.

فمنذ ثلاثة أيام، ألمحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى، إلى أن« اللواء حبيب العادلى، يعمل مستشارا لولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، وأن حملة الاعتقالات التى قام بها بن سلمان فى إطار حملة لمكافحة الفساد فى السعودية، جاءت بعد استشارة هذا المسئول الأمنى المصرى الأسبق».

وبالرغم من مرور هذه الأيام الثلاثة، فإنه لم يصدر أى نفى رسمى من قبل الأجهزة المعنية فى الدولة، وأن النفى الوحيد الذى صدر، جاء من فريد الديب، محامى العادلى، الذى كذب ما نشرته الصحيفة الأمريكية، وأشار إلى ان «موكله لم يغادر مصر، ولا يعمل بالمملكة العربية السعودية».

تأخر النفى الرسمى ــ وهو الأمر المعتاد فى مصر ــ قد يفتح المجال أمام تصديق ما نشر، ويترك انطباعا لدى قطاع واسع من الشعب، بأن أجهزة الدولة لا تقوم بمهمتها الأساسية المتمثلة فى تطبيق القانون على الكبير والصغير فى البلاد، حتى يشعر الجميع بأنهم سواسية فى الحقوق والواجبات، وأنها ــ سواء بقصد أو من غير قصد ــ تحمى الوزير الأسبق وتغض الطرف عن تطبيق القانون بحقه.

فالعادلى لا يزال يحاكم فى قضية «فساد الداخلية»، التى صدر بحقه حكم أولى بالسجن 7 سنوات، ومطلوب ضبطه وإحضاره على ذمتها، ومن المقرر نظر القضية أمام محكمة النقض فى جلسة 11 يناير المقبل. وكان العادلى يخضع للإقامة الجبرية بمنزله منذ نوفمبر 2016، قبل أن تصدر المحكمة حكمها، ولحظة تنفيذ الحكم اكتشفت وزارة الداخلية هروبه من منزله، وأرسلت خطابا رسميا إلى نيابة وسط القاهرة فى 15 مايو الماضى، يفيد بهروب العادلى أثناء تنفيذ الحكم الصادر ضده.

القضية بلا شك جد خطيرة.. فإذا كان ما نشرته الصحيفة الأمريكية حقيقيا، فكيف إذن سافر العادلى للعمل مستشار لولى العهد السعودى، وهو مطلوب ضبطه وإحضاره لتنفيذ حكم حبسه 7 سنوات»؟.. أما اذا كان المنشور غير حقيقى، فلماذا هذا الصمت وغياب النفى الرسمى، الذى يترك الكثير من علامات الاستفهام ويلحق الضرر بمؤسسات الدولة المختلفة؟. 

الأمر يحتاج بالفعل إلى تحرك سريع من قبل أجهزة الدولة ــ خصوصا من وزراة الداخلية ــ لتكذيب ما نشر فى الصحيفة الأمريكية، ليس فقط لتهدئة الرأى العام الذى يثير غضبه واستهجانه استمرار هروب العادلى من تنفيذ الحكم الصادر بحقه، وانما لإرسال رسالة إلى الجميع مفادها انه لا احد فوق القانون، وأن الدولة جادة فى ملاحقة كل من يتورط فى قضايا فساد مهما كان منصبه أو وضعه فى المجتمع.

كذلك، فإن وزارة الداخلية ــ فى هذه المرحلة المصيرية فى عمر الوطن، التى تواجه فيها خلايا الإرهاب التكفيرى، وتقدم خلالها الكثير من التضحيات ــ تحتاج إلى تكاتف جميع شرائح المجتمع معها حتى يتم القضاء نهائيا على هذه الظاهرة، وهذا الأمر لن يحدث إلا إذا شعر جميع المواطنين بأن القانون يطبق على الجميع من دون استثناء أو محاباة.

 

التعليقات