القطاع التعاونى.. ملياردير يبحث عن دور - وائل زكى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القطاع التعاونى.. ملياردير يبحث عن دور

نشر فى : الأحد 17 ديسمبر 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : الأحد 17 ديسمبر 2017 - 9:05 م
القطاع التعاونى يعتمد عليه حوالى نصف قطاع التأمين فى السويد، أكثر من 75% من التسويق الزراعى وأكثر من 60% من صناعة الحليب والأجبان فى كندا، 40% من تجارة فنلندا، 50% من القطاع الزراعى فى ألمانيا قائم على التعاونيات، إضافة إلى 20% من قطاع البنوك، 13% من إنتاج الكهرباء فى الولايات المتحدة يقوم بها القطاع التعاونى، تبلغ مساهمة القطاع التعاونى فى الدنمارك 97% فى قطاع جمع الحليب 38% فى القطاع الاستهلاكى، 70% من النشاط الاستهلاكى فى الكويت، إضافة إلى عشرات من الأمثلة الدالة على قدرة وقوة القطاع التعاونى فى دول متقدمة أو غنية، نجد قطاعا تعاونيا فاعلا فى الهند وتركيا وكولومبيا التى تصل مساهمة القطاع التعاونى إلى ربع الخدمات فى مجال الصحة، وما بين المساهمة فى الاقتصاد إلى الخدمات التى ترفع عن كاهل الدولة عبئا تنوء به إداريا واقتصاديا.
وفى عام 1908 أتمت الحركة التعاونية فى مصر مئويتها الأولى، بعدما وصلت ديون الفلاحين لبنوك الرهونات أكثر من 25 مليون جنيه عام 1907، وبلغت فوائد الديون ما يقرب من 32 ضعف أصل الدين، وقام البنك العقارى بنزع ملكية أكثر من مليون فدان، أنشئت أول شركة تعاونية عام 1910، ثم صدر القانون التعاونى المصرى ــ القانون رقم 27 لسنة 1923، وتأسست 135 جمعية تعاونية خلال عامين، وفى عام 1931 أنشئ بنك التسليف الزراعى لإقراض الجمعيات التعاونية، ثم أوجب قانون الإصلاح الزراعى إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية فى الأراضى التى نزعها القانون ووزعها على صغار الفلاحين، وقامت التعاونيات بإقراض الفلاحين بضمان المحصول دون التقيد بضمان الأرض، وتنوعت إسهامات الجمعيات التعاونية فى مصر ما بين تعاونيات الإسكان والإنتاج والاستهلاك وغيرها وإن ظلت الزراعية تمثل حوالى 80% من عدد الجمعيات التعاونية.
***
ولن أعرج على تفنيد مشاكل التعاونيات العديدة التى تبدأ بالإشكاليات الإدارية والفنية إلى مشاكل التمويل حتى علاقتها بنظم الحوكمة واستراتيجيات العمل بها، ولكن أركز على مدى ما يمتلكه هذا القطاع الاقتصادى من إمكانات يمكن تفعيلها داخل الخطط الحكومية كشريك استراتيجى فى تنفيذ الخطط الاقتصادية والخدمية فى مصر، وهو ما سعت إليه الدولة بتدخلات عدة فى تنظيم القطاع ثم تطوير أدائه من خلال تطوير الإطار التشريعى الذى يحكم ذلك القطاع ما بين عامى 1975 و 1990، ويتبع كل نوع من نوعيات الجمعيات التعاونية الوزارة المنظمة لقطاعه، فالزراعية تتبع وزارة الزراعة والاستهلاكية تتبع التموين والإنتاجية تتبع المحليات وتعاونيات الثروة المائية تتبع الرى وتعاونيات الإسكان تتبع الإسكان، وتجمعهم مظلة الاتحاد العام للتعاونيات فيما عدا التعاونيات التعليمية التى تتبع وزارة التربية والتعليم.
يشير الدكتور أحمد عثمان رئيس الاتحاد العام للتعاونيات فى استعراضه لدور الحركة فى تحديث مصر حتى عام 2020، إلى أن حجم العضوية فاق العشرة ملايين عضو، وأكثر من 14 ألف جمعية، وبحساب إجمالى حجم المساهمات المالية فى جميع نوعيات التعاون الواردة بالدراسة نجدها تفوق 40 مليار جنيه، أكثر من نصفها فى مجال الزراعة وأكثر من ربعها فى مجال الإسكان، وتدل تلك الأرقام على أن أكثر من نصف سكان مصر لهم علاقة بالتعاونيات ويديرون اقتصادا منتظم الحسابات ومراقبا ماليا، ويتضاعف الرقم إذا أضيف إليه مقدار أصوله الثابتة، أضف إلى ذلك بنوكا عاملة هى بالأساس أسست لتدعم الحركة التعاونية مثل البنوك التجارية وبنك التنمية والائتمان الزراعى وبنك التنمية الصناعية وبنك الإسكان.
وارتكزت استراتيجية الحركة التعاونية فى مصر على ترجمة الاعتراف بدورها لإجراءات تفى باحتلال القطاع التعاونى أهميته النسبية داخل الاقتصاد القومى، وتطوير التشريعات المنظمة بما تتوافق مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتعكس قدرة القطاع ودوره كأحد مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وبناء وتحديث المجتمع المصرى، وهو فى الواقع إن كان يشير إلى قدرة هذا القطاع على توفير فرص عمل وانخراط قطاعات كبيرة من التخصصات المختلفة فى فتح مجالات عمل متنوعة ومتدرجة فى إمكاناتها المادية، فهو يلمس ما يعانيه هذا القطاع الضخم من تهميش أو النظرة إليه كما لو كان نشاطا لملء وقت فراغ المواطن وممارسة هوايات مفيدة، وما ينتجه هو إضافة كبرت أم صغرت فهو عمل أهلى قد يلام فقط القائمين عليه لعدم النجاح أو يشكر عند رضا الأعضاء أو يدار بشكل روتينى يكفى نتيجته عدم وجود مخالفات مالية دونما النظر بالجدية الكافية نحو اضطلاع هذا القطاع بدور اقتصادى اجتماعى أشد ما نحتاج إليه فى هذه الآونة.
***
إحدى مشاكل التعامل مع المناطق العشوائية هى عشوائية التعامل مع سكانها، ما بين التدخل الحكومى إلى إغراءات المستثمرين بتعامل تجزيئى مع سكان المنطقة إلى مصالح وطموحات السكان وأحيانا قناعتهم أو طمعهم، ولكن تظل العشوائية تحكم فى نهاية المطاف أساليب التعامل وفرض الأمر الواقع أو فرض التوجه الاستثمارى أو الحكومى، فماذا لو فرضنا دعوة تلك المناطق للانخراط فى شكل من أشكال تعاونيات الإسكان بهدف تطوير منطقتهم أو إيجاد البديل وبدعم استثمارى وحكومى؟ ألم يصل بذل التكاليف الحكومية لتطوير المناطق العشوائية وإيجاد بدائل سكن لقاطنيها إلى عشرات من مليارات الجنيهات؟ ألا يحصل المستثمرون على أراضٍ لبناء مجتمعات خاصة (كمباوندات) دونما تشجيعهم لتولى مسئولية نحو المشاركة فى تطوير تلك المناطق بشكل يدر عليه الأرباح التى يطمح إليها وبتنظيم لعمله وعلاقته بالمنطقة العشوائية وسكانها.
***
يمكن تشجيع المستثمر على تطوير المنطقة وعمل بدائل إسكان لقاطنيها مقابل الانتفاع بالمنطقة ويمكن تخصيص منطقة أخرى يقيم عليها مجتمع خاص (كمبوند) طبقا لجدوى الاتفاق، وتقوم الحكومة بدور المنظم والحكم بين المستثمر والسكان، ويتبقى فى هذا التوجه إشكالية التعامل مع السكان، هل تفرض الحكومة شكل التعامل وتجبر السكان على التخلى عن منطقتهم؟ أم تبحث عن بدائل تمثيل السكان بعيدا عن السماسرة وأصحاب المصالح، يمكن تشجيعهم بما لا يتعارض مع طوعية العمل التعاونى لتكوين تعاونية تسهم كشريك مع المستثمر فى مشروعه وتضمن التعاونية لكل مساهم فيها حقه، أيمكن ذلك؟ هل تعلم أن فى مشروع تطوير جبل عمر بمكة المكرمة أتيح لأصحاب المبانى القديمة المساهمة فى المشروع، كانت المساهمات فردية واختيارية، وضمنت لهم الحكومة حقوقهم حتى إن صاحب المشروع عوضهم عند تأخره فى إنهاء المرحلة الأولى، وقد يكون الشكل الأنسب فى مصر لتطوير منطقة عشوائية بمشاركة الأهالى إتاحة تكوين تعاونية لها شخصية اعتبارية وتشارك المستثمر تحت إشراف وتنظيم تشريعى وضمانة حكومية.
وائل زكى استشاري التخطيط العمراني وعضو مقيم عقاري بلجان طعون الضرائب العقارية، ويعمل كأستاذ للتخطيط العمراني وتاريخ ونظريات تخطيط المدن ومدرب معتمد إدارة المشروعات
التعليقات